حتى يوم أمس ، كان باعتقادي بأننا قد تقدمنا كثيراً في ملف حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة ، خاصة وان لدينا قانون منذ عام 2017 , يتناول حقوق هؤلاء الأشخاص الذين هم مكون اساسي في التركيبة السكانية
و لكن تملكني شعور بالإحباط ، بأننا ما زلنا حتى يومنا هذا لا نملك قاعدة بيانات شاملة تبين اعداد الأشخاص ذوي الإعاقة ، و فئاتهم العمرية و لا حتى توزيعهم الجغرافي في المملكة كذلك لا تتوفر مسوحات او احصائيات عن نوع و درجة الإعاقة لهم ، حتى يتم تفعيل النصوص القانونية من خلال إعداد الدراسات البحثية المتخصصة و بالتالي تمكن الجهات المعنية بحقوقهم و قضاياهم من للإطلاع عليها ،
للخروج بالتوصيات المناسبة و اعداد الخطط الملائمة لتقدير و معرفة احتياجاتهم و تقديم الخدمات الازمة لهم .
و هذا الامر ليس بجديد ، فقد عانى منه الاشخاص ذوي الاعاقة اثناء العملية الانتخابية الاخيرة ، فقد تعذر الوصول لاعداد الناخبين المسجلين لغايات الإقتراع و نسبة التوزيع الجغرافي لهم ، كذلك لم يتم الاستدلال على نسبة المتخلفين منهم عن ممارسة حقهم بالانتخاب نتيجة لعدم توفير هذه البيانات و الميسرات البيئية لهم و بسبب أن معظم اماكن الاقتراع غير مهيئة لاستقبال الناخبين من ذوي الإعاقة بمختلف اشكالها مما شكل مساساً و اخلالاً بممارسة حقهم في الانتخاب و الإقتراع اسوة بغيرهم.
وقد بات من غير المقبول و نحن ندخل بالمئوية الثانية من عمر الدولة الاردنية أن نقف مكتوفي الايدي امام إنجاز هذه المسوحات و الاحصائيات، فكيف لبرامج التمكين الاقتصادي و السياسي أن تتم في ظل عدم توفر قاعدة البيانات الخاصة باعداد الأشخاص ذوي الإعاقة و ما يتبعه من توزيعهم الجغرافي و نوع الإعاقة و غيرها ، و لا تزال كثير من الجمعيات و الجهات المعنية لهذا الملف تعتمد المسوحات التي أجريت في عام 2015
فكيف لنا أن نستند في مشاريع تمكينهم على إحصائية قد مر على اجراءها بما يقرب من العشر سنوات ، حتى أن النسبة التي اشارت اليها الإحصائية او الدراسة فيما يتعلق بنسبة البطالة بين الأشخاص ذوي الإعاقة ايضاً نسبة لا يجوز الركون اليها
ليس فقط لكونها دراسات قديمة و إنما لكونها أجريت قبل فترة جائحة كورونا ، و نحن نعلم جمبعاً بأن هذه الجائحة ارخت بظلالها على كافة شرائح و قطاعات المجتمع ، فما بالنا بانعكاساتها على الأشخاص من ذوي الإعاقة
و من هنا يجب علينا الإسراع في اعداد قاعدة البيانات هذه قبل الولوج في خضم معترك الحملات الانتخابية و ما قد يترتب عليها من تجاوزات على الحق في الإنتخاب ، و قبل أن تتقدم الجمعيات و مؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق هؤلاء الأشخاص بمشاريع المطالبة بتوفير التمويل و الدعم للقيام بعمل الحملات و المبادرات التي تهدف الى تحقيق اهداف التنمية
و تشجيع ذوي الإعاقة في الانخراط بالعمل السياسي و الحزبي ، و في الوصول الى مراكز صنع القرار ، و قبل هذا و ذاك تمكينهم اقتصادياً و مهنياً ، و ضمان التزام الجهات الحكومية و الخاصة بنسبة التعين المخصصة لهم حسب القانون و ترفير البيئة الملائمة لهم للعمل و التعليم و في كافة المجالات لضمان عدم ترك أي أحد خلف الركب .