قام سفير الكرسي الرسولي (الفاتيكان) لدى المملكة، رئيس الأساقفة جوفاني بيترو دال توزو، بزيارة إلى الجامعة الأميركيّة في مادبا، وهي الزيارة الرسميّة الأولى للجامعة التابعة للبطريركيّة اللاتينيّة منذ تعيينه من قبل قداسة البابا فرنسيس سفيرًا بابويًا للأردن في كانون الثاني من العام الفائت. وشارك بالاستقبال رئيس مجلس الأمناء عزام شويحات، وعدد من وجهاء مادبا ونوابها. وأثناء الزيارة عقدت الجامعة لقاءً جمع رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور مأمون عكروش، وأعضاء الهيئتين التدريسيّة والأكاديميّة، والطلاب على مسرح الجامعة. وفي بداية اللقاء، ألقى مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب رفعت بدر كلمة أشار فيها إلى أنّ زيارة السفير الفاتيكاني تتزامن مع مرور 15 عامًا على مباركة حجر الأساس من قبل البابا بندكتس السادس عشر في 10 أيار 2009، وحينها ذكر قداسته على رسالة الجامعة بأن تكون مساحة للتفاهم والحوار لشباب الأردن وطلاب البلدان المجاورة. كما لفت الأب بدر إلى أنّ هذه الزيارة أيضًا تأتي في خضم احتفال الأردن بأمرين مهميّن، الأول هو اليوبيل الفضي على جلوس جلالة الملك عبد الله الثاني على العرش الملكي الهاشمي، بحيث تعتبر هذه الجامعة جزءًا من مسيرة تطوّر المؤسّسات التعليميّة في عهد جلالته الذي رعى حفل تدشين الجامعة كواحدة من المؤسسات التربوية الرائدة، في شهر ايار عام 2013. أما الأمر الثاني فهو مرور 30 سنة على إنشاء العلاقات الدبلوماسيّة الرسميّة بين الكرسي الرسوليّ والمملكة الأردنيّة الهاشميّة، وهي علاقات توصف دائما بالصداقة والتعاون. وألقى رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور مأمون عكروش كلمة ترحيبية بسعادة السفير والحضور حيّا فيها الجهود التي تقوم بها الجامعة في سبيل التقارب والتعاون ما بين الجانبين الأكاديمي والروحي، مشدّدًا على ضرورة تنميّة التفاهم عبر مجالات متنوعة من المعرفة والإيمان، وهو ما تسعى إليه الجامعة من خلال الانخراط في علاقات تتجاوز الحدود وتعزّز الوحدة. ولفت إلى أنّ الجامعة الأميركيّة في مادبا تفتخر بانفتاحها العالميّ على التنوّع الثقافي فهي تلعب دورًا في تدريس اللغة الإيطاليّة بتمويل من السفارة الإيطاليّة، كما شارك العديد من خريجيها في ندوات أقيمت في روما، كما أنّ مجموعة من أعضاء هيئة التدريس قد تخرجوا من جامعة بافيا في إيطاليا، وهذا تجسيد لأهميّة التعاون الدولي في المسيرة الأكاديمية. وفي خطابه أمام رئيس الجامعة والهيئتين الأكاديميّة والإداريّة والطلاب، أعرب رئيس الأساقفة دال توزو عن سروره لزيارة الجامعة الأميركيّة في مادبا، حيث نقل للجميع تحيّات قداسة البابا فرنسيس، مؤكدًا على العلاقات التاريخيّة التي تربط هذه الجامعة التابعة لبطريركيّة القدس للاتين بالكرسي الرسولي. كما أعرب عن امتنانه للمساهمات الكبيرة التي تقدمها الجامعة لتعليم شباب الأردن وأولئك الذين يأتون من الخارج، وبالتالي لصالح المجتمع الأردني العام وخير المنطقة ككلّ. وأشار سيادته إلى أنّ القيم الكاثوليكيّة التي تقوم عليها الجامعة لا تعني بأنها تستبعد أحدًا، فهذه القيم تؤمن إيمانًا ثابتًا بأنّ الجامعة هي مفتوحة لجميع الطلاب من مختلف الأديان والثقافات، ومكان لاكتشاف إنسانيتنا المشتركة، وبالتالي هي دعوة لكلّ الجامعات بأن تصبح أماكن للمعرفة وتعزيز الاحترام المتبادلة، وهو أمر أساسيّ في السياق المؤسف الذي تعيشه منطقتنا. وشدّد سيادته على أنّ العملية التعليميّة تقوم أولاً على العلاقة المتبادلة بين الأستاذ والطالب، وهي علاقة حياة قبل أن تكون علاقة تدريس، فالطالب يتلقى من الأستاذ ليس فقط المعرفة بالموضوع الذي يدرسه، ولكن أيضًا الروح التي تحفزة على التفكير والبحث. كما تطرّق سيادته إلى أهميّة دور الإيمان والعقل من أجل الإثراء المتبادل، فهما ليسا متناقضان، بل يبحثان عن الحقيقة نفسها. وأكد على أنّ الجامعة هي المكان الذي يتشكّل فيها المستقبل، ليس فقط لأن الطلبة يتعلمون المعرفة اللازمة لمهنهم المستقبليّة، وليس فقط لأنها تمثّل حاضنة للعيش المشترك ومساحة لتقدير الطلبة بعضهم البعض، بل لأنها تمنحهم الروح ومعها الأدوات. ولفت سيادته بأنّ الأردن هو بلد متميّز في هذا الشأن، فهو بتاريخه وقيادته الحكيمة بقيادة جلالة الملك، قد جعل منه مناخًا للحوار والاحترام المتبادل، والذي ينبغي تعميقه لما فيه خير الأمّة العربيّة جمعاء وسكان منطقة الشرق الأوسط بأكلمه.