القاهرة، ٣٠ آذار، ٢٠٢٤ - أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي على أن مواقف المملكة التاريخية وفعلها المستمر وجهدها الذي لا ينقطع هو باتجاه إسناد الشعب الفلسطيني ونصرته، وإنهاء ما يتعرض له من ظلم تاريخي لا يوجد مثيل له على الأرض.
كما شدد الصفدي على استعداد المملكة كما هم الأشقاء في مصر لإدخال آلاف الأطنان من المساعدات يومياً لتلبية احتياجات الأشقاء الفلسطينيين في غزة.
جاء ذلك خلال مشاركة الصفدي، اليوم في الاجتماع الوزاري الثلاثي الذي استضافته جمهورية مصر العربية، وضم وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، لبحث تطورات الأوضاع في غزة، والجهود المبذولة لوقف الحرب وضمان حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، والتطورات المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
وفي مؤتمر صحافي مشترك بعد الاجتماع، شكر الصفدي وزير الخارجية المصري سامح شكري على هذا اللقاء الهام مع وزير خارجية فرنسا لبحث قضية الساعة، القضية الأهم بالنسبة للجميع، وهي وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وما يسببه من قتل ودمار وتجويع، ومن تهميش للقانون الدولي واستهتار بكل القيم والمعايير الدولية والأخلاقية والقانونية والإنسانية.
وقال "اجتمعنا اليوم وزراء خارجية دولتين عربيتين ودولة أوروبية رئيسة، وعكس لقاؤنا توافقاً حول قضايا أساسية تمثل الآن موقف المجتمع الدولي برمته؛ وقف إطلاق النار، رفض استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين، إدخال المساعدات بشكل فوري إلى غزة، وهذا مطلب ليس لنا فقط، هذا مطلب أكده مجلس الأمن، وأكدته محكمة العدل الدولية، وأكده المجتمع الدولي برمته، لكننا ما زلنا نواجه رفضاً إسرائيلياً يؤدي إلى قتل المزيد من الأبرياء، ويؤدي إلى تدمير المجتمع الغزي برمته، ويؤدي إلى تقويض كل صدقية العمل متعدد الأطراف".
وأضاف الصفدي "ما نؤكد عليه اليوم هو أن على إسرائيل أن تواجه نتائج ما تقوم به، وإذا كانت إسرائيل تتحدى العالم أجمع، فعلى العالم أن يتخذ خطواتٍ عملية فاعلة توقف هذا الجنون، وتوقف هذا القتل والدمار، وتمنع موت الأطفال لأنهم لا يجدون حليباً يشربونه، وتمنع موت الرجال والنساء لأنهم لا يجدون طعاماً يأكلونه". وزاد "ما الذي يحول دون توفير الطعام والغذاء والدواء للشعب الفلسطيني في غزة؟ هو قرار سياسي لحكومةٍ متطرفة قررت أن تستخدم التجويع سلاحاً".
وقال "نستطيع أن نتعامل مع المجاعة التي يواجهها أهل غزة بوقت سريع جداً؛ المطلوب أن تفتح إسرائيل الحدود والمعابر البرية لإدخال المساعدات من مصر ومن المملكة، وأن تتوقف عن منع دخول المساعدات، وأشار "عندما تقول منظمات دولية محترمة إن أكثر من مليون فلسطيني يواجهون مجاعة، وإن كل سكان غزة يعانون الدرجات الأقصى من الجوع ونقصان الغذاء، إذاً نحن في مواجهة كارثة حقيقية والكارثة ليست فقط وجود هذه الكارثة ولكن أيضاً عجز المجتمع الدولي برمته عن أن يمنع عقائدية متطرفة يمثلها رئيس الوزراء الإسرائيلي ومسؤولون في وزارته من قتل للأبرياء وقتل للأطفال".
وزاد "نريد أن يكون هنالك حراك دولي حقيقي وفاعل، اليوم وليس غداً، لوقف هذا العدوان، نريد أن يكون هنالك عقوبات على الحكومة الإسرائيلية إذا ما استمرت في تحدي العالم وتحدي القانون الدولي، ونريد أن يكون هنالك خطوات حقيقية وفورية توقف العدوان وتدخل الغذاء والطعام والمياة والدواء وكل ما يحتاجه الشعب الفلسطيني حتى يستطيع أبناؤه الاستمرار في الحياة.
وشدد الصفدي "يجب أن يتوقف تزويد السلاح إلى إسرائيل، ويجب أن يكون هنالك قرارات قابلة للتنفيذ وملزمة في مجلس الأمن من أجل فرض وقف هذا العدوان وفرض حماية الأبرياء من الموت جوعاً".
وزاد "كما ذكر أخي سامح نحن نتحدث عن اللحظة التي لا تقبل إلا أن نتحدث عنها بهذا الوضوح وبهذه الصراحة، وندرك تماماً أن المستقبل سيكون أسوء مما نعانيه الآن إذا لم ينتهي الظلم ولم ينتهي الاحتلال ويتحقق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمها حقه في الحرية والدولة والكرامة على ترابه الوطني لتعيش منطقتنا كلها بأمن وسلام، وحتى في ذلك نواجه تعنتاً وعجرفة إسرائيلية غير مقبولة في رفض حل الدولتين وفي رفض إيجاد أي أفق سياسي".
وقال الصفدي "نجتمع اليوم لنؤكد على أننا نتفق في طروحاتنا المستهدفة وقف العدوان وفي طروحتنا المستهدفة تحقيق السلام العادل والشامل الدائم، ولقاؤنا اليوم بنى على اتصالات مكثفة أجراها قادتنا مع بعضهم البعض؛ لقاءات عديدة جرت بين جلالة الملك و فخامة الرئيس السيسي وفخامة الرئيس ماكرون"، مؤكداً "لقاءاتنا مستمرة ومتقدمة، والموقف الفرنسي تطور بشكل كبير، وفرنسا تدعو إلى وقف إطلاق النار، ونأمل أن تكون هنالك خطوات لتبني هذا الموقف بشكل أكبر دوليًا واتخاذ خطوات لتحقيقه".
وأشار الصفدي إلى قضية الأنروا، وقال "إسرائيل ليست فقط تجوع الفلسطينين لكنها تريد أن تقتل الجهة الوحيدة القادرة على الحؤول دون تجذر المجاعة في غزة وذلك عبر استهدافها للأنروا، وعبر تشويه سمعة الوكالة، وعبر محاولة إيقاف الدعم السياسي والمادي للوكالة، ونؤكد على أهمية استمرار دعم الأنروا لأن لا جهة أخرى قادرة على أن تقوم بما تقوم به الأنروا، ولا يمكن استبدال الأنروا، وأن أي محاولة لتعطيل عمل الوكالة هو زيادة في تجويع الشعب الفلسطيني، وفي قتله جوعاً وعطشاً".
وشكر الصفدي فرنسا على ما تقدمه من دعم للأنروا، معرباً عن أمله في رؤية المزيد من الدعم ليس فقط من فرنسا ولكن من المجتمع الدولي برمته.
وفي إجابة على سؤال، حول تصاعد العنف من قبل المستوطنين في الضفة الغربية والمسجد الأقصى، وقرارات الحكومة الإسرائيلية بناء مزيد من المستوطنات، وحول ضرورة فرض عقوبات على إسرائيل ومنع تزويدها بالسلاح، قال الصفدي "الوضع في الضفة الغربية يغلي، والضفة الغربية تعاني كارثة كبيرة تتمثل في سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف حصار الشعب الفلسطيني، ونرى الاستيطان يتزايد، ونرى مصادرات جديدة للأرض الفلسطينية، وعمليات عسكرية ضد الأبرياء والمدنيين في الضفة الغربية، وحتى ما قبل السابع من تشرين الأول عدد الفلسطينيون الذين ارتقوا في الضفة الغربية كان الأكبر منذ أكثر من عقد، ومنذ السابع من تشرين الأول مئات الفلسطينيين قتلوا وآلاف اعتقلوا أيضاً".
وأكد الصفدي "هنالك وضع سيء جداً؛ هذا الوضع يعكس سياسة ممنهجة للحكومة الإسرائيلية الحالية بقتل كل أفق تحقيق السلام على أساس حل الدولتين عبر المزيد من الاستيطان والمزيد من مصادرة الأراضي والمزيد من القيود والضغوط على الإنسان الفلسطيني وعلى الأرض الفلسطينية وعلى الاقتصاد الفلسطيني"، مؤكداً "نحن نحذر دائماً من ذلك. وكنا حذرنا حتى قبل السابع من تشرين الأول من أن الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تقوض كل فرص تحقيق السلام ستدفع بالمنطقة باتجاه الكارثة".
وأشار الصفدي إلى خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة في شهر أيلول الماضي، عندما حذر من خطورة الأوضاع في الضفة الغربية وخطورة استمرار إسرائيل في قتل الأمل الفلسطيني بالحياة بحرية وكرامة وعدالة على المنطقة برمتها.
وقال " ترون ما تعيشه المنطقة والعالم من عدوان إسرائيلي على غزة الآن، وأثر ذلك على المجتمع الدولي برمته؛ حيث صدقية العمل الدولي الجماعي تقوضت، والقيم الإنسانية استبيحت، والقانون الدولي لم يعد له أي أثر على الأرض فيما يتعلق بإسرائيل".
وفيما يتعلق بموضوع الدعوة إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، أكد الصفدي "نحن نقول الذي تحتاجه المنطقة الآن والذي ينسجم مع القانون الدولي ومع القيم الإنسانية هو وقف القتل، ووقف التجويع، وتزويد الفلسطينيين بالطعام والغذاء والدواء وبحاجاتهم الأساسية لكي يعيشوا فقط، وللأسف نرى دعوات دولية من أجل تحقيق ذلك لكن لا نرى ما يكفي من الخطوات التي تفرض لتحقيق ذلك، ودعوتنا هي أن يفرض المجتمع الدولي على الأقل في الجانب الإنساني أن يتخذ مجلس الأمن قراراً ملزماً تحت الفصل السابع يمنع جريمة التجويع وهي جريمة حرب ويفرض على إسرائيل أن تفتح المعابر أمام دخول المساعدات الإنسانية حتى يستطيع الناس أن يحصلوا على قوتهم ويحولوا دون موت أطفالهم جوعاً وعطشاً".
وأكد الصفدي "جهدنا مستمر، ونحن في المملكة لم نتوقف منذ اليوم الأول ليس فقط في تعرية الرواية الإسرائيلية وفي كشف خطورة ما يجري ولكن أيضاً في حشد دعم لموقف دولي داعم لوقف هذا العدوان ولمساعدة الشعب الفلسطيني، وهذا الجهد من قبل المملكة لم يتوقف، لكن الأردن وحده لن يكون قادراً على وقف هذه المأساة، العالم كله يواجه الكثير مما ترتكبه إسرائيل الآن، لكن إسرائيل تتحدى، فالكل يقوم بما يستطيعه،
وشدد الصفدي "في المملكة مواقفنا التاريخية وفعلنا المستمر وجهدنا الذي لا ينقطع هو باتجاه إسناد الشعب الفلسطيني ونصرته وإنهاء ما يتعرض له من ظلم تاريخي لا يوجد مثيل له على الأرض الآن، ولا يوجد في التاريخ الحديث عدوان أدى إلى ما أدى له العدوان الإسرائيلي على غزة من قتل ودمار وتجويع وانتهاك للقانون الدولي، ومع ذلك المواقف الدولية تطورت بعض الشيء، لكن سؤال واحد أضعه أمام المجتمع الدولي ماذا سيفعل المجتمع الدولي ليمنع إسرائيل من قتل الفلسطينيين تجويعاً؟ بكيف تبرر إسرائيل عدم إدخال مساعدات إنسانية لأطفال ونساء ومرضى و ورجال ونساء؟ وكيف يبرر للمجتمع الدولي عجزه عن فرض القانون الدولي بإجبار إسرائيل على فتح المعابر وإدخال المساعدات؟".
وأكد الصفدي "نحن في المملكة مستعدون كما هم أشقاؤنا في مصر لإدخال آلاف الأطنان من المساعدات يوميا لتلبية احتياجات أشقائنا الفلسطينيين، والعائق دون ذلك هو قرار للحكومة الإسرائيلية، والذي يتيح ذلك هو إجبار إسرائيل على عكس هذا القرار اللاإنساني الوحشي والسماح بإدخال المساعدات"، مشدداً على أن "الأمور جاوزت كل الحدود الأخلاقية والإنسانية والقانونية، وعلى أن ما تفعله إسرائيل في غزة جرائم حرب يجب أن تتوقف، وما تفرضه على الضفة هو تفجير أيضاً لأزمة جديدة، والمجتمع الدولي كله الآن يواجه أزمة مصداقية وأزمة ثقة بإنسانيتنا المشتركة، والفشل هو فشل لنا جميعاً".
وصدر عن الاجتماع بيان مشترك، دعا خلاله الوزراء إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح كافة الرهائن والمحتجزين، وطالبوا بالتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن أرقام ٢٧١٢، و٢٧٢٠، و٢٧٢٨، بما في ذلك تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن.
وأدانوا جميع الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وحذروا من التداعيات المروعة للوضع الإنساني، والمجاعة وانهيار النظام الصحي في قطاع غزة، وأكدوا رفضهم لأية محاولات للنزوح والتهجير القسري للشعب الفلسطيني والتي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
كما أكدوا على أهمية دور مصر في الجهود الرامية إلى تخفيف معاناة السكان المدنيين في غزة وكذلك في المفاوضات المتعلقة بقضايا وقف إطلاق النار والرهائن والمحتجزين.
ودعوا إلى تنفيذ التدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية في ٢٦ كانون الثاني و ٢٨ آذار ٢٠٢٤.
ودعوا إلى إنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ودون عوائق وبشكل مكثف، مباشرةً إلى السكان المدنيين المحتاجين، داخل قطاع غزة وفي جميع أنحائه، وطالبوا إسرائيل بإزالة جميع العقبات والسماح وتسهيل استخدام جميع المعابر البرية وزيادة قدراتها بهدف زيادة تدفق المساعدات الإنسانية وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
كما أثنوا على الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك الأنروا، والتي لا غنى عنها، وتلعب دوراً حاسماً في توفير المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة للسكان المدنيين في قطاع غزة، وأعادوا التأكيد على أهمية احترام وحماية جميع العاملين في المجال الإنساني وضمان وصولهم وحرية تنقلهم إلى غزة وفي جميع أنحائها، بما في ذلك الجزء الشمالي منها.
وعارضوا أي هجوم عسكري على رفح التي تأوي ١،٥ مليون نازح فلسطيني، حيث أن أي هجوم على رفح سيؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح ويزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة.
ودعوا إلى الحفاظ على الوضع القائم للأماكن المقدسة في القدس دون تغيير، بما في ذلك دور دائرة أوقاف القدس الأردنية تحت الوصاية الهاشمية، وأعربوا عن قلقهم العميق إزاء الضغوط المتزايدة ضد المسلمين والمسيحيين في القدس.
وأكدوا على حتمية تنفيذ حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة ومتصلة الأراضي وقابلة للحياة على أساس خطوط عام ١٩٦٧، بهدف أن تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب في سلام وأمان.
وأكدوا على ضرورة قيام مجلس الأمن بمعالجة الوضع على الأرض، بالإضافة إلى الشق السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو ما تلتزم به فرنسا، باعتبارها عضواً دائماً في المجلس.