ليست رفح فحسب من تصدر تحذيرات جلالة الملك عبدالله الثاني، فمنذ اندلاع العدوان الصهيوني الغاشم على الأهل في غزة، والنطق السامي لم يغفل تلك الجريمة البشعة التي ترتكب بحق أهلنا هناك، فلطالما حذر جلالته، وعبر كل المحافل والمنابر الدولية، من اتساع رقعة الحرب أولاً، ومن الكارثة الإنسانية التي تحيق بأهلنا. الآن، وفي ظل تزمت وتعنت حكومة التطرف في تل أبيب، وإصرار رئيس حكومتها الملطخة أيديه بدماء غزة الزكية، على اقتحام رفح، فقد دوى التحذير الملكي مرة أخرى من كارثة إنسانية أعمق وأكبر مما جرى منذ اندلاع العدوان، أما لماذا، فلأن نحو مليون ونصف المليون فلسطيني نزحوا إلى هذه المحافظة الغزية المتاخمة للحدود المصرية، هرباً من القتل الوحشي الذي ما زالت تشهده محافظات غزة الشمالية والوسطى، وهذا يعني بأن فتح آلة الحرب هناك، وبشكلها الوحشي كما في خانيونس مثلاً، فإن مئات الآلاف من المدنيين العزل، أطفالاً ونساءً، سيرتقون، وفي ساعات بسبب الاكتظاظ وتكدسهم في مخيمات تحت ظروف معيشية مغرقة في البؤس. نعم، كثيرة دول العالم التي حذرت حكومة التطرف الإسرائيلي من الإقدام على أية خطوة دموية في رفح، لكن، وعلى ما يبدو، ومع تعثر المفاوضات بين حكومة الاحتلال والمقاومة لا سيما حول مصير أسرى 7 أكتوبر ، فإن نتنياهو وزمرته مصرين على الإيغال بدماء نازحي رفح، وهذا إن تم، فإن العالم سيشهد مجزرة لربما لم يشهدها التاريخ، ولم ترويها أعتى حكايات الإجرام. ما نحسبه أن غزة وأهلها، وكما كل العرب، يتكئون على الحراك الملكي، وعلى قوة وحِكمة الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ويعضده ولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله، فالأنظار تشرئب دائما نحو عمان ليكون منها المخرج والحل بإذن الله، وليخلص الله الأهل من شر من لا يعرفون للإنسانية معنى. ما تعودناه وتعلمناه من سياسة جلالة الملك، أن نُحول المحن والظروف الصعبة إلى فرص، ولعل كل تلك الدماء الزكية النقية التي سالت على أرض غزة الطاهرة، أن تكون الطريق إلى تحرير فلسطين والأقصى المبارك وأرض القدس الشريفة، وإن غداً لناظره لقريب.