مع الإعلان عن نتائج الثانوية العامة في الأردن لهذا العام، يجد آلاف الطلبة أنفسهم على أعتاب مرحلة جديدة من حياتهم، حيث تبدأ رحلة البحث عن مسارات أكاديمية ومهنية تضمن لهم مستقبلاً مشرقاً. وبينما يطمح الكثيرون إلى التخصصات التقليدية في الجامعات، تبرز اليوم الحاجة الملحة لتوجيه النظر نحو التخصصات المهنية والحرفية والدبلومات التقنية التي تتماشى مع احتياجات سوق العمل المتغيرة.
على مدى السنوات الماضية، شهدنا تزايداً في أعداد الخريجين من التخصصات الأكاديمية التقليدية مثل الهندسة، الطب، والعلوم الاجتماعية، مما أدى إلى اكتظاظ السوق بهؤلاء الخريجين وارتفاع معدلات البطالة بينهم. هذا الواقع يدفعنا إلى إعادة التفكير في الخيارات الأكاديمية، والنظر بجدية إلى التخصصات المهنية والتقنية كبدائل واعدة. ويضع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله، التعليم التقني كأولوية وطنية، ويشدد على ضرورة الاستثمار في الشباب وتمكينهم من خلال التعليم الذي يفتح لهم أبواب الفرص الحقيقية في سوق العمل المحلي والدولي.
تعتبر التخصصات المهنية والحرفية من أهم الأدوات التي تمكن الشباب من دخول سوق العمل بسرعة وبكفاءة. فهي تزود الطلبة بالمهارات العملية التي يحتاجها أصحاب العمل، مما يجعلهم أكثر تأهيلاً للحصول على وظائف فور تخرجهم. بالإضافة إلى ذلك، تفتح هذه التخصصات الأبواب أمام فرص العمل الحر، وهو ما يمكن الشباب من بدء مشاريعهم الخاصة والمساهمة في تعزيز الاقتصاد الوطني. ففي الأردن، نجد عدداً من الجامعات والكليات التي تسعى لسد الفجوة بين التعليم وسوق العمل. من أبرز هذه المؤسسات:
١. جامعة الحسين التقنية: تعتبر جامعة الحسين التقنية نموذجاً رائداً في تقديم برامج تعليمية تركز على المهارات العملية والتقنية. وهي احد برامج سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله ولي العهد المعظم، حيث توفر الجامعة مجموعة من البرامج في مجالات الهندسة والتكنولوجيا، مع التركيز على تدريب الطلاب على التقنيات الحديثة التي يحتاجها سوق العمل.
٢. كلية التدريب المهني المتقدم: هذه الكلية تعد من أبرز المؤسسات التي تقدم برامج تدريبية متخصصة في العديد من المجالات المهنية. وهي أيضآ إحدى برامج سمو ولي العهد حفظه الله. تركز الكلية على تزويد الطلاب بالمهارات العملية المطلوبة في سوق العمل، مما يجعل خريجيها من أكثر الفئات المطلوبة في السوق.
٣. كلية عمون الجامعية التطبيقية: تركز كلية عمون على التعليم التطبيقي في مجالات الضيافة والسياحة، وهي من القطاعات الحيوية في الأردن. تقدم الكلية برامج تعليمية متخصصة تتوافق مع احتياجات السوق المحلي والإقليمي، مما يجعل خريجيها متميزين في هذا المجال.
وعلى ضوء ما سبق، يجب على الطلبة الذين أنهوا مرحلة الثانوية العامة التفكير بشكل جدي في التوجه نحو التخصصات المهنية والتقنية. إن اختيار التخصص لا ينبغي أن يعتمد فقط على الرغبة الشخصية، بل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار متطلبات سوق العمل وفرص التوظيف المستقبلية.
إن التخصصات المهنية والحرفية ليست فقط بديلاً للتعليم الأكاديمي التقليدي، بل هي طريق نحو مستقبل مليء بالفرص والنجاحات. ومن خلال التسجيل في الجامعات والكليات والمعاهد التي تركز على التعليم التطبيقي والمهارات العملية، يمكن للطلبة بناء مستقبلهم على أسس صلبة ومناسبة للواقع الاقتصادي الحالي.
إن مرحلة ما بعد الثانوية العامة هي مرحلة حاسمة في حياة الطلبة، وعلينا كآباء ومجتمع أن نوجههم نحو الخيارات التي تضمن لهم النجاح والاستقرار في مستقبلهم المهني. التوجه نحو التخصصات المهنية والتقنية ليس خياراً ثانوياً، بل هو استثمار في مستقبل الشباب ومستقبل الوطن.
Queen Ranian الديوان الملكي الهاشميمؤسسة ولي العهد - Crown Prince Foundation