رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

هل يمثل اتفاق بكين بارقة أمل للقضية الفلسطينية أم تحديا جديدا؟

هل يمثل اتفاق بكين بارقة أمل للقضية الفلسطينية أم تحديا جديدا؟
جوهرة العرب
نابلس ــ علاء كنعان

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، يأتي اتفاق الفصائل الفلسطينية في العاصمة الصينية بكين، بتوقيع 14 فصيلا من بينها حركتا فتح وحماس برعاية الدولة المضيفة. ويهدف الاتفاق إلى تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، وتحقيق توافق وطني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل وقرار من الرئيس.

رغم أن الاتفاق يعد الثالث عشر الذي تتوصل إليه الحركتان إلا أنه لم يأخذ طابعا شعبيا وقوبل بفتور جماهيري، وما زال مجرد نص لم يُترجم على أرض الواقع، إلا أنه يثير تساؤلات حول المستفيد الحقيقي وكيفية تأثيره على مستقبل القضية والتداعيات المحتملة.

ويتفق محللون سياسيون محمد هواش، وأحمد رفيق عوض ونهاد أبو غوش، أن اتفاق بكين تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين فتح وحماس يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاونا داخليا ودوليا، وتبقى الوحدة الوطنية هي المفتاح لتعزيز الموقف الفلسطيني في مواجهة التحديات.

تحديات أمام الاتفاق  

 ويقول هؤلاء أن الاتفاق يواجه تحديات كبيرة قد تعيق تحقيق الأهداف الوطنية الكبرى، بما في ذلك إنهاء الاحتلال، بدون إرادة سياسية قوية والتزام فعلي بتنفيذ الاتفاق.

 ويثار التساؤل حول الفائدة الفعلية لمثل هذه الاتفاقيات على الشعب، إذ أن الاحتلال يمارس سياساته العدوانية، على اعتبار أن الفصائل الفلسطينية هي مجموعات إرهابية بأشكال مختلفة.

 ويشير الكاتب والمحلل السياسي هواش إلى أن إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وإنهاء الانقسام يجب أن يكونا من أولويات الحكومة المقبلة لتحقيق الوحدة الوطنية، ومن جهة أخرى يرى عوض وأبو غوش أن إعادة إعمار غزة يجب أن تكون جزءا من عملية سياسية شاملة تشمل تسوية سياسية مقبولة.

 دور الصين في الوساطة

اختيار بكين كمكان للقاء الفصائل يعكس، حسب المحاضر الإعلامي والمحلل السياسي أحمد عوض، رغبة الفلسطينيين في البحث عن رعاية دولية جديدة للقضية الفلسطينية بعيدًا عن الاحتكار الأمريكي، ويعتقد أن إشراك الصين، كدولة عظمى ذات وزن سياسي واقتصادي كبير، يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على مسار القضية الفلسطينية.

ومن جانبه، يوضح المحلل السياسي أبو غوش أن الصين، رغم علاقاتها الجيدة مع إسرائيل، لطالما كانت داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، ويسعى الصينيون لتعزيز وجودهم في الشرق الأوسط من خلال مبادرات سياسية واقتصادية مؤكدين على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

التحديات الداخلية والخارجية

 بينما يرى هواش أن حكومة التوافق، سواء كان هناك اتفاق سياسي أم لا، ستواجه التحديات نفسها التي واجهتها الحكومات السابقة، وأن التحدي الأكبر هو الاحتلال وسياساته، وليس التحديات الداخلية التي قد تؤثر على أداء الحكومات أحيانا، ويعتقد أن أي حكومة ستواجه تحديات ذات طابع إداري واقتصادي يمكن التغلب عليها بمجرد زوال الاحتلال.

أهمية إعادة الإعمار

 يُعتبر الإعمار قضية كبيرة تتطلب إمكانيات ضخمة، مشددا على أن الإغاثة يجب أن تكون أولوية قصوى نظراً لمحاولات التدمير التدريجي والمعقدة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، وينبغي أن تتفوق على أي سياسات أو خطط أخرى.

 ويرى عوض، أن أسباب المصالحة كبيرة نتيجة لوجود تحديات كبيرة مثل موقف " إسرائيل " من الدولة الفلسطينية ووجود قرارات دولية هامة لصالح فلسطين وهو ما يتطلب عملا فلسطينيا مكثفا وموحدا ً.

 ويعتبر عوض إعادة الإعمار، أحد أسلحة الحصار والعقاب، ويعتقد أنه في لحظة ما سيكون هناك آلية يشترك فيها الفلسطينيون والعرب والهيئات الدولية لأجل إعادة الإعمار، وعلى المجتمع الدولي أن يكون مسؤولا عن إعادة الإعمار وتعويض الفلسطينيين عن خسائره.

تساؤلات متعددة

 ويبرز السؤال حول الجدوى الفعلية لهذه الاتفاقيات، فبينما تُعتبر حركة حماس منظمة إرهابية في العديد من الدول، فإن الاتفاقيات مع الفصائل المختلفة غالبا ما تُستخدم كذريعة لتعزيز الرواية الإسرائيلية بخصوص عدم شرعية المقاومة الفلسطينية بكل أوجهها.

 ويبقى السؤال الأهم هو: هل تخدم هذه الاتفاقيات المصالح الفلسطينية أم تزيد من تعقيد الوضع؟ وهل تساعد على إنهاء الاحتلال أم تُستخدم كأداة لتعزيز الهيمنة الإسرائيلية في ظل شيطنة الكل الفلسطيني؟ هذه التساؤلات تبرز ضرورة تقييم الأثر الفعلي للاتفاقيات على حياة الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية.

الدعم الشعبي والضغط الدولي يمكن أن يساهما في تحقيق تغيير حقيقي على الأرض، ويجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن الشعب الفلسطيني لا يبحث فقط عن توقيع اتفاقيات جديدة، بل يتطلع إلى حلول جذرية تنهي معاناته اليومية وتعزز حقوقه الأساسية.

ويظل السؤال الأساسي في ذهن العديد من الفلسطينيين هو: كيف ستنعكس هذه الاتفاقيات على حياتهم اليومية؟ فمنذ سنوات، يعيشون تحت وطأة الاحتلال والقيود اليومية التي تؤثر على حقوقهم الأساسية وحريتهم.