حقائق لا يمكن تجاوزها في انتصار المقاومة الفلسطينية
كتب م. علي أبو صعيليك
لم يعد يخفى على حلفاء الكيان الصهيوني الخلل العميق في جميع روايات قيادات الاحتلال بداية من أكاذيبهم عن تفاصيل السابع من أكتوبر مرورا بأكاذيب المستشفيات وخصوصاً "الشفاء"، حتى رضوخهم جميعا لشروط المقاومة الفلسطينية وتحقيق هدنة مترافقة مع تبادل أسرى ودخول مساعدات ووقود للقطاع، والمقصود ب "الجميع" أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا والكيان المحتل قد رضخوا تماما لما حددته المقاومة الفلسطينية والهدنة التي تمت كانت مفصلة تماما على مقاييس المقاومة
تسمية "الحرب الكاشفة" التي أطلقها اللواء فايز الدويري خلال تحليله العسكري لأحداث طوفان الأقصى هي الأدق، وتعطي وصفا شاملا لحقيقة جميع أحداث طوفان الأقصى ومن ثم حرب الإبادة على أبرياء غزة وما رافق ذلك من مواقف فلسطينية عربية إسلامية وعالمية، فهي كاشفة من نواحِ عسكرية استراتيجية وسياسية ومواقف فردية وجماعية وقد وضعت النقاط على الحروف.
على سبيل المثال العديد من المؤسسات الدولية التي تغطيها الصفات الإنسانية كانت واضحة خلال هذه الحرب بوقوفها مع الاحتلال لذلك ومهما فعلت لاحقا لن تستطيع كسب ثقة الفلسطيني، العديد من شركات المواد الغذائية والطعام والمنظفات والخدمات المنتشرة في العالم العربي أصبحت مكشوفة وبعضها ليس داعما للاحتلال إنما هو استثمار مباشر لجيش الدفاع المحتل.
انكشاف هذه المؤسسات نعمة كبيرة وأحد أبرز أعمدة الانتصار الحقيقي في الحرب، في المجال الاقتصادي سيكون هناك تأثير حقيقي بتغير القوى الشرائية نحو المنتجات الوطنية وهو ما يعزز فرص المنتجين العرب في العمل على تعزيز منتجائتهم ومطاعمهم وشركائتهم بحيث يستطيعون الاستحواذ على القيمة السوقية التي كانت تصب بشكل مباشر أو غير مباشر في صناديق الاحتلال وبالتالي قتل الشعب الفلسطيني.
لا زلت أتذكر تعليقات الإعلامي المصري معتز مطر على خطابات الرئيس الأمريكي السابق "ترامب" ووصفه بأنه نعمة من السماء، والسبب في ذلك أن تلك الخطابات قد كشفت في حينها الستار عن حقيقة المواقف السياسية في العالم، وهذا ما تجدد خلال الحرب "الكاشفة" على غزة والتي كشفت للشعب الفلسطيني من معهم ومن ضدهم وأن حقوقهم سيقتلعونها دون انتظار دعم حقيقي من الدول.
من خلال استراتيجية مجلس الحرب الذي شكلته حكومة الاحتلال ووضعها الأهداف بالقضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وفي سبيل ذلك رأى العالم حقيقة إجرام الاحتلال من خلال قتلها آلاف الفلسطينيين الأبرياء من نساء وأطفال وكبار السن، وهذا ما نتج عنه ليس فقط فشل مجلس الحرب في تحقيق أهدافه بل انعكس السحر على الساحر، مثلا المواقف السياسية تبدلت تماما وأصبحت العديد من دول العالم غير الإسلامي تقف بوضوح مع حقوق الشعب الفلسطيني، جنوب أفريقيا وأسبانيا وبلجيكا والبرازيل وغيرها الكثير من الدول التي أصبح موقفها السياسي داعماً مؤثراً لحقوق الشعب الفلسطيني.
ولم يقتصر فشل مجلس الحرب في الجانب الإنساني وكذلك السياسي، فقد أثبتت صفقة تبادل الأسرى التفوق العسكري للمقاومة الفلسطينية رغم عدم تكافؤ موازين القوى من حيث السلاح والأفراد، صفقة تبادل الأسرى تمت على مقاس المقاومة الفلسطينية تماماً، ولم يخرج من الأسرى إلا بمقابل من سجون الاحتلال، وهذا نصر لا غبار عليه للمقاومة.
خسائر كيان الاحتلال منذ السابع من أكتوبر كثيرة ومتراكمة ولا يمكن ولا بأي حال إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأبرز تلك الخسائر يتعلق بالقضية الوجودية لقطعان المستوطنين في هذه الأرض المباركة حيث لم يعد جيش الاحتلال بنفس قيمته قبل السابع من أكتوبر وعدم قدرته على توفير الأمان لهم والدليل مبادرة الولايات المتحدة بإرسال كل وسائل الدعم العسكري من بواخر عسكرية ومعدات وأفراد وخبراء حرب مثل مسؤولي تدمير العراق لدعم جيش الاحتلال وذلك تأكيد على العجز الذي أصاب جيش الدفاع وهو كسر قد لا تستطيع أمريكا ترميمه وعلى ذلك شواهد عديدة.
إن نجاح شباب المقاومة الفلسطينية بمواجهة جيش الاحتلال في شوارع غزة وتوثيق تلك النجاحات وفي بعض اللقطات بشكل إعجازي يعجز عنه أفضل مقاتلي النخبة في العالم مثل لقطات إلصاق العبوات على الدبابات وكذلك المواجه من نقطة الصفر ل"حافي القدمين" يؤكد أن كل شيء تغير، لن تستطيع الولايات المتحدة إزاءه فعل أي شيء، فزوال الكيان لم تعد فكرة بعيدة المنال.