لنعامل الناس كما أرادوا هم أن يكونوا لا كما يغلب علينا الظن أن نراهم، ولنتجنب الغوص بسبر أعماق شخوصهم لمعرفة ما تخفيه سرائرهم، ليسوقنا الوهم بأننا سنستطيع الشق على صدورهم، لندع لهم ما أخفوه ولنعاملهم بما أبدوه، فإن غير البعض منهم الظاهر لنا من كينونته فحتما سنلاحظها وسيتغير مفهومنا عنها ومن ثم تعاملنا معها، وقد يذكر لك أحد المتوجسين أننا سندفع ثمن عدم تحرينا عن كينونة أنفس الناس القريبين منا، لنرد عليه أن الحكمة تكمن بالسير بمحاذاة الشواطئ فإن أبحرنا فلا نبتعد بالقدر الذي يتجاوز قدرة عيوننا لرؤية أهلنا قرب المرافئ.
وعلينا أن أن نفهم أن الصراحة والشفافية لا تعني أن كل ما يخص شؤون دائرتنا الأولى يجب أن يكون خبرا مباحا، فهناك ما هو للخاصة وهناك ما هو للعامة وهناك ما يجب أن يحظى بعلمه الجميع دون أي تقتير، فلنترك الخوف ولنتعلم الحذر، وبذلك لن نخشى سقوط أي من الأقنعة للقلة ممن ابتلينا بهم من الأقارب أو الأباعد وكنا لهم أوفياء ولكن تركونا واختاروا السير على درب الأشقياء.