يُعد التنوع الحيوي النسيج الحي الذي يشكل كوكبنا ويدعم عافية الإنسان الآن وفي المستقبل ، وإن التراجع السريع في أعداد وكثافة وانتشار الأنواع نتيجة للتدمير المستمر للنظم البيئية والموائل الخاصة بكل نوع، يمثل خطراً على الطبيعة والبشرية على حد سواء.
ومن أهم المؤثرات العالمية المسببة لخسارة التنوع الحيوي: التغير المناخي، انتشار الأنواع الغازية النباتية والحيوانية، الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، التلوث، والتوسع الحضري، وقد بات من الضروري إجراء تغيير في الدور الذي يلعبه الأفراد وممارساتهم وعلاقاتهم مع التنوع الحيوي.
يتمثل موضوع اليوم الدولي للتنوع الحيوي في هذا العام تحت شعار " كن جزءًا من الخطة"، وهو يشكل دعوة للعمل على تشجيع الحكومات والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية والمشرعين والشركات والأفراد لوقف وعكس اتجاه فقدان التنوع الحيوي من خلال دعم تنفيذ إطار كونمينغ - مونتريال العالمي وتسليط الضوء على الطرق الداعمة لتنفيذ خطة حماية التنوع الحيوي، وعليه يمكن لكل شخص على هذا الكوكب أن يكون جزءا من الخطة من خلال تبني السلوكيات والممارسات التي تعزز الحفاظ على التنوع الحيوي.
باعتبار فلسطين بموقعها الجغرافي كهمزة وصل تربط القارات الثلاث (آسيا وأفريقيا وأوروبا)، وتضاريسها المتنوعة، فإنها تحتوي على أعدادًا كبيرة من الأنواع النباتية والحيوانية الممثلة لهذه القارات ، و لقد دأبت دولة فلسطين على حماية التنوع الحيوي في أراضيها، وما توقيع السيد الرئيس محمود عباس على اتفاقيات الأمم المتحدة الثلاثة قبل سنوات (2015) في باريس بما في ذلك اتفاقية التنوع الحيوي، الا تأكيدا من القيادة الفلسطينية على التزام الدولة بكل أذرعها ومكوناتها بالحفاظ على التنوع الحيوي وهو ما يؤكد ان فلسطين جزء اصيل من الخطة شعار اليوم الدولي للتنوع الحيوي 2024 م.
وقد حققت سلطة جودة البيئة العديد من الإنجازات الهامة في مجال حماية البيئة والحفاظ على التنوع الحيوي، وقدمت العديد من التقارير للاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي للاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي والهادفة إلى حفظ التنوع البيولوجي والاستخدام المستدام لمكوناته.
تحديات التنوع الحيوي في فلسطين
رغم الجهود المبذولة، يعاني التنوع الحيوي في فلسطين من الانتهاكات والتحديات نتيجة الاحتلال المستمر والأطول في تاريخ البشرية، والعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة أدى إلى تدمير البيئة الطبيعية، وتجريف الأراضي، مما أدى بدوره إلى تراجع التنوع الحيوي إلى أدنى مستوياته وأثر بشكل كبير على وجود الكائنات الحية والنباتات البرية، كما أدى التدمير الشامل للبنية التحتية إلى تلويث المياه والهواء والتربة، وتحويل الأرض إلى جبال من النفايات.
وشمل التدمير كافة مكونات الحياة البرية، من تنوع نباتي وحيواني على اليابسة وفي عرض البحر المحاذي للقطاع وتدمير موائل الحيوانات البرية وقتلها وحرق كل أشكال الحياة النباتية.
وكما تعاني البيئة في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة من انتهاكات مستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث تشهد المنطقة تدميرًا متعمدًا للموارد الطبيعية والبيئية، وتجريف الأراضي والحرائق المتعمدة للغابات والأراضي الزراعية، وإلقاء النفايات والمخلفات الصناعية وتلويث المياه والتربة والهواء، بالإضافة الى انشاء المستعمرات الإسرائيلية وجدار الضم والتوسع الاستعماري.
إن الممارسات والاعتداءات على البيئة الفلسطينية ستؤدي إلى العديد من الكوارث البيئية تؤثر على التوازن البيئي والتسبب في انقراض العديد من الكائنات الحية، وهو ما يؤدي إلى طمس التنوع الحيوي الفريد في البيئة الفلسطينية.
أن كل شخص على هذا الكوكب لديه دور يلعبه في الحفاظ على التنوع الحيوي وضمان استمراريته، وفلسطين جزء أصيل من هذه الجهود العالمية، ونأمل أن يكون العام المقبل أكثر أمانًا واستقرارا للطبيعة والإنسان على حد سواء.