رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

بعد زيارة سوليفان: هل اتخذت أمريكا القرار بإبادة قطاع غزة عن الوجود؟ كتب م. علي أبو صعيليك

بعد زيارة سوليفان: هل اتخذت أمريكا القرار بإبادة قطاع غزة عن الوجود؟  كتب م. علي أبو صعيليك
جوهرة العرب

م. علي أبو صعيليك

مخرجات اجتماعات "سوليفان" مستشار الأمن القومي الأمريكي مع قيادات حكومة الحرب الصهيونية وتصريحاته التي خرج بها نرى بأنه قد أنهت تماما أي فرضية لوقف إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الكلام كان واضحا ومباشرا: "القتال ضد حماس سيستغرق الكثير من الوقت والقضاء عليها سيتم عبر مراحل"، لذلك فإن الأيام المقبلة من الحرب ستشهد المزيد من المجازر وسيزداد عدد الصحفيين الذين يسقطون وذلك لإخفاء صورة الإجرام الصهيو-أمريكي عن العالم لتجنب الضغوطات الشعبية على البيت الأبيض الأمريكي.

وسائل الإعلام التي تنقل صورة الإجرام الصهيو-أمريكي ستكون أبرز الأهداف الإستراتيجية في المرحلة القادمة من الحرب، وفي قاموس الصهيونية لا يوجد حصانة لأي إنسان في قطاع غزة، وأحد الشواهد على ذلك استهداف كوادر قناة الجزيرة والميادين، وهم أهداف استراتيجية في حرب الإبادة، ولذلك فإن استشهاد مصور قناة الجزيرة "سامر أبو دقه" وإصابة زميله "وائل الدحدوح" ما هي إلا جزء يسير مما يتوقع حدوثه لاحقا في سبيل منع وصول صور الإجرام التي سترتكبها بعد زيارة "سوليفان" لأن الحركة الصهيونية التي تسيطر على القرار السيادي الأمريكي لم تتقبل فشل قوات الاحتلال في تحقيق الهدف وتصر على تحقيق الأهداف على بحر دماء الأبرياء في غزة. 

في المرحلة الماضية من الحرب كانت مجزرة مستشفى المعمداني حدثاً مفصلياً ويوما مشهودا باستشهاد قرابة خمسمائة من المدنيين الأبرياء بصاروخ أمريكي أطلقته قوات الاحتلال، في تلك الليلة خرجت الجماهير العربية لتعبر عن غضبها ولاحقا خرجت جماهير ضخمة من مجتمعات أخرى غير عربية وازداد التضامن مع الشعب الفلسطيني وبمرور الوقت شكل ذلك ضغطا شديدا على الحكومات الغربية التي تدعم الاحتلال في الحرب وفعلاً كان هناك تأثير وعلى سبيل المثال الموقف الفرنسي تغير كثيراً بعد خروج المظاهرات. 

لكن لاحقاً أصبحت مجزرة المعمداني مجرد حدث تقليدي بالمقارنة مع ما ارتكبته قوات الاحتلال لاحقا من عشرات المجازر التي قتلت فيها آلاف الأبرياء، حتى جاءت الهدنة التي تخللها وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الطرفين وهناك بدأت الرؤيا تشير إلى احتمالية قناعة الولايات المتحدة بعدم جدوى استمرار الحرب مع وجود فرصة استعادة الأسرى مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ولكن هيهات هيهات، عادت الحرب بوتيرة أشد ضراوة وقذارة، واتضح تماما أن استعادة الأسرى ما هو إلا هدف وهمي للاستهلاك الإعلامي، والهدف الحقيقي هو بتر وجود المقاومة الفلسطينية وإبادة وجود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بقتل أكبر عدد ممكن من أجل ترهيب الأحياء لكي يقبلوا بخيار اللجوء إلى شبه جزيرة سيناء وإفراغ القطاع من أهله في نكبة فلسطينية جديدة أعلن عنها قيادات الاحتلال كهدف إستراتيجي.

الشاهد على ذلك هو أن الاحتلال حتى الآن قتل خمسة أسرى ومعهم عدة جنود قنصتهم المقاومة، ولذلك نتفق ونثق برواية المقاومة الفلسطينية بأنه لن يتم تحرير أي أسير صهيوني على قيد الحياة إلا من خلال صفقة تبادل أسرى.

نقرأ من حديث " سوليفان" أن الأيام القادمة ستشهد مجازر وحشية ولن تتوقف الحرب وقد تستمر شهوراً، ولذلك نرى أن من يمتلك القوة لإيقاف هذه المأساة الإنسانية الكبيرة هي دول العالم وخصوصا النووية منها والدول الإسلامية الكبرى واستمرار الصمت والاكتفاء بالشجب والنقد وغيرها من الوسائل الضعيفة سيعني استمرار الجريمة ولذلك نعتبر الجميع شركاء في الجريمة وليس فقط من ينفذها عسكرياً.

ولأننا شعوب تمتلك عقيدة، فإننا نؤمن تماما بقدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود في هذه الحرب غير المتكافئة، لأن المقاومة تجاهد من منطلق عقائدي يردده في كل مرة "أبي عبيدة" الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام: "وإنه لجهاد نصر أو استشهاد" ولكن ذلك لا يعفي العالم من مسؤولياته في العمل على وقف الغطرسة الصهيو-أمريكية.

مع استمرار الحرب على الشعب الفلسطيني الأعزل بهذا الشكل الوحشي الحيواني فلا تقنعوننا بعد ذلك بأننا نعيش في عالم تحكمه الأنظمة والقوانين، بل إن الصهيونية العالمية فرضت على الجميع "شريعة الغابات" التي تتحكم فيها بسبب قوتها ونفوذها، وإذا كان الشعب الفلسطيني هو الهدف في هذه المرحلة فإن باقي شعوب البلاد المحيطة بفلسطين ستكون الأهداف بعد سنتين أو أقل من ذلك، وجميع المؤسسات والمواثيق الدولية ما هي إلا مجرد أدوات تستخدمها الحركة الصهيونية العالمية التي يتضح يوماً بعد يوم أنها تسيطر على القرار السيادي في أغلب بلاد العالم وهو ما يفسر كل هذا الصمت عن الجرائم الإنسانية وغياب الأنظمة والقوانين.  


كاتب أردني
aliabusaleek@gmail.com