الدُّوَيريّة هي إحدى الظواهر الجديدة في عالمنا العربي، وهي تختلف بالتأكيد عن ظواهر انتظار المهدي، أو الزعيم الخالد، أو ظاهرة أحمد سعيد كما يحلو للمحبَطين أن يقولوا. فالدُّوَيريّة ظاهرة شعبية وليست شخصية، نشأت في ظروف عدوان همجيّ على الأمة العربية، لا على فلسطين فقط.
الدّوَيريّة لا تهتف: بالروح، بالدم، نفديك يا زعيم!! وليست ظاهرة حكومية فرضتها حكومة، أو أجهزة أمنية علينا. هي ظاهرة عربية، ومثلها الظاهرة الأردنية” الزيديّة ” نسبة إلى المحلل نضال أبو زيد؛ هي ظاهرة عالجت قضايا أساسية:
١- العجز المكتسب
هذا العجز ظاهرة سيكولوجية تربوية، تَعني أن هناك من أقنعنا بما يأتي:
– نحن ضعاف وعدوّنا قوي، ولا طائل لنا به! فالكفّ لا يناطح المِخرز، صدقناهم أننا ضعاف لا حول لنا ولا قوة. فالدُّوَيريّة خلقت قدرة مكتسبة وحرّرتنا من العجز المكتسب.
– ودُولنا أيضًا مرّت بحالة العجز المكتسب، فمنافقوها أقنعوها وأقنعونا: لم تخلق دول العرب وجيوشها للحرب؛ احترامًا لمعاهداتها، أو لشيء آخر.
– يمكن للمتقاعد العسكري أن ينمّي قدراته الفكرية والتحليلية ليكون قادرًا على نشر علم عسكري، وثقافة عسكرية تساعدنا في فهم ما يجري، خاصة أننا لم نعتد رؤية العسكري، ولا المدني المتقاعد في مهام لافتة. فالتقاعد بداية، وما فعله الدُّوَيريّ، وأبو زيد بعد التقاعد في غاية الأهمية، قد تفوق ما قبلها.
– ما يجعل الشخصية فاعلة هو قدرتها على أن تكون حرّة غير مرتبطة بمن يلقّنها بما تقول، فقد سمعنا ناقدين ومحللين مسكونين بما تقوله مخابرات، ورغبات أجنبية معادية، ولذلك ابتعدوا عن فلسطين، والعدو الصهيوني، وكرّسوا جهدًا لمهاجمة الحوثيين، وغيرهم ممّن ساندوا المقاومة خدمة لمن يوظفهم.
الدُّوَيريّة ظاهرة إبداعية جديدة في مجتمعنا، نحتاج إليها في مجالات حياتنا، نحتاج دُوَيريّة صحيّة، ودُوَيريّة تربوية، وزَيديّة أخلاقية، وزَيديّة إعلامية!
لا حظوا: إن الدُّوَيريّة والزَّيديّة ظاهرتان نشأتا خارج أي مؤسّسة رسمية، والمدهش فعلًا أن المؤسسات الرسمية لم تنتِج أي شخصية يمكن الثقة بما تقول!
فعلا؛ يحدّثونك في مشاكل حكوماتهم، ويتغنّون ببطولات غير مرئية، ويصبّون جام غضبهم على غير أعدائنا!
ويحدّثونك عن المقاومة الفلسطينية، وداعميها، وما أدراك بحديث الأحرار!