في سردية نشوء عصبة الأمم المتحدة ، قرأنا كثيراً عن اسباب فشل العصبة في القيام بمهامها التي أنشأت من اجلها و التي كان من اهمها منع نشوب الحروب و الصراعات الدولية المدمرة ، بحيث رفضت الدول الاعضاء التصديق على قرارات العصبة بشكل علني
فلا زال العالم يذكر كيف انه عندما علم موسوليني رئيس الحكومة الايطاليه انذاك باتهام جنود ايطاليين باستهداف وحدات من الصليب الاحمر اثناء حرب ايطاليا على الحبشة ، اجاب موسوليني بسخرية على هذا الإتهام قائلا " إن العصبة لا تتصرف الا عندما تسمع العصافير تصرخ من الالم ، اما عندما ترى العقبان تسقط صريعة فلا تحرّك ساكناً "
امام هذا الفشل و في ظل نشوب الحرب العالمية الثانية كانت العصبة تلفظ أنفاسها الأخيرة ، ليتم الاعلان رسميًا عن اخفاقها في القيام بمهامها ، لتخلفها في هذه المهمة منظمة الأمم المتحدة بكافة اجهزتها
و الجدير بالملاحظة أن انشاء مجلس الأمن الدولي تم في ذات العام الذي انشأت فيه جامعة الدول العربية اي في سنة 1945 ، اي قبل ثلاثة اعوام فقط من الاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين ، ثم بعد عام من الاحتلال تم التوقيع على معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 و الذي كان الهدف منها حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب
و ما يثير الدهشة انه تم قبول طلب اسرائيل للدخول في عضوية الأمم المتحدة بعد تبني قرار لمجلس الأمن في هذا الخصوص عام 1949 على الرغم من كونها دولة إحتلال .
فهل نجح مجلس الأمن فيما فشلت عصبة الأمم في تحقيقه ،
بالمطلق لم ينجح ، فالمصالح المتضاربه لاعضاءه ، و الاستخدام المتكرر لحق النقض الفيتو للدول الخمس دائمة العضوية ، افقد قرارات المجلس للمصداقية ، ناهيك عن تعطيل تنفيذ هذه القرارات
و بالمحصلة النهائية لم ينجح في نزع فتيل الحرب بين كثير من الدول ، و اخفق في اجبار اسرائيل للإنصياع لقراراته و فشل في إيجاد حلول للأزمات الإنسانية منذ عقود كذلك الامر في انهاء الصراعات و النزاعات الدولية و لا في حفظ السلام و الأمن الدوليين .
كذلك الامر ينطبق على كثير من المنظمات الدولية التي انشأت خلال تلك الفترة ، و التي اثبتت فشلها في تحقيق الغايات و الاهداف التي انشأت و تأسست من اجلها .
فما زال العالم يتجرع ويلات الحروب ،اما عن انفاذ القانون الدولي و مفاهيم حقوق الانسان لتصبح ملزمة لجميع الدول ، فلقد ثبت على مدار عقود بانها وجدت لتطبق فقط على الدول الضعيفة .
ففي ظل هذه الاختلالات في منظومة سيادة القانون الدولي و ما نراه من انتهاكات و جرائم إنسانية و جرائم حرب يرتكبها الإحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينين على مرأى و مسمع المجتمع الدولي و الدول الاعضاء في هذا المجلس .
فما اشبه اليوم بالأمس فما تزال العقبان تقع صريعة دون أن يحرك المجلس ساكناً يا موسوليني
فالامر اذن لم يعد سراً اذا قلنا بإن المجلس لم يعد لوجوده اي تأثير يُذكر و لم تعد لقراراته اي أهمية و عليه فمن باب اولى (إكرام الميت دفنه).