أكد خبراء وباحثون أن اتفاقيات السلام الإبراهيمية غيرت مسار الشرق الأوسط برمته، وأثبتت فاعليتها وبُعد نظر الحكومات التي وقعتها، والتي أرادت من خلالها أن ترسم مستقبلاً أكثر إشراقاً لهذه المنطقة المهمة من العالم، من خلال إعلاء قيم التعاون والحوار والشراكة كأساس ومنطلقٍ لتحقيق السلام والازدهار المنشودِ لجميع دول المنطقة وشعوبها.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات في مقره بأبوظبي، بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لتوقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، ناقشت تأثيراتها وآفاق اتفاقيات السلام المنشود.
وأوضح المشاركون في الندوة أن النتائجَ المهمةَ التي أفرزتها السنوات الثلاث الماضية منذ توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية تجعلنا متفائلين بأنها ستؤدي في النهاية إلى بناء شرق أوسط مستقر ومزدهر، وهو الهدفُ الاستراتيجي لهذه الاتفاقيات. وشددوا على أهمية إدراك الروابط بين الشعوب، التي تشكل الأساس الذي يقوم عليه التعاون المستقبلي بين البلدان الموقعة على الاتفاقيات.
مستقبل أكثر إشراقاً
وقد بدأت الندوة الحوارية بكلمة للدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لـ"تريندز"، الذي رحب بالحضور والمشاركين، مؤكداً أن اتفاقيات السلام الإبراهيمية أثبتت فاعليتها وبُعد نظر الحكومات التي وقعتها، مشيراً إلى أنها ترسم مستقبلاً أكثر إشراقاً لهذه المنطقة المهمة من العالم، من خلال إعلاء قيم التعاون والحوار والشراكة كأساس ومنطلقٍ لتحقيق السلام والازدهار المنشودِ لجميع دول المنطقة وشعوبها.
وأضاف أننا اليوم وبعد ثلاثِ سنوات من توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية بدأنا نجني ثمارَ هذا النهجِ الجديد للتعاون والشراكة، سواءً على صعيد زيادة حجم التعاون الاقتصادي والتجارة المشتركة بين دول المنطقة، أو على صعيد تبادل الخبرات والاستثمارات، لاسيما في المجالات المتعلقة بالتكنولوجيا والطاقة.
واختتم الدكتور العلي كلمته بالقول إنه على الرغم من اعترافِنا بأن هناك تحدياتٍ تواجه مستقبلَ التعاونِ الإقليمي، الذي وَضعت أُسُسَه هذه الاتفاقيات الإبراهيمية، فإن النتائجَ المهمةَ التي أفرزتها تجعلنا متفائلين بأنها ستؤدي في النهاية إلى بناء شرق أوسط مستقر ومزدهر، وهو الهدفُ الاستراتيجي لهذه الاتفاقيات.
إدراك أهمية الروابط بين الشعوب
من جانبها أكدت الأستاذة اليازية الحوسني، مديرة مكتب الاتصال الإعلامي في "تريندز" في مداخلة بعنوان "الروابط بين الشعوب كأساس للتعاون المستقبلي بين الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم" أن الاتفاقيات الإبراهيمية في جوهرها أكثر من مجرد مجموعة من الاتفاقيات الدبلوماسية؛ فهي ترمز لاجتماع دول فرقتها الانقسامات السياسية طويلاً، ومن ثم تحمل عبء قرون من التاريخ والصراع والتطلع إلى غد أفضل.
وقالت إن الدبلوماسية وحدها ليست ضماناً لديمومة نجاح الاتفاقيات الإبراهيمية، مشيرة إلى أهمية إدراك الروابط بين الشعوب التي يقودها الشباب، وتسهلها وسائل التواصل الاجتماعي، موضحة أنها الأساس الذي يقوم عليه التعاون المستقبلي بين البلدان الموقعة على الاتفاقيات.
وشددت على دور الدبلوماسية الثقافية ودور وسائل التواصل الاجتماعي، في المساعدة على أنسنة "الآخر" وتعزيز التفاهم بشكل لم يكن من الممكن تصوره يوماً.
نقطة تحول استراتيجية
بدوره أوضح الدكتور حمد إبراهيم العبدالله، المدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية الدولية والطاقة "دراسات" في مداخلة بعنوان "توطيد السلام والتعاون الإقليمي: ما ينبغي القيام به" أن توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية شكل نقطة تحول استراتيجية في الشرق الأوسط، وهي منطقة عانت، على مدى عقود طويلة، صراعات ذات جذور وأبعاد أيديولوجية وفكرية. وقال إن الهدف الأساسي لتوقيع هذه الاتفاقيات هو تعزيز قيم التسامح والتعايش.
وأشار إلى أن دول الخليج العربية تلعب دوراً أساسياً في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين من خلال دعم التعاون المتعدد الأطراف، لافتاً إلى أن الاتفاقيات الإبراهيمية وفرت إطاراً مهماً لهذا التعاون.
وقال إنه على الرغم من أهمية التعاون المتعدد الأطراف بين الدول الموقعة على الاتفاقيات الإبراهيمية، فإنه يبقى من الضروري العمل على حل الصراعات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، لتحقيق الاستقرار والسلام ومنع تأثيرها المحفز للجماعات المتطرفة.
استغلال الفرص
إلى ذلك قدم السفير (متقاعد) مارك جي سيفرز مدير اللجنة اليهودية الأمريكية، مداخلة بعنوان "أثر اتفاقيات إبراهيم على ثقافة التسامح والتعايش في المنطقة" أكد فيها أن الاتفاقيات الإبراهيمية غيرت وجه المنطقة، ونحن فخورون بما حققته حتى الآن. وبعد مرور ثلاث سنوات، نواصل المضي قدماً نحو إنجازات أكبر.
وذكر أن الصراعات الإقليمية لم تنته، بل ما زالت مستمرة، وعلينا استغلال الفرص التي أتاحتها الاتفاقيات الإبراهيمية.
وبين أن الاتفاقيات الإبراهيمية توفر إطاراً مفيداً للمضي قدماً بالعلاقات بين شعوب المنطقة، التي تعود في جذورها إلى الترابط التاريخي بين العرب واليهود في الشرق الأوسط، وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دوراً حاسماً في تعزيز اتفاقيات السلام الإقليمية على مر السنين. وعلى شعوب الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل، أن تتحمل الآن مسؤولية إنشاء روابط فيما بينها وتعزيزها بما يخدم مصالحها.
تعزيز التجارة والاستثمار
وقدم الندوة الحوارية الدكتور سرحات سهى شوبوكجوغلو الباحث في الشؤون الاستراتيجية بـ"تريندز" الذي أشار إلى أن الاتفاقيات الإبراهيمية ساهمت في توفير مجموعة من الفرص، التي تساعد على تحقيق التكامل الإقليمي، والنهوض بالعلاقات بين البلدان الموقعة عليها.
وقال إنها ساعدت على تعزيز التجارة والاستثمار والروابط بين البنى التحتية على المستوى الثنائي، وعززت النمو الاقتصادي والتنمية المتبادلين، كما عززت فرص توسيع الروابط بين الشعوب.
وأوضح أن الاتفاقيات الإبراهيمية استهدفت إيجاد أثر تراكمي إيجابي يفضي إلى وقف الصراع القائم على الهوية بين الشعوب، وهي بمنزلة إشارة إلى ضرورة التقارب وإعادة تعريف المنطقة، وتعزيز الجوانب المشتركة بينها.