سبق لنا أن ذكرنا في مقالات سابقة أن مبادرات جلالة الملكة رانيا العبدالله لتمكين المرأة قد شكلت إطارا نظرا وعمليا لتمكين المرأة عموما والمرأة الأردنية على وجه الخصوص ، واكدنا على أن القيمة العلمية لتلك المبادرات تمثلت في انسجامها مع الخصوصية الدينية والوطنية وللمرأة الأردنية، وإذ كان فكر القادة عادة يشكل اطارا عاما لدفع عمليات التمكين بالاتجاه المطلوب، فإن مستويات الوعي بما يطرحه القادة من أفكار ورؤى حول موضوع معين يشكل المرحلة الثانية لبلورة تلك الأفكار والرؤى على شكل خطوات عملية تستلهم جوهرها من فكر القائد ومن ثم تتفاعل مع الواقع وصولا الى تحقيق الهدف المقصود من تلك المبادرات.
ومن الناحية العلمية تؤكد أدبيات تمكين المرأة أن الوعي هو أساس نجاح جهود تمكين المرأة عموما، وعلى مستوى الساحة الأردنية ظهرت نماذج متعددة للوعي بتمكين المرأة، الا أن من بين تلك النماذج والتي كان لي شرف اللقاء معها سعادة النائبة ميادة الشريم، والتي تعد من وجهة نظري نموذجا رائدا في الوعي بتمكين المرأة ، إذ تستند رؤيتها لجهود تمكين المرأة على جانبين أساسيين؛ الأول ينطلق من فكرة الازدحام الفكري والكم الهائل نظريا لمصطلح تمكين المرأة والذي اصبح هدفا أساسا في أغلب الجهود الثقافية أو المبادرات التي تتبناها مؤسسات المجتمع المدني الى حد أنه من ندوة او أمسية ثقافية أو توعوية الا ويجد مصطلح تمكين المرأة طريقة للظهور حتى ولو كان موضوع الندوة الثقافية أو التوعية غير ذا علاقة بعمليات التمكين.
أما الجانب الثاني فيتمثل في ان جهود تمكين المرأة على الساحة الأردنية لا زالت تعطي مؤشرات على ان المرأة بحاجة لمزيد من التمكين وكأننا امام هدف بلا نهاية وهذا يستدعي إعادة النظر تقييم جهود تمكين المرأة لنعرف من أين انطلقنا وأين وصلنا. وهنا أود التأكيد على ان مبادرات جلالة الملكة رانيا العبدالله أساس كانت تهدف الى تمكين المرأة بما ينسجم وخصوصيتنا بحيث نصل الى نموذج متميز من التمكين يمكن أن يشكل نموذجا للتمكين الواعي لتمكين المرأة، وبناء على ذلك تأتي رؤى سعادة النائبة ميادة الشريم واعية ومدركة لهذا البعد وهذا بالضبط ما يؤكد أهمية الوعي بفكر القادة والتعامل معه ليظل الأردن متميزا في طروحاته ومحافظا على قيمه ومبادئه الأصلية والتي جسدتها قيادتنا الهاشمية دينيا وثقافيا واجتماعيا.