تشكل مؤسسات التمويل الإسلامية وأدواتها المالية عنصراً هاماً وأساسياً في النظام المالي في معظم الدول العربيةوالإسلامية كما وجدت مكاناً لها في الدول الغربية، وتشيربعض التقديرات الى أن اجمالي قيمة أصول المصارفالإسلامية حول العالم تبلغ حوالي أربعة تريليونات دولار، أماقاعدة عملاء المصارف الإسلامية فتبلغ أكثر من 100 مليونمتعامل وهناك ثمانين دولة لديها خدمات مالية اسلامية، أماعدد المصارف عالمياً فهو يصل الى 600 مصرف.
وتستحوذ الدول العربية على أكثر من نصف أنشطة التمويلالإسلامي في العالم، كما أن موجودات المصارف الإسلاميةفي الدول العربية أصبحت تتجاوز 18% من اجمالي الأصولالمصرفية العربية، وهذا يؤكد قدرة هذه الصناعة على منافسةالصيرفة التقليدية بأشكالها المختلفة خاصة.
وتشير تقديرات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الى أن أكثرمن 70 في المئة من أصول المصارف الإسلامية في العالمتتركز في بلدان مجلس التعاون الخليجي وماليزيا وبنغلاديشوالأردن وباكستان مع تفاوت حصصها السوقية بين 85 و15 في المئة، وتقدر بأن حجم الأصول الإسلامية العالمية تجاوز3.3 تريليون دولار في نهاية النصف الأول من 2023، وإذا ماتمت معالجة العوائق في محرّكات الطلب والعرض فسيكونهنالك نمو قوي طويل الأمد في عدد من الأسواق.
ومن الواضح أن السنوات الماضية من هذا القرن شهدت نمواً لافتاً للصيرفة الإسلامية من حيث الحجم والأدوات والمنتجاتالتي تطورت لتواكب متطلبات السوق وحاجة المستهلكين، كماتم اصدار تشريعات ناظمة لعمل المصارف الإسلامية تراعيخصوصيتها وتساعد على منحها الفرصة لتوسيع أعمالها فيمختلف القطاعات وتقديم حلول مالية تستطيع تفادي كثير منالمخاطر التي تتصف بها أعمال المصارف التقليدية.
ولا تزال الاحداث والاخفاقات التي شهدتها المؤسساتالمصرفية التقليدية في خضم الازمة المالية العالمية عام 2008 ماثلة في الاذهان، وفي حينه استطاعت صناعة الصيرفةالإسلامية أن تثبت قدرتها على الثبات وعدم التأثر بتداعياتتلك الازمة وذلك نظراً لارتباط أعمالها ومنتجاتها بشكل وثيقمع الاقتصاد الحقيقي مما يبعدها عن أثر الفقاعات التي قدتنجم عن طبيعة بعض الأنشطة المصرفية الأخرى، ومرة أخرىأثبتت المصارف الإسلامية متانتها عندما انزلقت بعضالمصارف للإفلاس خلال هذا العام نتيجة لبعض السياساتالنقدية والمالية في الولايات المتحدة الامريكية، ولكن ذلك لاينفي أن البنوك الإسلامية استطاعت عملياً الاستفادة منتحرير الأسواق المالية وتوسع العولمة على مختلف الصعد.
ومحلياً تعد الأردن من أوائل الدول التي استوعبت الصيرفةالإسلامية ورسخت قواعد العمل المصرفي الإسلاميواستطاعت أن توفر البيئة التنظيمية والتشريعية التي تمنحهاالقدرة على التطور والعمل جنباً الى جنب مع باقي مكوناتالجهاز المالي والمصرفي بما في ذلك اصدار تشريع خاصلإصدار الصكوك مما يمكن المصارف الإسلامية من المشاركةبفاعلية في تمويل الأنشطة والمشاريع الاقتصادية التي تساهمفي نمو الاقتصاد وتوفير فرص العمل.
هذا بالإضافة الى توفير التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطةوالشركات الناشئة وفق المعايير الشرعية ذات العلاقة، كماساهمت المصارف الإسلامية في الأردن بتعزيز الشمول الماليوجذب فئات واسعة من المجتمع للانضواء ضمن الاطارالرسمي، خاصة وأن المصارف الإسلامية عملت على تطويرمنتجاتها وخدماتها بما يتواكب مع التحول الرقمي والثورةالتكنولوجية التي فتحت الافاق أمام تعزيز التنافسية ورفعالكفاءة وتحسين بيئة الاعمال والأداء الاقتصادي بشكل عام.
من المفهوم أن الصيرفة الإسلامية تواجه العديد من التحدياتوالمصاعب، الا أنه ومع ضرورة العمل لتذليل هذه المصاعبوالتحديات بما في ذلك الاطار التشريعي والتنظيمي الملائموتطوير البنية التحتية للتكنولوجيا الرقمية، لا بد أن نعمل علىالاستفادة من الإمكانيات والفرص التي توفرها أدواتومنتجات المصارف الإسلامية في تحفيز ودعم النموالاقتصادي وتوسيع المجالات التي يمكن أن تشكل فرقاً واضافة نوعية تساهم في تحسين حياة المواطنين وإتاحةالمجال لهم للمشاركة الفاعلة في الأنشطة الاقتصادية بمايتناسب مع مؤهلاتهم وقناعاتهم وتطلعاتهم وحشد المدخراتالتي توفر التمويل المناسب للأنشطة الاستثمارية وذلكللاستفادة من الإمكانات الواعدة لأدوات ومؤسسات التمويلالإسلامية.