أفكار مسمومة ومارقة على مفهوم الفطرة الإنسانية تغزو فضائنا الالكتروني؛ حيث يقوم سدنتها بتحديد الخير والشر داخل مجتمعنا ، بناء على بوصلة أحادية النظر للمجتمع وتفسير ثنائية الخير والشر على مقاساتهم .
واخر هذه التعابير سمية كانت عندما اطل علينا بها أحد حمالين الحطب يوزع شهادات الخلاص والبراء على "الفيس بوك". إثر وفاة أحد قادة فكر اليسار الديمقراطي التقدمي
ساقه انغلاقه إلى التصور الإثم بالوصاية المندفعة بغير ثبات على فطرة الإنسان ، بغسل فصيلة قطيعه من الذنوب، ويلبس من هم خارج معبد اعتقادهم بالذنوب.
لا بل والإيحاء بالنفي لمجرد أن من غادر عالمنا ليس ممن يدورون في قطيع السمع والطاعة، لكهنة جرثومة التخلف التي حلت على صدر الأمة بخطابها وأفعالها وإفرازاتها التي قوامها تفرقة البشرية بين ما توهبه من وصاية على الأرض بما صاغت أياديهم من تحوير للمفاهيم بما يخدم الأنا الإقصائية، التي تقتاد على تحشيد بغيض إزاء انسانيتنا، وحتى مآسيها لم تنجو لتصبح سلعة رخيصة في معبدهم للتجارة باستغلالها من خلال خلق مواقف لمجابهة المجتمع بالسعي المحموم، لتمزيق نسيجه الاجتماعي وهدم قيمه وعلى رأسها "التعددية" التي مثلت على الدوام روحه ومرتكزه ومنطلق التنوير الأكبر في السلم المجتمعي، الذي جسد في مجتمعنا منذ القدم نبراس رسالته للبشرية بخصوصيته المنيعة المنفتحة على الآخر في إطار الثبات وتأصل ثقافة التسامح بموروثه وواقعه.
إلا أن على نقيض ماهية رسالة مجتمعنا تسعى جماعة ملاك الحقيقة المطلقة المطبوعة رؤاها بالحكم الواحد مهما تعددت الأسباب والحلول الصفرية المشفوعة بوهم المعرفة الكاملة دون سواهم، المستندة إلى محاولات من قبلهم التي لا تنفك باختطاف المجال العام والفضاء الإلكتروني وآخرها اختطاف الشارع بقصد مخاطبة ما وراء حدود الثوابت الوطنية بأن يخنقوا أبناء وطنهم، إن كان التراب الوطني يعني لفكر الكهنوت وطن من ذات الأصل
فتجد سلوكهم السياسي مهما تقلبت ألوانه مع فصول الترقب والتاهب مستقر على الاندفاع بصورة كما وأنها حالة ثأر من ذات المجتمع والآخر غير المستغرق بمستنقع الخلاص الصفري في امتلاك الحقيقة ، في معمعة تعاظم ما تنتجه جرثومة التخلف وما يتراكم بسببها من أبعاد لا تلتقي زواياها مع منطقية وواقعية الفهم الإنساني المستنير بحالة استغراب وانغلاق بين تقسيم أخيار واشرار .
في مشهد لا يقبل إلا ما يقوض وأحيان يستأصل كل من حمل قنديل فكرة ثأره للحقيقة غير مستسلمة للطاعة العمياء، يرشدها الضمير العام والايمان بالحق والعدل ، في مسيرة نضال لإسقاط ورقة العتمة عن دموية ملاك الحقيقة المطلقة وزيف قشورهم بحمل شعلة التنوير بالوعي ، والحرية ورسالتهم بالذود عن حق الإنسان بالاختلاف، مع علمهم بدفع ثمن نضالهم وفق فهم يشرعن تقويضهم والشماتة حتى في موتهم.
وان هذا الفكر الإقصائي المنغلق يدفعنا إلى تساؤلات كبيرة تقع باعتقادي بشكل رئيسي على عاتق المثقفين والمفكرين وقادة الرأي تبحث الحقيقة في روح استفهامها بإنسانيتنا وتاريخنا سابرة عوالم غدت قاسية بما تراكم عليها من بناء أرضية إقصائية لسلوك ، كهنتة الفكر الثيروقراطي الأمر الذي مع ترك العنان لهم إلى الحد من القدرة على مجابهة كل ما أفرزته جرثومة التخلف الجاثمة على الساعين للحقيقة والحرية والخير والسلام.
رسالتنا إلى هؤلاء - كهنة المعبد - أن عودوا إلى رشدكم وإلى فطرة دينكم السليمة وعرف مجتمعكم الأصيل المتضامن المتكافل المتسامح مع نفسه ولا تكونوا بدور الخلفاء على الأرض، مع كونكم فاسدين مفسدين لقيم المحبة والإخاء فتكونوا على ما فعلت أقلامكم وألسنتكم وأيديكم ٱثمين.