و العالم يحتفل اليوم في الحادي والعشرين من آذار بعيد الأم ..لا نستطيع أن نتجاهل دور الأم في غزة العزة..فعن أي أم سنتحدث..هل نتحدث عن الأم التي فقدت رضيعها الوحيد الذي انتظرت رؤيته للنور لسنوات عديدة مضت فلجأت للأنابيب لتفرح بفلذة كبدها..وتعيش الأمومة التي لم تسمح لها نيران العدو الصهيوني بالإستمرار فتحرمها منه دون أي ذنب..
أم نتحدث عن الأم التي فقدت جميع أفراد عائلتها ،او بعضهم أمام عينيها ولم تستطع تقديم أي شيء لهم،ولم تستطيع حتى طلب سيارات الإسعاف لهم ،ولم تقدم لهم سوى الدعاء بالرحمة.
أم نتحدث عن الأم التي حرمتها آلة الحرب في غزة من الفرحة بتخرج نجلها،أو زفافه ،أو ذهابه للمدرسة ،او يجتاز إمتحان الثانوية العامة والذهاب للجامعة،أو إجتاز هذا الإمتحان بتفوق فبدلا من أن يكمل دراسته دفع حياته ثمنا لكونه من غزة أولا ولكونه فلسطينيا ثانيا ،أو حتى رؤيته يكبر أمام عينيها..
فالأم في غزة رأت من الويلات ما رأت منذ السابع من تشرين الأول من العام الماضي،ولا زالت،وإن كانت من قبل تعاني جراء الإحتلال الصهيوني ،ولكن ما تعيشه الآن يفوق كل ما يمكن أن يقال ،او أن يتحمله العقل ،أو يتقبله البشر تحت وطأة التجويع والتشريد والتهجير والقتل،فما يجري في غزة العزة حرب إبادة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
والأم في غزة كما هو الحال بالنسبة لباقي السكان تعيش بأسوأ الظروف لكنها لا زالت تقاوم رغم كل ما تمر به ليس لشيء وإنما لتعطي العالم أجمع دروسا في الحياة وفي كل يوم بأن الصمود على الأرض والتشبث بها والدفاع عنها حتى في ظل عمليات الإبادة التي يمارسها العدو الصهيوني هو من أقوى أنواع الجهاد والدفاع عن الأرض حتى ولو كان الثمن ألاف من الشهداء..
نعم فالأم في غزة العزة تعلم بأنها تنجب الأبناء وتربيهم للدفاع عن الأوطان..وهي تعلم كما يعلم الأبناء أنهم سيدفعون حياتهم دفاعا عن الأرض في فلسطين وغزة..فليس لديهم أدنى شك بأنه لا يوجد لديهم سوى خيارين لا ثالث لهما ..إما النصر أو الشهادة..
ولا يوجد في غزة العزة أم إلا وفقدت الإبن او الأخ او الزوج أو العم كشهيد دفاعا عن الأرض..وإن لم يكن شهيدا فقد يكون مفقودا أو جريحا أو أسيرا..وهذا الأمر يعطي للمرأة في غزة..وللأم أيضا دافعا للإستمرار في الحياة..فالأم هي التي تنجب الرجال الرجال الذين نذروا حياتهم من أجل الوطن..ومن أجل أرضه الطهورة..
وفي هذا اليوم..يوم الأم هذه تحية إجلال وإعتزاز وتقدير للمرأة في غزة الصامدة وفي فلسطين..وتحية لكل أمهاتنا ..وعسى أن يكون الفرج قريب على أخوتنا في غزة ..وفي فلسطين .