آخر الأخبار

عمان مدينة الحداثة والتاريخ

عمان مدينة الحداثة والتاريخ
جوهرة العرب 

عمان الأول من آذار (بترا)- ايمان المومني- تحتفل عمان بيومها الذي يصادف في الثاني من آذار، وهي ترنو إلى مستقبل تكون فيه مدينة صديقة للإنسان والبيئة.
وفي يومها، ما تزال عمان مدينة التاريخ والحاضر، على العهد تحافظ على رسالتها الإنسانية والوطنية والدينية القائمة على التسامح وقبول الآخر، والوئام بين الجميع، وما تزال ترفض الإقصاء والتطرف، وتحافظ على وجهها الأردني النبيل والعربي الأصيل.
متخصصون: رأوا عمان في يومها مدينة ملآى بالتاريخ وأيامها مليئة بالإنسانية، وحاضرا أكبر وما زالت تكبر لأنها تحتضن كل قادم إليها سواء مجبرا أو طائعا.
من جهته يشير المؤرخ والباحث والأكاديمي، الدكتور محمد وهيب إلى أن عمان من أقدم مدن العالم وأخذت مكانتها تتقدم منذ فجر التاريخ، فلقد وهبها الله الكثير من المصادر الطبيعية والحضارية مما جعل منها أقدم المناطق التي استهدفها الانسان الأول منذ استقراره، وليس غريبا أن نجد مدينة عمان/عين غزال من أقدم مدن العالم والتي ترجع في تاريخها إلى سبعة آلاف عام قبل الميلاد يومها استطاع ساكن هذه المدينة التاريخية أن يبني أسوارا دفاعية فاطلق عليها علماء الآثار الغربيون سور عمان العظيم، وأيضا أقاموا عمارة هندسية كانت الأولى على مستوى العالم من بيوت أشكال هندسية متعدده، ثم أنشأوا أول شارع عرفه العالم كان يصل أجزاء المدينة العليا مع السفلى، ثم التفت سكان عمان التاريخية إلى الجانب الروحي وأقاموا معبدا لهم ليحققوا التوازن بين الجوانب المادية والروحية ضمن نظام الحياه الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف، وليس من المبالغة القول، أن وادي عمان كان منطلق الحضارة والرقي البشري، وقبل ذلك جاء اكتشاف مستحاثات متحجره لأنواع عديدة من الحيوانات الضخمة المائية والبرية في وادي عمان ليؤكد العلماء أنها ترجع لزواحف ضخمه، وخاصة اكتشاف عظام أضخم الطيور العملاقة في العالم ويرجع تاريخها إلى سبعين مليون عام مضت من العصر الكريستاسي، وما زال هذا الطائر العملاق يحمل اسم عمان (طائر فيلادلفيا) في المصادر والمراجع العلمية في جامعات العالم أجمع بلا منازع، ولا زالت عمان تتربع على عرش أضخم طيور العالم بلا منازع، أيضا حتى يومنا الحاضر وحتى تاريخ هذه اللحظة 1-3-2024.
وقال وهيب: لقد وهب الله عمان ميزات خاصة لا تتواجد في أي مكان آخر في العالم، وعليه فإن عمان مدينة المدن، وقارنها بعض الخبراء بانها تشابه طبيعة اثينا في اليونان التي تعتبر مهد الحضارة الغربية العالمية.
وتابع: واستمرت عمان بتميزها وتفردها على المستوى العالمي عندما اختيرت لإقامة الأبراج العمونية الضخمة ذات الأشكال الدائرية والمربعة والمستطيلة ولا يوجد ما يشبهها في العالم القديم، واستخدموا في بنائها الحجارة الضخمة، حيث كانت شامخة فوق جبال عمان مطلة على الأودية وتحمي السهول الزراعية وحدود المدينة ربة عمون، ولا زال العشرات منها قائمة تحكي قصة المدينة.
وأضاف وهيب: أنه مع دخول الفترة الهلنستية أقيمت مباني هندسية رائعة الدقة، حيث أبهر قصر عراق الأمير وكهوفه الباحثون الغربيون والعرب ذلك أنه متميز ولا يشبهه أي من القصور على سطح الكرة الأرضية وأقيم حوله حوض مائي ضخم مزين بالمنحوتات الحيوانية والطيور والأشكال الهندسية والنباتية، وتخطو عمان بتميزها العجيب والنادر عندما وجدت مرسومة بالفسيفساء على خرائط العالم القديم، خاصة خارطة بوتنجر الرومانية العالمية والتي ترجع للقرن الرابع الميلادي وسميت باسمها التقليدي/ فيلادلفيا فهي متواجدة ضمن قائمة أشهر مدن العالم القديم، ثم نجد صورة مدينة عمان العامرة مرسومة بالفسيفساء في القرن الثامن الميلادي في أم الرصاص على أرضية كنيسة القديس أستفانوس مزينة ومزخرفة بشكل مبهر للناظر، وقبل ذلك ظهرت أجزاء منها على أرضية كنيسة الخارطة في مادبا وترجع للقرن الخامس والسادس الميلادي، وليس هذا فحسب بل كانت عمان مرتبطة بطرق التجارة العالميةعلى البحرين الأحمر، والأبيض المتوسط وخاصة طريق تراجان، وطريق الحرير الدولي، وطريق البخور الدولي، وخلال العصور الإسلامية كانت عمان مركز الحكم والإدارة وعلى قمة جبل القلعة تربع قصر عمان الأموي، وفي واديها محطة الايلاف القرشي ومحطة الحجاج إلى الديار المقدسة.
وقال وهيب: ومع قدوم الأمير عبدالله الأول إلى عمان عام 1921 بدأت نقطة التحول لتنطلق من المدينة بشائر الفرح والسرور بعهد جديد هاشمي عربي إسلامي وئامي لتكبر عمان وتمضي نحو المجد بخطوات ثابته، وبدأ التخطيط الهندسي للطرق والأحياء والجسور والأدراج والمباني العامة والخاصة، وبدأ صحن عمان يكبر ويتوسع ويشارك في النهضة كل الأردنيون من شتى الأصول والمنابت ملتفين حول قيادتهم وعلى قلب رجل واحد، وبعد مرور مئة عام من العمل والجهد والعطاء من عمر الدولة الأردنية يكتمل منهج النجاح وصورة الانجاز البهية، فلقد أصبحت مدينة عمان تضاهي المدن العالمية، وهي مستحقة بجداره لهذه النهضة التي بدأها الملك عبدالله الأول- رحمه الله عندما اتخذ من المركأ / ماركا اليوم مركز البداية وتجمع أبناء القبائل والعشائر الأردنيه حوله فرحين بما هو قادم من الإعمار والإزدهار والنماء والتطور.
وأضاف: وانطلقت عمان من موقع أكبر حضارات المشرق في العصور الحجرية في عين غزال إلى مدينة كبرى عصرية وحديثه، كما أن خطوات تحويلها إلى مدينة ذكية تسير بخطوات متسارعة، والناظر إلى عمان وحركة الحياة اليومية بين عمائرها الشاهقة وأبراجها الشامخة، وتدافع الناس نحوها من شتى المحافظات والمدن والقرى والأرياف صباح كل يوم أحد ذلك أنها أضحت مركزا عالميا يستقطب الداخل والخارج، ثم تشاهد يوم الخميس عودة السكان إلى المدن والأرياف خارج العاصمة في منظر يوحي بأن عمان قلب نابض يجمع الناس من شتى أصولهم ومنابتهم وقراهم لينصهروا في مدينة الهاشميين التي رفعت شعار المحبة والوئام والانجاز والتميز والصداره بلا منازع، فهم جميعا ينصهرون في قالب العطاء والانجاز في حركة رتيبة منظمة جميلة.
وبين وهيب: واليوم تفتخر المدينة بإرثها الطبيعي والحضاري وعشرات من المسارات السياحية وتستقطب آلاف الزوار من كل دول العالم بفنادقها الجميلة واساطيلها للنقل البري ووفرة خدماتها السياحية، فهنا مسار وادي عمان، وهناك مسار الساعات الشمسية، ومسار محطات البريد الزاجل، ومسار السياحة الثقافية من مسارح ومدرجات ومهرجانات ومؤتمرات وورش عمل وندوات، ومسار أصحاب الكهف والرقيم الذي ينطلق من وسط المدينة إلى أطرافها فهي قصة عمانيه يرويها الأجداد للأحفاد ضمن تراث عمان الشفوي، وتستمر عمان بهية متميزة تسير بخطوات ثابتة نحو آفاق المستقبل وتكبر ويزداد توسعها يوما بعد يوم ولهذا يصدق المثل الشعبي المشهور عن عمان (علمك بعمان قرية).
من جهتها قالت: الكاتبة والصحفية والمتخصصة في الإعلام الجديد عبير هشام أبو طوق: تحتفل المدن العريقة حول العالم بيوم خاص لها للتركيز على تاريخها وتطورها في كل المجالات، وعمان من هذه المدن التي تحتفل سنويا في الثاني من آذار بمناسبة "يوم المدينة" وهذا اليوم بحسب التاريخ هو الذي دخل به الملك عبد الله الأول لمدينة عمان، بالتالي فهو يستحق تخليده ضمن المناسبات الأردنية الهامة.
وأضافت: تستحق عمان التي شهدت تطورا واضحا هذا الاحتفاء، فهي العاصمة والحاضنة للأردنيين سواء المقيمين فيها أو من يزورنها يوميا لغايات متعددة كالعمل، الدراسة، العلاج، الترفيه وغيرها من النشاطات فالعاصمة عمان كالأم التي تحتضن الجميع.
وأشارت أبو طوق: عمان هذه المدينة العريقة التي تزخر بالتاريخ والسجل الإنساني الحافل، احتضنت العديد من العرب واتخذوها وطنا لهم، فهم يحتفلون بالمدينة ويومها كما الأردنيين.
وتابعت: لا زالت عمان تحافظ على قدرتها المستمرة على المزاوجة بين الماضي والحاضر، التاريخ والمستقبل ضمن توليفة تحتضن خلالها ملايين من سكانها وزائريها ومحبيها وكل هذا العدد والتنوع والاختلاف لم يزيد عمان الا ألفة ومحبة وأصالة وليس أدل على حب الأردنيين والعرب لعمان ما ذكره الكاتب ابراهيم جابر ابراهيم في إحدى مقالاته "قالت لي كاتبة عربية مرة: أحسدك؛ فأنا لي عم واحد، وأنت لك عمان!"
يشار إلى أن أمانة عمان الكبرى وشركة البريد الأردني، أطلقت بمناسبة يوم مدينة عمان طوابع بريدية تذكارية لعمان، كان مجلس الوزراء قرر إصداره وإضافته لبرنامج إصدارات الطوابع البريدية لعام 2024.
وعبر بيان لأمانة عمان، قال أمين عمان الدكتور يوسف الشواربة "إن عمان درة التاج الهاشمي لها مكانتها وهويتها التاريخية والمعاصرة، وأن الطوابع التذكارية لعمان تحاكي تاريخها وارثها العريق واستحضار الانجازات ومستقبل المدينة التنموي".
وأضاف، أن هذا الاصدار الخاص يأتي بالتزامن مع مناسبة اليوبيل الفضي لتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني - حفظه الله - سلطاته الدستورية، مؤكدا على التوجيهات الملكية السامية بأن الانجاز الحقيقي يكون دوما بتقديم الخدمة التي يستحقها المواطن على أكمل وجه.
وقال رئيس مجلس ادارة شركة البريد الأردني سامي الداود "اليوم ونحن نطرح إصدارا خاصا من الطوابع التذكارية بعنوان يوم مدينة عمان نؤكد أن هذا الاصدار يأتي اعتزاز بعاصمتنا الحبيبة التي اختارها كعاصمة للأردن الملك المؤسس المغفور له عبد الله الأول، ورفع بنيانها جلالة المغفور له الملك الباني الحسين بن طلال - رحمه الله، وأعز مجدها الملك المعزز جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين - حفظه الله.
ويتكون الإصدار الخاص من 6 طوابع وبطاقة بريدية تحمل أبرز المواقع في مدينة عمان حديثا وقديما، ويأتي طرحه بعد أن قرر مجلس الوزراء في العام 2021، وضمن الاحتفالات بمئوية الدولة الأردنية اعتماد الثاني من آذار من كل عام يوما لمدينة عمان وهو ما يعتبر حدثا رسميا ترسيخا لقيم الانتماء للمكان والزمان.