رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

أحمد العطار: رائد من رواد الصحافة البيئية في العالم العربي يغادرنا

أحمد العطار: رائد من رواد الصحافة البيئية في العالم العربي يغادرنا

جوهرة العرب 

اهتز المشهد الإعلامي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ أسبوع بنبأ وفاة زميلنا الصحفي أحمد العطار، فارس الصحافة المصرية ورائد الصحافة البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أحدث هذا الخبر صدمة كبيرة في الوسط الصحفي، حيث عبر العديد من الصحفيين عن حزنهم العميق لفقد الفقيد، وشاركوا تعازيهم ومواساتهم عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

لم يكن أحمد العطار مجرد صحفي بارز في العالم العربي، بل كان رائدا حقيقيا في مجال الإعلام البيئي والتحقيقات مفتوحة المصدر. وقد ترك عمله علامة لا تمحى، حيث سلط الضوء على القضايا البيئية والمناخية وسلط الضوء على التحديات التي تواجه المنطقة والعالم. 

لم يكن أسلوب العطار الصحفي فريدا من نوعه، لكنه كان في متناول الجمهور العام. استخدم لغة بسيطة لإزالة الغموض عن النصوص العلمية، وجعلها مفهومة للقارئ العادي. لم يكن هدفه الاستفزاز بل الإعلام، وجعل المعلومات المعقدة في متناول جمهور واسع ومفهومة. وكان هذا الالتزام الذي لا يتزعزع للتواصل الواضح والمباشر بمثابة شهادة على تفاني العطار لقرائه. 

عمل لسنوات رئيسا لتحرير مجلة "الصباح" ونائبا لرئيس تحرير مجلة "روز اليوسف" قبل أن يؤسس منصة أوزون المتخصصة في قضايا التغير المناخي في الشرق الأوسط بعد مشاركتها. في برنامج مركز الإرشاد للمبادرات الإعلامية الناشئة. 

تميزت مسيرة العطار المهنية بتفانيه الثابت في الصحافة المناخية. بدأ بتغطية محادثات المناخ في مؤتمر باريس للمناخ في عام 2015 وواصل مشاركته في COP27 وCOP28. وعندما استضافت مصر مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) في عام 2022، أخذ العطار زمام المبادرة لتدريب ومساعدة الصحفيين العرب على فهم محادثات المناخ، وهو موضوع ملح في العالم العربي وسط الأزمات البيئية المتصاعدة. إن تركيزه على الجانب السياسي لمفاوضات المناخ، وشبكة علاقاته الواسعة، والموضوعات الحصرية المنشورة على موقعه على الإنترنت تؤكد دوره كمرشد وقائد في هذا المجال. 

كما عمل العطار مستشارا في المركز الدولي للصحفيين في واشنطن، ICFJ، والعديد من المؤسسات الدولية، بما في ذلك صحيفة العين الإماراتية، حيث عرف عنه حرصه على اختيار الضيوف، وطرح الأسئلة الدقيقة والجذابة التي تبقيهم على تواصل. ليهتم القارئ حتى نهاية المقابلة دون ملل. 

انضم إلى شبكة الصحفيين الدوليين في أكتوبر 2018. وكتب العديد من المقالات حول الصحافة البيئية والاستقصائية وتغطية قضايا المناخ. كما أجرى العديد من الدورات التدريبية حول تغطية مؤتمرات المناخ بالتعاون مع شبكة الصحفيين الدولية ومنتدى المركز الدولي للصحفيين. 

أحمد العطار كان صحفي موهوب. تزينت مسيرته المهنية بالعديد من الجوائز البارزة، منها جائزة أريج للصحافة عام 2012، وجائزة سيمنز الألمانية عام 2016، وجائزة الصحافة المصرية عامي 2015 و2020. وبعيدًا عن الصحافة، برع العطار في العمل الاستقصائي في مجال البيئة والمناخ. فيلدز، كان بارعًا في صحافة البيانات، ودرس الإخراج، مما جعله مصورًا فوتوغرافيًا ممتازًا. امتدت خلفيته المتنوعة إلى الدراما وكتابة السيناريو والنقد الفني، مما جعله نادرًا في المجال الصحفي يتمتع بمهارات ومواهب عديدة. 

باختصار، كان العطار إضافة قيمة للمجال الصحفي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ترك رحيله فراغا كبيرا، لكن إرثه سيبقى حيا في ذاكرتنا. وستظل أعماله دائمًا مصدر إلهام للأجيال القادمة. 

 

ماذا قال الزملاء عن أحمد العطار؟

  • نهى بلعيد (رئيسة الصحفيين العلميين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)

أحمد العطار يدعم مجتمعنا رسميًا. لم أضطر أبدًا إلى طلب المساعدة منه؛ وكان دائمًا يمد يده لتقديم المساعدة، خاصة في أوقات الأزمات. كان أحمد ملتزمًا بنجاح جميع مشاريعنا. لم يتردد أبدًا في مشاركة المعرفة مع جميع زملائه دون توقع أي شيء في المقابل. وأعرب عن أمله في رؤية جيل جديد من الصحفيين العلميين يتولون زمام الأمور لأن عالمنا اليوم يحتاج بشدة إلى الصحافة العلمية. ولم يتردد قط في تقديم التوضيحات والنصائح والتوجيه والمساعدة. 

التقيت بأحمد العطار عبر الإنترنت، ثم تواصلنا فيما بعد وجهًا لوجه. لقد سررت بالجلوس إلى جانب فريقه خلال مؤتمر COP28 وكنت سعيدًا بمعرفة المزيد عن عمله. وكان أخي العطار أكثر حرصا مني على حضور المؤتمرات العلمية. لقد ذكّرني بمواعيد المؤتمر عندما نسيتها، معتبراً إياها فرصة للقاء في الحياة الواقعية. وكان دائمًا على استعداد لتبادل المعلومات وإلقاء خطابات المشاركة. عندما سئل عن صحفي بيئي مصري، تبادر إلى ذهني اسم أحمد العطار على الفور. لن ننساك يا أحمد... وسيبقى اسمك محفورا في ذاكرة الصحافة العلمية.

  • مصطفى حجاج (رئيس تحرير موقع "أخبار الأنباء" - مصر)

في 3 نوفمبر 2022، عقدنا جلستنا الأولى معًا لمناقشة التحديات البيئية في العالم العربي بعنوان "ما رأي الصحفيين في آراء العلماء؟". في تلك اللحظة رأيت صحفياً يتمتع بمهارات عالية وحضور غني، وكنت أركز على الاستماع أكثر من التركيز على المداخلة والتحدث خلال تلك الجلسة، بالإضافة إلى الزملاء الآخرين المتحدثين. 

ومنذ ذلك الحين وأنا مهتم جدًا بمتابعته وقراءة إنتاجاته الصحفية المتميزة في هذا المجال، والذي يعد من أمهر الرواد. لسوء الحظ، لم نلتقي وجهًا لوجه، ربما بسبب حياتنا المزدحمة، لكنني شعرت دائمًا أنه صديق عزيز وأخ قريب. لقد صدمني خبر وفاته، ولم أتعجل في نشر الخبر حتى بحثت كثيراً عسى أن أجده كاذباً، ولكن كان ذلك ما شاء الله. رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى. ما أسعدني وسط حزني العميق لوفاة "العطار" هو مظاهر الحب التي رأيتها وسمعت عنه من زملائه الصحفيين وكبار الأساتذة في مهنة البحث ومدى تميزه، وهذه حقيقة، سواء على الصعيد الإنساني أو الاجتماعي، كان نبيلاً وشجاعاً وابناً أصيلاً للوطن. وما أثبته وأكده «العطار» هو الرسالة الفعلية «ويبقى الأثر».

  • أيمن صالح (رئيس قسم الاقتصاد - منفذ العين، الإمارات العربية المتحدة)

أحمد العطار كان فكرة، والأفكار لا تموت. في ظروف مضطربة شهدتها القاهرة عام 2015، رن هاتفي من رقم مجهول، بصوت يحمل طيبة خالصة دون معرفة مسبقة أو تعريف ذاتي، قائلا: "تحقيق رائع يستحق النشر، أحسنت يا أيمن". تلك الكلمات نقشت على صدري عن تحقيق تمت مصادرته من العدد المنشور في صحيفة "الوطن" آنذاك؛ وكان المتصل الأستاذ أحمد شوقي العطار. تبادلنا الحديث بهدوء، وهو أمر غير معتاد بين الصحفيين الاقتصاديين. ثم التقينا في انطلاق مؤتمر الأطراف في المناخ (COP27) في منتجع شرم الشيخ المصري. ومع ذلك، هذه المرة، مثلت العين من دولة الإمارات العربية المتحدة. 

كانت المهمة كبيرة نظراً لهذا الحدث العالمي، وكنت بحاجة إلى أكثر من خبرتي في مجال المناخ أو الصحافة العلمية. ومع ذلك، كان علي أن أقرأ لتوفير تغطية كافية ومتوازنة لمؤتمر COP27. ماذا علي أن أفعل وسط هذه المجرة من الصحفيين المتخصصين وأنا لا أملك إلا لغة الأرقام كمحرر اقتصادي؟ اختفت تعقيدات السؤال فجأة عندما رأيت شخصًا يجلس في المنطقة الزرقاء وكأنه منصة معلومات تنقل المعرفة إلى جميع المشاركين في COP27. لم أتردد وتوجهت نحو طاولته، آملاً أن أجد الحل في ملف معقد مثل ملف المناخ. قدمت نفسي فابتسم. فسألته عن سبب ابتسامته، فاتسعت ابتسامته، فقال: ألا تذكرني؟ قلت لا، فقال بهدوء: أنا العطار. 

بحثت ذاكرتي بسرعة عن الاسم، ومن خلال هاتفي وجدت اسمين للعطار؛ كان أحدهم صحفيًا مناخيًا. سألني الرجل الهادئ إذا كنت أتذكر؛ ابتسمت هذه المرة ونسيت سبب وجودي أمامه. كانت محادثتنا جذابة، مع التركيز على الاقتصاد والأرقام في فعاليات مؤتمر الأطراف المعروفة باسم "COP". طلبت من العطار، دون مقدمات، أن يشرح لي المزيد حتى أتمكن من تقديم تغطية كافية لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين. وطلب العطار اللقاء مساءً، وكان في الموعد. التقينا في جلسة أشبه بالدرس الخصوصي؛ أحضر الرجل الهادئ أوراقه وقلمه، وبدأ بالشرح الذي استمر لأكثر من ساعتين. 

كانت هاتان الساعتان الأكثر أهمية في مسيرتي المهنية لسببين. أولاً، طريقة تقديم العطار لملف المناخ والصحافة العملية في كبسولات مباشرة، أتاحت لي داخل العين أن أرفع سقف الطموح لإطلاق منصة متخصصة في المناخ تسمى "نداء الأرض". ثانياً، الأصدقاء لا يوجدون إلا في عالم الصحافة التنافسية مع وجود حواجز. لقد اكتسبت صديقاً من نوع فريد، فمنذ هاتين الساعتين لم يدخر العطار جهداً في "عطره ومسيرته" في التواصل الدائم ليطمئنني ويقدم العديد من التحديثات حول ملف المناخ حتى بدأ التعاون الرسمي بيننا ضمن العين قبل بدء مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين. لقد كانت بداية جديدة لم تكن أدنى من بدايات التعارف بل بداية لعلاقة عمل فريدة من نوعها. 

شارك العطار في إطلاق أول مساحة خضراء لمنصة نداء الأرض، ليضع حجر الأساس لخطته الطموحة للتحضير لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)، الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 2023. وفي دبي، بدأت مرحلة أعمق في علاقتي مع آل- العطار، هذه المرة كطالب ومعلم في مهمة مناخية بعنوان التفرد والعمق والتأثير. التفرد والعمق والتأثير يرتبط دائمًا بأحمد شوقي العطار. شهادتي هنا ستجرح بلا شك لأنني الطالب الذي مدين للمعلم بالنصف، وهذا واجب ثانوي. على مدار أكثر من 12 يومًا في دبي، بين العمل والتسوق واختيار الأطعمة الجديدة والوجهات السياحية الجديدة، خاصة أنها زيارة العطار الأولى للمدينة التي لا تنام، كانت لنا تجارب. 

تجارب العطار كانت دائما مزدانة بالأدب والأمل والإيجابية والحيوية والنصيحة والتضحية والابتكار والابتسامة، حتى في أشد الأزمات، وهذا طبيعي في مثل هذه التغطيات. كان العطار الشخصية المحورية القادرة على تحويل الأزمة إلى فرصة، والمحنة إلى هدية، واليأس إلى أمل، والإنسان إلى إنسانية. لتبقى السيرة العطرة والأخلاق النادرة والإنسانية المفرطة هي السمة المميزة لفارس الصحافة العلمية وملف المناخ. ارقد بسلام يا صديقي العزيز، ولا تتوقف صلاة طلابك حتى يلقوك، فأنت ظاهرة إنسانية، والأفكار لا تموت.

  • إيمان منير (صحافية مستقلة في مجال البيانات والاستقصاء، مصر )

في عام 2021، خلال ورشة عمل حول القضايا البيئية والمناخية بنقابة الصحفيين المصريين، شاركتني زميلتي ندى البدوي كيف أشاد أحمد العطار، المدرب، بتحقيقي الأول "شواطئ سوداء" في مصر. والصحافة الإقليمية تركز على البيئة. 

على الرغم من عدم معرفة بعضنا البعض في البداية، فقد اعترف أحمد بعملي واعتبرني شخصًا متميزًا في الصحافة الاستقصائية البيئية. التقت مساراتنا في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في شرم الشيخ، حيث التقينا للمرة الأولى، مما أدى إلى إنشاء شبكة صحافة البيئة والمناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ECJ) إلى جانب ندى البدوي ورحاب عبد المحسن. . 

طوال صداقتنا وتعاوننا، كان توجيه أحمد ودعمه لا يقدر بثمن. وعلى الرغم من الخلافات العرضية بسبب التزامات العمل، ظلت روابطنا قوية. في الآونة الأخيرة، بينما كنا نخطط لتجديد الشبكة، واصل أحمد الثناء على عملي وقدراتي. وفي محادثة أخيرة مؤثرة قبل وفاته، قدم نصائح صادقة، مؤكدا على أهمية الحفاظ على العلاقات وسط التحديات المهنية. 

لقد ترك موت أحمد المفاجئ أثراً عميقاً، وأعاد تشكيل وجهة نظري في الحياة. سوف يستمر إرثه في الصحافة المناخية والبيئية من خلال جهودنا المستمرة. وداعاً يا أحمد؛ سيتم تذكر تأثيرك دائمًا بينما نواصل المهمة التي دافعت عنها.