تابعت قبل يومين مؤتمرا صحفيا للنتن-ياهو فيه إجابات على أسئلة موجه للجمهور الصهيوني حيث برر جاهدا إدخال كميات محدودة من الوقود من أجل إعادة عمل محطات تحلية المياه، اعتبر النتن أن عدم تشغيل محطات التحلية سيؤدي إلى انتشار الأمراض في غزة وبالتالي تنتقل إلى جنود جيش الاحتلال ومن ثم إلى المجتمع الصهيوني، أي عنصرية قذرة تسيطر على عقلك أيها المستوطن البولندي البغيض.
في عقلية نتن-ياهو والصهاينة بشكل عام، لا يهم انتشار الأمراض والأوبئة بين الفلسطينيين، فقط المهم أن لا تنتقل للجنود الصهاينة، لغة عنصرية بغيضة يتحدث بها رئيس وزراء عصابة إرهابية لا تحسب حسابا لأي جهة في العالم، ولذلك وبعيداً عن أهميتها للولايات المتحدة، إلا أنها لن تكون في نظر الشعوب الحرة إلا مجرد كيان استعماري لقيط في اعتبارات الجماهير العربية وأحرار العالم.
فكرة الفصل العنصري فكرة قديمة تم تطبيقها في العديد من الحضارات البالية وكذلك في بلدان وصمت بالعنصرية حتى تحررت منها، مثلا في القرن التاسع عشر الميلادي انتشرت في الولايات الأمريكية قوانين جيم كرو وكانت تهدف إلى ضمان أن تظل حياة الأمريكيين البيض والسود "منفصلة ولكن متساوية"، كل شيء في تفاصيل لا يختلط فيه الأبيض والأسود، المدارس والكنائس والمحالّ التجارية ومصاعدها وحتى صنابير مياه الشرب في الأماكن العامة، ورغم أنها قوانين عنصرية، إلا أنها أن الأمريكيين من أصول أفريقية عانوا من تفرقة شديدة.
قصة جنوب أفريقيا مع الفصل العنصري تفوق حدود الخيال، حيث استوطنها الهولنديون والألمان والفرنسيون الذين عرفوا بمسمى "البوير" ولاحقا "أفريكان" ومن ثم جاء الاحتلال البريطاني الذي جاء بسياسة "الأبارتايد apartheid" وكان من أهدافه استمرار حكم العرق الأبيض في جنوب إفريقيا، وتحتوي العديد من القوانين العنصرية من حظر الزواج بين البيض والسود وفصل اختلاطهم في كل تفاصيل الحياة من القطارات والمستشفيات والشواطئ وانتهت هذه القوانين بالفشل عام 1990 عندما ترأس الحكومة البيضاء «فردريك دي كلارك» الذي فاجأ العالم بإعلانه أن سياسة الأبارتايد قد فشلت وأطلق سراح "نيلسون مانديلا" وجرت الانتخابات وأصبح مانديلا أول زعيم أسود يصل لرئاسة جنوب أفريقيا.
بالعودة إلى عنصرية النتن-ياهو، فهي تتكون من شقين، الشق الأول يتعلق بعنصرية الكيان المحتل منذ نشأته، فحقيقة الكيان الصهيوني قائمة على العنصرية حيث لا يحظى فيها المواطنون من أصول فلسطينية مثلاً على حقوق متساوية مع السكان اليهود، هذا فضلاً عن العنصرية بين يهود الأشكناز القادمين من الغرب وأوروبا ويهود الشرق "السفارديم" وكذلك يهود الفلاشا ذوو الأصل الإثيوبي، فهو كيان قائم على العنصرية بالإضافة لتاريخه الإجرامي.
الشق الثاني من عنصرية النتن-ياهو تتعلق بتبريره إدخال قليل من الوقود لغزة من أجل عدم انتشار الأمراض بين جنود الاحتلال، هذا التبرير له أكثر من تفسير، صحيح أنه حديث عنصري بغيض، لكنه أيضا يعبر عن توتر العاجز في هذه المرحلة حيث يريد فعل أي شيء يرضي قطعان المستوطنين ولو من خلال حديث عنصري، فهو لا يترك أي مؤتمر صحفي دون التفاخر بأنه وراء قتل القائد القسامي أحمد الجعبري، عموما لا يوجد شكوك بأن أيام نتن-ياهو في المشهد السياسي باتت معدودة ولا تزيد عن نهاية الحرب حيث يرتبط اسمه وزوجته وابنه بعدة قضايا فساد بالإضافة لاتهامه بالإهمال فيما يتعلق بالسابع من أكتوبر، عموماً هذا القاتل الفاسد يليق بقطعان المستوطنين الفاسدين.
في الختام يستحق القاتل العنصري نتن-ياهو أن يرتبط تاريخه مع "الأبله" هاغاري، قد يكون من يكتب للناطق باسم جيش الاحتلال شخصا ساذجا غير متابع لمجريات الأمور، ولكن هذا لا يعفي "الأبله" هاغاري من مسؤوليته، وننصحه بأن يراجع ما يقدم له من نصوص، قبل أن تخرج للجمهور بهذا الشكل السخيف، فعندما تقول قيادة عصابتكم بأن مركز قيادة "حماس" تقع في مجمع الشفاء الطبي، هذا يتطلب إثباتاً على مستوى عالِ من الحقائق والفيديوهات والوثائق، أما أن تخرج في المؤتمر الصحفي بصورة جيب وبيك-أب دبل كابين واثنين من الأسرى مصابين تم علاجهم في المستشفى يوم السابع من أكتوبر ومن ثم تم إخراجهم، فهذا حديث أخرق لا يرتقي لمستوى الحدث، بل أنه يؤكد أن المقاومة الفلسطينية اهتمت إنسانيا بالأسرى منذ البداية ووفرت لهم العلاج قبل نقلهم لمكان آمن، لذلك فإن من كتب لك هذه الرواية غير مثقف، مع أننا نعلم جيدا أن العالم الغربي سيأخذ بروايتكم ليس لأنها صادقة بل لأنهم يريدون ذلك.