مع إطلالة السنة الميلاديّة الجديدة 2024، قدّم المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام رسالة البابا فرنسيس في مناسبة اليوم العالميّ السابع والخمسين للسلام، الذي يصادف اليوم الأوّل من العام الجديد، وعنوانها: "الذكاء الاصطناعي والسلام".
وقال مدير المركز الأب د. رفعت بدر في معرض تقديمه للرسالة، أنّ البابا يشدّد على أهميّة أن يسير التقدّم العلمي والتطور التكنولوجي وفق إرادة الله الخالق في تحسين المجتمع الإنساني وتغيير العالم نحو الأفضل. ورغم الإنجازات المهولة، إلا أنّ هذه التطورات وضعت الإنسان أمام مجموعة واسعة من الإمكانيات، والتي قد يكون بعضها خطرًا على بقاء الإنسان والبيت المشترك. من هنا، يدعو قداسته إلى التوقّف والتأمل بتأثير هذه التكنولوجيات الرقميّة الجديدة على حياة الأفراد والمجتمع وعلى الاستقرار الدولي والسلام بين الشعوب.
وقال: إنّ التطورات التكنولوجية، ومن بينها أشكال الذكاء الاصطناعي، التي لا تؤدي إلى تحسين نوعية حياة البشرية جمعاء لا يمكن اعتبارها أبدًا تقدمًا حقيقيًا. ودعا في هذا السياق إلى الانتباه للتحوّلات السريعة القائمة، وإدارتها بطريقة تصون حقوق الإنسان الأساسيّة وتحترم المؤسّسات والقوانين التي تعزّز التنمية البشرية المتكاملة.
كما يشدّد على ضرورة أن يكون التوسّع التكنولوجي مصحوبًا بالتدرّب الكافي على المسؤوليّة في تطويرها من قبل الشركات، وأن تقوم المدارس والجامعات بمساعدة الطلاب والمختصّين لتبني الجوانب الاجتماعيّة والأخلاقيّة لتطوير واستخدام التكنولوجيا، من خلال وضعها في إطار واسع لتحقيق السلام والخير العام للإنسان والمجتمع، بدلاً من الأنانيّة والمصلحة الشخصيّة والجشع في الربح، والوقوع في أشكال من عدم المساواة الاجتماعيّة جراء تغلغل هذه التطبيقات في أماكن العمل على حساب العمّال وكرامتهم وأمنهم الوظيفي وأجورهم العادلة.
كما تطرّق قداسته في رسالة السلام إلى قضية أخلاقيّة خطيرة، ألا وهي استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب. وقال: "لا يمكن لأنظمة الأسلحة الآليّة أن تكون هي مسؤولة أخلاقيًّا: الإنسان وحده له القدرة على الحكم واتّخاذ القرار الأخلاقيّ.. فالعالم لا يحتاج إلى تقنيات جديدة تساهم في التطوير غير العادل لسوق الأسلحة وتجارتها، ولكن يحتاج إلى قلب الإنسان الذي يمهد دروب السلام". وهنا، حثّ المجتمع الدولي لتبنيّ معاهدة ملزمة تنظم تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، ليست قائمة فقط على منع الممارسات السيئة، بل تشجّع الممارسات الجيّدة وتحفّز الأساليب الإبداعيّة وتسهّل المبادرات الشخصيّة والجماعيّة.
وختم البابا فرنسيس رسالته آملاً بأنّ يتم استخدام الذكاء الاصطناعيّ لتقديم ابتكارات في الزراعة والتعليم والثقافة، وتحسين في مستوى المعيشة، وتعزيز الأخوّة الإنسانيّة والصّداقة الاجتماعيّة، رافعًا الدعاء في بداية العام الجديد "بألا يزيد التطوّر السريع لأشكال الذكاء الاصطناعيّ من عدم المساواة والمظالم الكبيرة الموجودة أصلاً في العالم، بل أن تساهم في وضع حدّ للحروب والصّراعات، وأن تخفّف أشكال الألم تعاني منها العائلة البشريّة، وبالتالي أن نسلّم للأجيال القادمة عالمًا فيه المزيد من التّضامن والعدل والسّلام.
وخلص المركز الكاثوليكي بيانه راجيًا من الله تعالى أن يحمل العام الجديد معه ثمار العدل والسلام لفلسطين، بانتهاء الحرب الهوجاء في غزة العزّة، وبعودة جميع النازحين، وبتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المحقّة والمشروعة بإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وبديمومة نعمة الأمن والاستقرار في مملكة، وتعزيز الثمار الأسرة الأردنيّة العابقة في الوحدة الوطنيّة والتآلف والمحبّة والتضامن، ودوام الحكمة والصحة والعمر المديد لسيّد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني. كما وجه الاب بدر تحية الى صقور سلاح الجو الملكي ونشامى الجيش العربي الذين يبدعون بايصال المعونات الى الشعب الشقيق المنكوب في غزة ، وأعرب عن فخره بايصال المساعدات ليلة عيد الميلاد الى العائلات في كنيسة القديس برفيروس في غزة.