نظمت الجمعية العلمية والثقافية لأساتذة الجامعات أمس الأربعاء ندوة متخصصة حول واقع ومستقبل التعليم المهني والتقني في الأردن، برعاية وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة، وحضور وزير الاتصال الحكومي الدكتور مهند مبيضين، ورئيسة لجنة التربية والتعليم في مجلس الأعيان الدكتورة محاسن الجاغوب. وركزت مضامين الندوة، على أهمية التحول الفعلي نحو التعليم التقني والمهني، فيما قدم رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات إيجازا حول أبرز تحديات التعليم الجامعي، المتمثلة في التغير الكبير في متطلبات سوق العمل والتغير الهيكلي في الطلب على المهارات والتدريب، ما أدى إلى ضعف التوظيف وزيادة البطالة. وأكد عبيدات ، أن الحاجة إلى التوسع بالتدريب لتنمية وتطوير القدرات الشخصية، بالتزامن مع المهارات التخصصية، أصبحت ضرورة، مشيرًا إلى أن هناك خلطًا في تعريفات التعليم التقني والمهني، إلا أنه من المؤكد بأن التعليم المهني والتقني يجب أن يصبح جزءًا من البنية التعليمية في المملكة. وشدد عبيدات على أن الجامعات أصبحت مطالبة بتهيئة خريجيها لسوق العمل، وذلك من خلال تزويد الخريج بالمهارات الشخصية، والتي تشمل المهارات الناعمة، ومهارات تقنية كافية، وكذلك تشكيل المهارات المتعلقة بالتخصص؛ حيث لم يعد صاحب العمل مستعدًا لتحمل عبء التدريب وانخراط الموظف في سوق العمل. وعلى سبيل تضييق الفجوة بين الأكاديميا ومتطلبات سوق العمل، قال عبيدات، إن الجامعة الأردنية اتخذت قرارات تاريخية ستطبق اعتبارًا من العام الدراسي المقبل، تمثلت باعتماد تدريس 9 ساعات معتمدة لمهارات اللغة الإنجليزية، و6 ساعات معتمدة في اللغة العربية تدرس بطريقة شبيهة إلى حد كبير باللغة الإنجليزية، و9 ساعات معتمدة، 3منها للمهارات الرقمية، و6 ساعات للمهارات الناعمة، وذلك بالتعاون مع مؤسسات تعليمية عالمية، هذا بالإضافة إلى 9 ساعات معتمدة أو برنامج يستمر لمدة أربعة أسابيع في السنة الأخيرة، يتفرغ له الطالب كاملا، وهو برنامج بين مساقي، ويعطى بشكل مكثف، ويدرس بالتعاون مع الخبراء من القطاع العام والقطاع الخاص. من جانبه، قال رئيس جامعة الحسين التقنية الدكتور إسماعيل الحنطي، إن المساقات التي تطرحها الجامعة تمتاز بمواءمتها لمستجدات ومتطلبات سوق العمل الحقيقية واحتوائها على مساقات دراسية غير تقليدية تعنى بتمكين الطلبة بالمهارات والكفايات، في ظل التسارع التقني، وهي فرص يجب أن نستفيد منها وضرورة مواكبتها، لافتًًا إلى أن نسبة التشغيل لخريجي الفوج الأول من الجامعة بلغت 97 بالمئة. ولفت الحنطي إلى أن الجامعة تأسست بوصفها إحدى مبادرات مؤسسة ولي العهد، وتهدف إلى تطوير نموذج تعليم تقني مميز في الأردن، إضافة إلى رفد سوق العمل المحلي والإقليمي بشباب مدرب ومؤهل في مجالات الهندسة وعلم الحاسوب التقنية وتقنية المعلومات، وتعتمد في عمليتها التعليمية على التركيز على جانب التطبيق العملي لجميع مساقاتها النظرية في مشاغلها الهندسية ومختبراتها العلمية الحديثة التي بنيت بالشراكة مع قطاع الصناعة والأعمال. بدوره، أكد مدير مشروع التعليم العالي من أجل الابتكار والنمو في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الدكتور عبد الله عبد الله ضرورة تطوير مناهج دراسية محدثة ومتطورة، وتوفير فرص التدريب والتعليم العالي للطلبة والباحثين والمدرسين، وتعزيز البحث العلمي والابتكار التقني في المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى بناء الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لدعم التعليم العالي وتطويره. وقال، إن مشروع التعليم العالي من أجل الابتكار والنمو في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مبادرة تهدف إلى دعم وتعزيز التعليم العالي في الدول النامية من خلال تقديم الدعم المالي والتقني والتدريب للجامعات والمؤسسات التعليمية في هذه الدول. وأشار إلى أن هذا المشروع يهدف إلى تعزيز القدرات البشرية والفنية والعلمية في الدول النامية من خلال توفير فرص التعليم والتدريب والبحث في مختلف المجالات، ما يساهم في تعزيز الابتكار والنمو الاقتصادي في تلك الدول. وفي تعقيب للدكتور محافظة كشف توجه الحكومة نحو إعادة هيكلة وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي ودمجهما في وزارة واحدة (وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية)، ونقل مهام متعلقة بالتعليم من جهات أخرى إلى الوزارة؛ لتوحيد المرجعيات المسؤولة عن وضع السياسات التعليمية. وشدد محافظة على أن قطاع التعليم الأردني بشقيه العام والعالي يحظى باهتمام ورعاية ملكية باعتبار التعليم أولوية وطنية، وتطويره ركيزة أساسية للإصلاح الشامل في كافة القطاعات الحيوية. وأضاف، أن الوزارة وضعت خطة دراسية جديدة للمرحلة الثانوية في المسارين "الأكاديمي والمهني"، وتطوير امتحان الثانوية العامة بحيث يعقد على سنتين، مع مواءمة مخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني مع متطلبات سوق العمل، موضحًا أن أهم أولويات قطاع التعليم تتضمن تدريب وتأهيل المعلمين والقيادات التربوية وتطوير التعليم المهني والتقني والمناهج والبنية والاتصالات. من جانبها، قالت الجاغوب، إن التعليم التقني والمهني يشكل أهمية كبيرة في الأردن، ويعد محركًا رئيسًا، ويؤدي دورا حيويا لتنمية الاقتصاد الوطني، ويسهم في إيجاد فرص العمل والاستقرار الاجتماعي. وأكدت، أن توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد، تركز دائمًا على أهمية الاستثمار في التعليم التقني والمهني وتحسين جودته والارتقاء بمستوى التعليم في الأردن بشكل عام، بما يتواءم مع رؤية التحديث الاقتصادي. وشددت على ضرورة توفير الدعم اللازم للمؤسسات التعليمية في المملكة، وبناء الشراكات مع القطاعين العام والخاص، لا سيما مع مؤسسات التعليم المهني والتقني فيما يتعلق بتطوير المناهج وتحديثها وتوفير بيئة تعليمية حديثة ومجهزة بالتقنيات اللازمة ورفد هذه المؤسسات بالكوادر المؤهلة القادرة على تدريب الطلبة وتعليمهم المهارات وتنمية القدرات، في ظل تزايد الاعتماد على التقنية في جميع المجالات. إلى ذلك، قال رئيس الجمعية الدكتور عبد الرحمن شديفات، إن الندوة تأتي ضمن سلسلة من الندوات المتخصصة التي أخذت الجمعية على عاتقها عقدها للتباحث في القضايا الملحة والمعاصرة في التعليم العالي، والوصول إلى حلول جذرية قابلة للتطبيق العلمي من خلال استضافة نخبة من الخبراء والتخصصين. وقدم الندوة وأدار النقاش مدير مركز الاستشارات والتدريب في الجامعة الدكتور محمد معاقبة، مؤكدًا الأهمية البالغة لمراكز التدريب في الجامعة، خصوصا على صعيدي تحسين القدرات والمهارات، إذ يوفر المركز الفرصة لتحسين وتطوير مهارات الأفراد والمؤسسات في مجالات مختلفة، وعلى صعيد التطوير المهني عبر مجموعة من برامج التطوير المهني التي صممها المركز لرفع مستوى المهارات والمعرفة للموظفين في مجالاتهم العملية، ما يساهم في تعزيز الأداء الوظيفي. --(بترا)