جوهرة العرب- أخيرًا انتهت حالة الطوارئ في البيوت العربية بعد انتهاء امتحانات الثانوية العامة وبدأت مرحلة الترقب والقلق والتوتر والدعاء. أولياء الأمور مشغولون بدرجات أبنائهم، بينما يعاني الأبناء من الانطواء والهروب من المواجهة بالنوم العميق حتى تظهر النتيجة، إما أفراح وابتهاجات أو توبيخ وتحطيم ولوم متواصل.
لكن لماذا كل هذا الضغط؟ أليس المجتمع بحاجة إلى الطبيب والمهندس والقاضي والمدرس كما يحتاج أيضًا إلى العامل والفلاح والخياط والنجار والميكانيكي؟ أليس الله خلقنا بدرجات متفاوتة في الذكاء؟ أبناؤنا مختلفون، منهم من يهوى العلوم أو الفنون أو الآداب أو حتى الزراعة، ومنهم من يمتلك موهبة الحفظ وسرعة تعلم اللغات.
لماذا يصرف أولياء الأمور كل مدخراتهم على أبنائهم في الثانوية العامة وكأنها نهاية المطاف؟ ما فائدة طالب يحفظ ولا يفهم؟ بل ما الذي نكسبه من تلميذ يحصل على ٩٩٪ ويدخل كلية الطب لكنه بعد التخرج يعمل في مجال آخر؟ هذا واقعنا، كثير من الفنانين خريجو طب لكنهم اختاروا الفن!
هناك شاب أنامله كالذهب يصنع من الورق أجمل اللوحات الفنية التي تبهر الجميع. وآخر عاشق للحيوانات ورعايتها، ويحفظ كل فصائلها وطرق رعايتها وتكاثرها وتسويقها، لكنه يُنتقد من أهله ظناً منهم أنه يضيع وقته في تفاهات.
هل سأل أحدكم لماذا نبغ العلماء العرب الأوائل في مجالات علمية متعددة كالرياضيات والكيمياء والفلك؟ لأنهم أحبوا العلم واختاروه وسعوا إليه بحب وشغف، لذلك يُسمى الدارس طالب علم.
ليتنا نتحرر من كابوس الثانوية العامة ونحرر أبناءنا من ضغوطاتها. ولا يفوتني أن أذكر أولياء الأمور بكمية طلاب الثانوية العامة الذين انتقلوا إلى رحمة الله، إما انتحارًا أو نتيجة الخوف والضغط النفسي. أدعو الله أن يحمي جميع أبنائنا ويكتب لهم التوفيق والنجاح.