باريس، 15 أيار/ مايو 2024 – تُرحّب اليونسكو، في الذكرى السنوية السبعين لاعتماد اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح، بالإنجازات التي ساهمت في تحقيقها، وأعلنت استهلال مبادرات جديدة على هامش مؤتمر دولي تنظمه اليونسكو ومملكة هولندا في لاهاي.
استقى المجتمع الدولي العِبر من أشكال الدمار التي أسفرت عنها الحرب العالمية الثانية، واعتمد بتاريخ 14 أيار/ مايو 1954 اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح، المعروفة باسم اتفاقية لاهاي، تحت رعاية اليونسكو.
أضحت الاتفاقية أول إطار قانوني دولي واضح ومشترك يكفل توفير أقصى حماية ممكنة للممتلكات الثقافية خلال النزاعات، ومقاضاة كل من يتعمد إلحاق الضرر بها.
وأثنت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، على الاتفاقية قائلة: "لم تقتصر أهمية هذه الاتفاقية على تعزيز القانون الدولي وفتح قنوات حوار دائم بين العاملين في مجال الثقافة والسلطات العسكرية، بل ساهمت أيضاً في اتخاذ تدابير وقائية ملموسة في وقت السلم في شتى بقاع الأرض."
70 عاماً من التدابير الميدانية الملموسة
تضم هذه التدابير، على وجه الخصوص، إجراء حصر جغرافي مكاني للممتلكات الثقافية، وتحديد الممتلكات الثقافية باستخدام شعار الدرع الأزرق، وتوفير التدريب والدعم لإنشاء وحدات عسكرية متخصصة في حفظ المواقع الثقافية. وفي السنوات الخمس الماضية وحدها، تلقى أكثر من 7500 عسكري التدريب في 169 بلداً.
وقدمت اليونسكو أيضاً الدعم المالي لعشرات البلدان لتمكينها من تعزيز تأهبها للمخاطر وقدرتها على الصمود في أوقات النزاعات وتسريع وتيرة التعافي بعد انتهائها. وتضم قائمة المستفيدين من هذا الدعم كلاً من بوركينا فاسو وليبيا ومالي وأوكرانيا وباراغواي.
وقد نتج عن اتفاقية لاهاي أيضاً إنشاء قائمة للحماية المعززة تسجِّل حالياً 55 موقعاً ثقافياً. وينجم عن هذا الوضع اتخاذ تدابير إضافية للحماية، إلى جانب تنبيه عموم المجتمع الدولي بوجود خطر وشيك بحدوث أضرار. ويمنح هذا الوضع أيضاً صلاحيات موسَّعة إلى النظم القضائية لكي تلاحق من تسببوا في وقوع الأضرار عند الاقتضاء.
ثلاث مبادرات جديدة لليونسكو
نظَّمت اليونسكو مع هولندا بعد مرور سبعين عاماً بالضبط على اعتماد اتفاقية لاهاي مؤتمراً دولياً للخبراء عُقد في لاهاي، بغية تقييم حصيلة الإجراءات التي اتخذت والتعامل مع التحديات التي لا تزال قائمة. وقد أعلنت اليونسكو بهذه المناسبة عن ثلاث مبادرات جديدة تتماشى مع الاحتياجات والوسائل التقنية الحالية.
تتمثل أولى هذه المبادرات في إنشاء برنامج دولي لتدريب القضاة والمدَّعين العامين على جمع المعلومات عن أعمال التدمير التي تلحق بالتراث وتحليلها والتحقيق فيها. وبعد صدور أول إدانة عن المحكمة الجنائية الدولية في عام 2016 التي شكَّلت منعطفاً تاريخياً، ترغب اليونسكو في زيادة تعزيز الآليات القضائية الرامية إلى حماية الممتلكات الثقافية. وسوف تعتمد المنظمة نموذج البرنامج الذي تنفذه منذ عشرة أعوام من أجل تدريب النظام القضائي على حرية الصحافة.
ويتمثل ثانيها في إنشاء "تحالف مدني-عسكري من أجل حماية الممتلكات الثقافية" يتولى مهمة تسريع وتيرة تشكيل قوات متخصصة في حماية التراث، ولا سيما في أفريقيا، وتشبيك هذه القوات مع خبراء في مجال التراث بغية مشاركة خبراتهم والممارسات الجيدة.
وأخيراً، تدريب مديري المواقع والعسكريين على أحدث التكنولوجيات التي يمكنها الإسهام في حماية التراث. وسوف ترافق اليونسكو الدول الأطراف في الاتفاقية في زيادة استخدامها للاستشعار عن بعد عن طريق الصور الساتلية، والذكاء الاصطناعي، والرقمنة الوقائية للممتلكات الثقافية.
لمحة عن اليونسكو
تضم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة 194 دولة عضواً وتسهم في بناء السلام وإحلال الأمن عبر قيادتها للتعاون المتعدد الأطراف في مجالات التعليم والعلوم والثقافة والاتصال والمعلومات. تتخذ المنظمة من باريس مقراً لها، ولديها مكاتب موزعة على 54 بلداً، وتوظف أكثر من 2300 شخص. وتشرف اليونسكو على أكثر من 2000 موقع للتراث العالمي ومحمية للمحيط الحيوي وحديقة جيولوجية عالمية؛ وشبكة للمدن المبدعة ومدن التعلم والمدن المستدامة الشاملة للجميع؛ وتشرف أيضاً على أكثر من 13000 مدرسة منتسبة وكرسي جامعي ومعهد للتدريب والبحوث. وترأسها المديرة العامة أودري أزولاي.
"لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تُبنى حصون السلام".