ربما لم تكن من الطرق المعتادة التي قد تخيلتها في حياتي أن نمد يد العون للآخرين، من طائراتٍ تحلق في السماء ، بحنكة هاشمية ، وملك يخاطر بحياته ، وكيان لا يحترم العهود والمواثيق
تستحضرني اليوم مقولة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم " ارفع راسك انت اردني "
وهذا ما حدث ، أثناء مشاركتي في الإنزالات شعور لا يوصف وأنت في سماء غزة ترافق نشامى الجيش العربي ، نسور سلاح الجو وهم فعلاً نسور فخر وعزم وقوة ، جهود جبّارة، وعمل لساعات طويلة، بل لساعات عمل لم تتوقف منذ أن بدأها الأردن في السادس من تشرين الثاني الماضي بتوجيهات ومتابعة مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني الذي اتخذ على نفسه عهدا بأن يظلَ الأردنُ السندَ والداعمَ الأقرب للأشقاء الفلسطينيين ،
فرافقهم في ذلك جلالة الملك عبدالله الثاني، يتبعه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، مثلما كانت النشمية الهاشمية الأردنية سمو الأميرة سلمى بنت عبدالله الثاني ترافق هذه الإنزالات، ليكون هذا الوطن عند حسن ظن الشقيق والصديق على الدوام، ويكون لهذا الجيش مواقفه التي ما حاد عنها يوما، وهو الجيش المعروف بإنسانيته وشهامته وكرم أخلاقه.
سنحت لي القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية مشكورةً الفرصة الذهبية كأبنة لهذا الوطن أنتمي و كصحفية أردنية ومراسلة لديرتنا الإخبارية الأردنية
المشاركة مع أبطال وأسود ونشامى الجيش العربي، ونسور سلاح الجو الملكي على متن طائرة عسكرية كانت متجهة إلى قطاع غزة للقيام بالدور الأساسي والذي أصبح جزء لا يتجزأ من مهمات الجيش الأردني تجاه الأشقاء في قطاع غزة ، شعور لا يمكن وصفه من لحظة إبلاغي بمشاركتي لهم ، وتوجهي إلى الغباوي ، نعم إنها محافظة الزرقاء مدينة الجند والعسكر ويا لهم من جنود ،
حيث انطلقنا من قاعدة الملك عبد الله الثاني الجوية ، ومررنا بالاجواء الأردنية متجهين إلى قطاع غزة المحاصر، في هذه الأثناء وأمام مرأى عيني ونبضات قلبي تتزايد بمشاعر مختلطة ما بين الخوف والحزن والفرح بإغاثة أناس من وسط ركام الحرب بملابس وحلوى العيد في يوم مميز كهذا وقفة عيد ، وشعور فخر لا يوصف وأنا أنظر وأتابع الأبطال نشامى الجيش العربي وبمساندة نسور سلاح الجو الملكي كخلية نحل لا تتوقف ، وإهتمامهم بأدق أدق التفاصيل ، وإنتظارهم بحب وشغف وبحرفية عالية إنزالهم لهذه المساعدات رغم هذا الخطر الكبير ، إلا أنهم فعلا كانوا نسور مُحلقين في سماء المملكة وكأنهم جسد واحد لا يخشون شيء
إنّه الفخر من جهة، والحزن من جهة، يجتمعان معًا في قلبي ، وقلب الملك الهاشميّ النبيل، وهو يوجّه بتنفيذ أكبر عمليّة إنزال مساعدات لسكّان غزّة، متوخيًا إيصالها مباشرةً إلى سكان القطاع ، حيث تم تنفيذ بمرافقتنا 14 إنزالاً جوياً لمساعدات إنسانية تضمنت ملابس ومواد غذائية وألعاب أطفال وحلويات استهدفت عدداً من المواقع في شمال وجنوب قطاع غزة ، حيث جاءت عملية الإنزال على موجتين، شاركت في الموجة الأولى التي استهدفت جنوب قطاع غزة طائرتان تابعتان لسلاح الجو الملكي الأردني، وطائرة تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وطائرة تابعة لجمهورية مصر العربية، وطائرة تابعة لجمهورية إندونيسيا بمشاركة أولى لها ، والموجة الثانيةاستهدفت شمال القطاع طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، و4 طائرات تابعة للولايات المتحدة الأميركية، وطائرة تابعة لدولة هولندا، وطائرة تابعة لجمهورية ألمانيا الاتحادية، وطائرة تابعة لبريطانيا، إضافةً إلى طائرة تابعة لدولة فرنسا"
هكذا هي الإنزالات الجوية التي يُنفّذونها، بتوجيهات ملكية سامية ومتابعة مباشرة من جلالة الملك، نشامى القوات المسلحة وصقور سلاح الجو الملكي، حيث تُفتح الأبواب لتغطية هذه الإنزالات والوقوف على تفاصيلها بدءا من تجهيزها وحتى تحميلها بالطائرات وعملية إسقاط الطرود للأهل في غزة ، أن ما يريده الأردن هو وقف العدوان، وأن إيصال المساعدات إلى أهل غزة برا وعبر الإنزالات الجوية الإنسانية ليس هو كل ما يريده الأردن، لكن القيادة الأردنية ومنذ بداية العدوان لم تتوقف عن إنجاز أي خطوة سياسيا وإنسانيا وقانونيا دون إحباط من ظروف العدوان أو افتراءات وكذب البعض، لأن الأردن صادق مع نفسه ومع أشقائه ، واستمرارهم حتى انتهاء الأزمة إن شاء الله، بما يدفع عن هذا البلد أيّ مجالٍ للتشكيك أو الإساءة المتعمّدة، حيث ديمومة الأردن واستدامته سببٌ لبقاء فلسطين ونصرة قضيّتها والدفاع عن مقدساتها، وحماية إنسانها والشدّ من أزره والتنبيه على خطر ما يعانيه من أوضاع كارثيّة ومجاعة تنعكس آثارها على وجوه الأطفال بين الصمود والأمل، كمشهدٍ يومي يعيشه الأهل والأشقاء هناك في غزّة، غزة هاشم، فهنيئًا لك أيّها الجيش العربي المصطفويّ، وهنيئًا لكلّ من مدّ يد العون ، ففي هذه التجربة أيقنت أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأردن قيادة وشعباً من خلال ما رأيناه من مشاعر في عيون جندنا الأوفياء ،