في ظل ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي حول حملة مطعوم الحصبة والحصبة الالمانية (MR) والتي أطلقتها وزارة الصحة مؤخراً، والتي من المتوقع أن تبدأ خلال شهر تشرين ثانِي من العام الحالي، والتي سوف تستهدف طلاب المدارس دون سن الثامنة عشر.
قال استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الجامعة الأردنية الأستاذ الدكتور فارس البكري أنّنا نعيش حالة وباء فيما يخص مرض الحصبة، حيث تم تسجيل حوالي (160) حالة منذ شهر نيسان من العام الحالي مُقارنةً بصفر حالة ما قبل ذلك، عازياً هذا إلى الإغلاقات والقيود التي فرضتها جائحة كورونا الأمر الذي ساهم بانخفاض نسب التطعيم في كل العالم بما فيها الأردن والتي تدنت النسب فيها إلى (77%) علماً أن هذه النسبة يجب أن تتجاوز (95%).
وحول الفرق بين مطعومي (MR) و(MMR)، فقد بيّن البكري أن مطعوم (MR) الذي سيُستخدم ضمن الحملة الجديدة، يغطي فيروسات الحصبة والحصبة الألمانية فقط، أما مطعوم (MMR) يغطي فيروسات الحصبة والحصبة الألمانية والنُّكاف علماً أن مطعوم (MMR) موجود حالياً ضمن برنامج التطعيم الوطني.
وتحدّث البكري حول برنامج التطعيم الوطني الذي تأسس في نهاية سبيعينات القرن الماضي ضمن برامج وزارة الصحة وأسهم بشكل فعّال في حماية أطفالنا من أمراض خطيرة والحفاظ على صحتهم من خلال تقديم مجموعة من المطاعيم ضد عدد كبير من الأمراض تشمل: السل، شلل الأطفال، الكزاز، الخانوق أو الدفتيريا، الروتافيروس (يوفر حماية من إسهالات الأطفال)، السعال الديكي، بكتيريا الهيموفيلاس نوع ب (يوفر حماية لأحد مُسبّبات السحايا)، الحصبة، الحصبة الألمانية، النكاف، التهاب الكبد الوبائي (ب)، والتهاب الكبد الوبائي (أ) الذي تم إضافته في العام 2020، وبالإضافة إلى ما سبق فإنه يتم العمل حالياً على إضافة مطعوم المكورات الرئوية ضمن هذا البرنامج.
ونوّه البكري إلى أنّ برنامج التطعيم يخضع بشكل مستمر إلى تحديثات، ويتم وضعه من خلال دوائر متخصصة في وزارة الصحة ومؤسسة الغذاء والدواء ولجان استشارية كاللجنة الفنية الاستشارية للمطاعيم وبالتشاركية مع الجهات ذات العلاقة مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف، تقوم بدراسة كل ما يتعلق بالمطاعيم مثل أنواع المطاعيم المستخدمة ونسب التطعيم والأوضاع الوبائية والحاجة للقيام بحملات التطعيم.
وأوضح البكري بأن الحصبة مرض فيروسي خطير ومعدي وسريع الانتشار وينتقل عن طريق التنفس، يُصيب الأطفال على وجه الخصوص ويُسبّب طفح جلدي يبدأ في الوجه يمتد فيما بعد للأسفل ويُصاحبه ارتفاع في درجة الحرارة، وقد يؤدي في حال تفاقمه إلى التهاب في الدماغ والرئة وفي بعض الحالات قد يتسبب بالوفاة –لا قدّر الله-، مُشيراً إلى أن ما نسبته (20%) من الأطفال المصابين قد يحتاجون إلى دخول المستشفى لتلقّي السوائل الوريديّة نتيجة الإعياء والإسهال المرافق لهذا المرض، أما الحصبة الألمانية فتتسبب بأعراض مشابهة إلا أن الخطورة فيه تكمُن بأنه في حال إصابة النساء الحوامل خلال الأشهر الأولى قد يحدث تشوُّهات خَلقيّة للجنين بنسبة (95%).
وحول طبيعة مطعوم (MR) وآثاره الجانبية، بيّن البكري بأنه يتكون من فيروسي الحصبة والحصبة الألمانية تم إضعافهما ليُصبحا غير نشطين، لافتاً إلى أن الآثار الجانبية له تتشابه مع آثار أي مطعوم آخر والتي قد تكون على شكل ارتفاع في درجة الحرارة وألم في مكان الحقن.
وأكد البكري على فعاليّة ومأمونية المطعوم بناءً على دراسات علمية ومخبرية أُجريت عليه وبناء على الموافقات اللازمة من مؤسسة الغذاء والدواء، علماً أنه تمّ إعطاء المطعوم في الأردن ضمن الحملة السابقة ضد الحصبة في عام 2013 وتم استخدامه أيضاً لملايين الأطفال في عدد كبير من دول العالم لافتاً النظر إلى أن الشركة المُصنّعة لهذا المطعوم تُعد من أكبر شركات المطاعيم، حيثُ أن ما نسبته (80%) من مطعوم (MR) المستخدم في العالم يعود لهذه الشركة.
وفي ختام حديثه، وجّه البكري رسالة للمواطنين وأولياء الأمور بضرورة الاستماع إلى المختصين من أصحاب العلم وأطباء الاختصاص واستقاء المعلومة الدقيقة من مصادرها، وعدم الانجرار خلف الشائعات غير المنطقية التي تعمل على بث الرعب والخوف وتفتقر إلى الأدلة العلمية والتي لا نعلم من هم مطلقيها وما هي الأهداف الحقيقية ورائها.