رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

ندوة للنهضة العربية (أرض) ترصد مسار الأدلة الجنائية حول جرائم الحرب والإبادة الجماعية

ندوة للنهضة العربية (أرض) ترصد مسار الأدلة الجنائية حول جرائم الحرب والإبادة الجماعية
جوهرة العرب 


مع استمرار وتصاعد الجرائم الإسرائيلية على غزة، تعمل مؤسسات حقوقية وخبراء في التحاليل الجنائية على رصد وتوثيق الانتهاكات لجرائم "الإبادة الجماعية" وجرائم "الحرب" التي تحدث في القطاع، وراح ضحيتها حتى الآن نحو 10 آلاف شهيد فلسطيني. 
في ندوة أقامتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، وفق سلسلة ندوات رقمية أخرى، ضمن برنامجي القضية الفلسطينية والوصول للعدالة، بعنوان: "من ثلاجات الموتى المؤقتة إلى أروقة المحاكم .. مسار الأدلة: جمع الأدلة الجنائية حول جرائم القتل الجماعي في فلسطين"، الإثنين، 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وتحدث فيها كل من الخبير في تقنيات الطب الشرعي والتحاليل الجنائية روبرت مكنيل، ومسؤول قسم الرصد والتوثيق في مؤسسة الحق الفلسطينية زاهي جرادات، جرى التأكيد على ضرورة التدوين والتوثيق المستمر لعمليات القتل والإصابات والانتهاكات التي تحدث في غزة لتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية. 
وأكدت المستشار الرئيس للوصول إلى العدالة والحماية الاجتماعية الشاملة في مركز النهضة الفكري في النهضة العربية (أرض)، د. ماريا لوغرونو، على ضرورة توثيق الأدلة في جرائم الحرب، خاصة في ظل رصد العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية لأوضاع السكان المحاصرين في غزة، وتهدم المستشفيات ودور العبادة واستهداف النساء والأطفال بشكل مباشر، مشددة على رفع الوعي بأهمية تقصي الحقائق وتفنيد الادعاءات.
من جانبه، اعتبر مكنيل الذي كان أحد الخبراء الفنيين المستقلين في رصد عدة جرائم حرب وتحليلها، ومن أهمها الإبادة الجماعية التي وقعت على أيدي الصرب لمسلمي "سربرنيتسا" في البوسنة والهرسك عام 1995، أن للتكنولوجيا دور كبير ومهم في عملية توثيق الجرائم، مؤكداً على أهمية حفظ الأدلة في قضايا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وشدد على أهمية الأدوار المختلفة للعاملين في هذا المجال، مثل فنيي الأشعة، وعلماء الأنثروبولوجيا والمسعفين والأطباء وحتى الصحفيين والعاملين في المنظمات الإغاثية وغيرهم من ذوي الاختصاص، خاصة وأن الأدلة التي تدون وتوثق مهمة لمرحلة ما بعد تقصي الحقائق لجرائم الإبادة الجماعية، مبيناً أن الصور الفوتوغرافية والفيديوهات التي يتم تسجيلها عبر الكاميرات والهواتف المتنقلة من أهم عمليات الرصد لغايات التوثيق في غزة.
فيما قدم مكنيل عرضاً لمواقع المقابر المؤقتة وكيفية تعامل فرق التحقيق المتخصصة معها، مؤكداً ضرورة اتباع قواعد الصحة والسلامة العامة للفريق العامل في هذه القضايا، والحفاظ على الأدلة وسلامة العملية، فضلاً عن التركيز على اختبار الحمض النووي لتحديد هوية الضحايا والمتضررين من الحروب، لكونه من الدلائل الهامة التي ساهمت خلال حروب سابقة في محاكمة العديد من الأفراد بتهمة الإبادة الجماعية.
وحول آليات رصد مؤسسة الحق الفلسطينية للانتهاكات وجرائم الحرب على غزة، بين جرادات أن المؤسسة تعتمد في عملها على الاستمارة، وتسجيل الإفادات لشهود العيان، أو الضحايا أنفسهم والمعتقلين منذ لحظة الاعتقال حتى الإفراج عنهم، إضافة إلى اعتماد التصوير المعتمد لديها منذ 2015، مشيراً إلى أن هناك 150 باحثاً يعملون على إعداد التقارير الميدانية المرفقة بالقرائن، كما يتم الاعتماد على تقارير الأطباء والمسعفين وشهاداتهم حول الإصابات، سواء كانت إصابات بأسلحة تقليدية أو أسلحة محرمة دولياً أو رصاص آلي أو سلاح كيماوي.
وذهب جرادات إلى أن كثير من المؤسسات الفلسطينية مثل "الضمير"، والمركز العربي لحقوق الإنسان، و"ميزان"، و"الحق"، تعمل بشكل مكثف على توثيق الجرائم باختلافها، محذراً من نكبة أخرى وجديدة في ظل توسع عمليات التهجير القسري في القطاع. ولفت إلى أن هذه المؤسسات سبق وقدمت 3 ملفات موثقة عن حروب سابقة إلى المحكمة الجنائية ومجلس حقوق الإنسان، مبيناً أنه يتم التنسيق مع خبراء في التشريح في بريطانيا والنرويج وأميركا لاستكشاف حقائق هذه الحرب، مثلما حدث في حروب سابقة.
وبحسبه، يتم التركيز على شهادات الأطباء والمسعفين، واللجوء إلى خبراء في التشريح والتحاليل الجنائية، لأن التشخيص الطبي الأولي يبين مدخل الإصابة ومخرجها والآثار الناجمة عنها، كما تحدد طبيعة السلاح المستخدم، مؤكداً على دورهم في التعرف على الجرائم والانتهاكات في مناطق النزاع، وأهمية تدوين ملاحظاتهم وشهاداتهم حول الحالات التي يتعاملون معها بشكل دقيق وواضح وذلك بناءً على تجاربهم الشخصية والعملية في الميدان.
ختاماً؛ من المهم توثيق الجرائم في غزة تحديداً، وفلسطين بشكل عام، والتعرف على الآلية التي يتم التعامل بها عالمياً فيما يتعلق بحالات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، مما يتطلب اليوم ضرورة التعاون بين كافة المؤسسات الحقوقية والمدنية والإعلامية للمساهمة في تطبيق مبدأ المساءلة، إضافة إلى حاجتنا لتوثيق شامل ودقيق لدعم الإجراءات القانونية والسعي لتحقيق العدالة في المناطق المتضررة من النزاع، وتقديم كل الأدلة فور انتهاء الحرب ليتم التحقيق فيها، إذ يعتبر الرصد والتوثيق من العمليات الحاسمة والهامة لتأكيد الانتهاكات التي وقعت على الأفراد، على اعتبار أنها تُمهد لأساس قوي للإجراءات القانونية التي ستتخذها الجهات المعنية.