رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

م. علي أبو صعيليك يكتب : مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني وصمة عار في جبين العالم‎

م. علي أبو صعيليك يكتب : مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني وصمة عار في جبين العالم‎
جوهرة العرب _ م. علي أبو صعيليك / كاتب عربي 


كل هذا السعار والجنون الذي قام به الاحتلال الإسرائيلي، كان برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين، قصفوا الأطفال والنساء وكبار السن في ساحات المستشفى الأهلي المعمداني في غزة! إنها بشاعة لا يمكن تصورها، ومن أجل ماذا؟ من أجل أرض غزة؟ 

يدرك الجميع أنه لن يخرج الفلسطينيون من غزة ولن تتكرر نكبة 1948، واهم  من يعتقد أن الفلسطينيين يمكن أن يستسلموا ويغادروا أرضهم من خلال المجازر، فلو كانت المجازر هي وسيلة تهجير الفلسطينيين لما بقي في أرضها أحد بعد ارتكاب الميليشيات الصهيونية عشرات المجازر البشعة منذ بداية الاحتلال، من دير ياسين، مروراً بمذابح اللد وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا وغيرها، وصولاً لمجزرة المستشفى.

مجزرة المستشفى ستكون نقطة التحول في هذه الإبادة العنصرية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة على يد القوات الإسرائيلية  ودعمها الغربي، فمن هذه الجريمة يجب أن تبدأ مرحلة جديدة، فلا يمكن للشعوب العربية أن تبقى متفرجة متابعة دون أن تضغط على حكوماتها من أجل التحرك لإيقاف هذه الجريمة المسعورة التي يتم فيها استهداف المدنيين الأبرياء بشكل متعمد من أجل تشكيل ضغط على المقاومة الفلسطينية.

حشدت اليهود العالم عن الهولوكوست، بينما تبنى الاحتلال الإسرائيلي الهولوكوست كعقيدة لإبادة الفلسطينيين منذ احتلاله فلسطين، وهو ما يرتكبه اليوم وبكل بشاعة في قطاع غزة تحت مرمى ومسمع العالم المتحضر، فالقتل المباشر والمتعمد للمدنيين الفلسطينيين وثقته كاميرات وسائل الإعلام بما لا يدع مجالاً للشك بشكل واضح يدين الاحتلال الإسرائيلي، فهل سيتحرك ويبكي العالم كما يفعل للهولوكوست؟! 

قصف المستشفيات ومن قبلها المساجد وبيوت المدنيين لهو دليل عجز وفشل ذريع لقوات الاحتلال في مواجهتها مع المقاومة الفلسطينية، والدليل أنه لم يسقط في مجزرة المستشفى أي مقاوم من فصائل المقاومة ولم يتم بث أي تقرير إخباري عن أي ضرر أصاب المقاومة، ولذلك يعمل نتنياهو بشكل هستيري على تجميل صورته أمام حلفائه في الداخل والخارج حتى يستمر تواجده في المشهد السياسي بعد نهاية هذه الحرب، ولكن كل شيء يؤشر بأن مصيره السجن ليس لأنه مجرم حرب، بل لأنه رئيس وزراء عاجز عن القضاء على المقاومين الفلسطينيين.

بالأمس صرح نتنياهو قائلاً: "نحن لا نخوض حربنا فقط، بل نخوض حرب جميع الدول المتحضرة وجميع الشعوب المتحضرة" وقابله رئيس وزراء رومانيا: "وفقاً للقانون الإنساني، أخبرت رئيس الوزراء نتنياهو أن إسرائيل لها كامل الحق في الدفاع عن نفسها ضد مثل هذه الفظائع"، وفي نفس اليوم قصفت قوات الاحتلال المستشفى واستشهد ما يزيد عن خمسمئة مدني أعزل، هذا هو القانون الإنساني الذي تنادي به إسرائيل والدول المتحضرة كأوروبا وأمريكا!، لا استغراب فهذا العالم المتحضر قائم على المذابح وجثث السكان الأصليين، لنتعلم اليوم أن الحضارة وقيمها الراقية لا تقوم إلا على جثث الأبرياء. 

لم يعد من المقبول أن تستمر الدول العربية في نفس مستوى ردة فعلها على هذا الإجرام، قتل أكثر من 500 مواطن فلسطيني أعزل في ضربة مسعورة واحدة، لا يجب معها الاكتفاء بالتنديد فقط وإصدار بيانات الشجب، فعلى الأقل يجب طرد سفراء الاحتلال واستدعاء السفراء العرب من أراضينا المحتلة احتراماً لدماء الشهداء وكذلك فورة الدم التي تغلي في شرايين الشباب العربي، وكذلك لم يعد من المقبول الترحيب بالرئيس الأمريكي ووزرائه فهم بدعمهم اللامشروط للاحتلال يصبحون بشكل واضح جزءاً من الجريمة فكيف نرحب بهم في عواصمنا؟

بالإضافة لذلك، يجب الإسراع في إدخال جميع المساعدات الطبية عبر معبر رفح، بل يجب أن يتم إرسال مستشفيات طارئة جديدة على وجه السرعة، فكل ساعة تمضي والأمتان العربية والإسلامية تراقب الجريمة فقط دون أي تحرك!

إعلامياً، فإن أبواق الاحتلال ستعمل على قلب الحقائق، ونتذكر بعض الصحف الغربية التي نشرت صورة الطفل الشهيد محمد الدرة وعلقت حينها أن ما جرى إن قد وقع فهو ضحية لتبادل إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ما يعني أنها لم تحمّل الجانب الإسرائيلي المسؤولية، ولذلك ليس من المستبعد عليهم اتهام المقاومة الفلسطينية بهذه الجريمة، فهذا جزء من مهنتهم القائمة على الباطل وتزييف الحقائق.

في نهاية الحديث، لا بد لنا من التذكير بأننا أمة مؤمنة بالله تعالى، وما حدث  اختبار صعب جداً لنا في هذا الصراع، ومن خلاله يزيد الإيمان بأن نصر الله تعالى للمستضعفين قادم لا محالة، والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي هو صراع دموي شديد؛ لأنها قوى تجلب الشر في الأرض، والصراع الدائر حالياً قد يتطور ويشعل المنطقة برمتها في الحرب الكبرى، ونهاية هذا الصراع هي الوعد الإلهي: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين".