وهُناكَ العَديد مِن أَصحاب المِهَن الذين يَعتَمِد عملهم عَلى الأَيّام غَير المُمطِرة يَكرَهون مَوسِم الأَمطار ! والفقير الذي لا يجد ما يقيه الأمطار يكرهه أيضا ً.
لذا فلا تَطلُب أَن يُحبّك جَميع النّاس ولا أَن يُعجَب بِتَصَرُّفك الجَميع لأَنّ البَشَر لا يَجتَمِعون عَلى شَيء فَمِن الطَّبيعي وأَنتَ في قِمَّة إِبداعِك أَن تَجِد مَن يُحاوِل الاستِخفاف مِن جهدك أَو التَّقليل مِنه. ولا تَعتَقِد أَنَّك مَهما فَعَلت فَسَوفَ تَلقى الإِعجاب مِن الجَميع فَهُناك حَتماً مَن سَينتَقِد أَي شيء فيك فَلَو تَبَرَّعت للِفُقراء
ويكأَنَّ شَهرُ تشرين يُنادي طائِر الوروار ويغريه بِبَقايا التّين النّاضِج والمَوجود عَلى الأَشجار والتي لم يستع المزارعون جنيها لذا فهُوَ يغريه لِيُزوره لكي يسمع مِنهُ الأَخبار .. أَخبار الحَبايِب كَيفَ لا وهُوَ المُسافِر طيلَة الوَقت المُتَنَقّل بَينَ البِلدان والمُطَّلِع عَلى أَخبار الأَحِبَّة .. إِذاً فَطير الوَروار صاحِب نَظَرِيَّة تُحتَرَم في هذه الحَياة ..
وتأَمَّلتُ سَطحَ الفِنجان الذي شَعَرتُ بِأَنّه شكّل الرّسومات مُتداخِلَة دَوائِر مُتَداخِلَة أو أَشكالاًو مُختَلِفَة مُتَكَرِّرَة يَحوي كُبيرُها صَغيرها ولا أَدري لِماذا شَعرتُ بِأَنَّ فِنجاني يُؤكِّد عَلى نَفس الفِكرَة وهِيَ أَنّ الكَبير يَستَوعِب الصَّغير ، فالعَقل الكَبير لَديهِ القُدرَة عَلى استيعاب العَقل الصَّغير ولَديه القُدرة عَلى التَّسامُح والقَفز عَن أَخطاء الآخر ، فَكُلَّما زادَ وعيك زاد حُلمك فالحَليم هُوَ صاحِب العَقل الكَبير والحاقِد الذي لا يَستَطيع المًسامَحَة ، والحَزين الذي لا يَستَطيع تَجاوُز الأَلَم ، والمُخفِق الذي لا يَستَطيع تَجاوُز الفَشَل ما هُم إِلّا دَوائِر صَغيرَة ستَستَمِر بالصغر إِلى أَن تَقضي عَلى نَفسِها فالحاقِد يَقتُله حِقدُه .. والبَخيل يَقتُلهُ بُخلُه .. والفاشِل كذلك ، وهؤلاء يموتون كل يوم فالحاقد يموت غيرة وحسداً كل يوم وهكذا جميع أصحاب العقول الصغيرة . والعجيب أن هؤلاء هُم الأَعلى صَوتاً وضَجيجاً وإزعاجاً ولكنّه ضَجيج دونَ مُحَصِّلَة ودونَ جَدوَى لَيسَ إِلّا إِزعاج .. كصوت آلة بالية تزعج دون أن تدور أو تعمل ،لِذا حاوِل أَن تَكون أَنتَ الأَوسَع صَدراً والأَكثَر تَسامُحاً وعطاءً ، ولا تَجعَل مِن أَخطاءِ الآخرين ذِريعَة لَك لِتُخطِئ مَعهُم أَو لتستبدّ في مُعاقَبتهم إن كنت قادراً على ذلك،بَل كُلَّما استَطَعت الإِرتِقاء عن هذه الأمور ستكون أَنتَ ذلك الشَّخص الذي يَتَمَنّى الجَميع العَمل والتّعامُل مَعه أَو الاقتِراب مِنه ..
كَما نَحنُ الآن في حَياتِنا تَرانا نُصارِعُ في العَمَل ونُصارِعُ في المَنزِل وفي السُّوق وفي الشّارِع وحَتّى أنّ الصِّراع يتسلل إِلى أَحلامِنا عِندَ مُحاوَلَتِنا النوم للبَحث عَن الهُدوء والرّاحة .
ولكنّ ما العَمَل أَمامَ هذه الصِّراعات التي نَضطر عَلى خَوضِها يَومِيًّا هَل نُسلّم الرّايَة ونَنسَحِب أَم ماذا نَفعَل؟!