مؤتمر إسلامي دولي في مكة المكرّمة بجهود الوزير عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ لتعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال
•بقلم: المستشار محمد الملكاوي
تابعت بتعمّق كرئيس لوِحدِة ثقافة السلام في الشرق الأوسط جلسات المؤتمر الإسلامي العالمي الذي عُقد في مكة المُكرّمة مؤخراً برعاية ومباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والذي حظي أيضاً بدعم ومساندة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حول (دور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال)، وبمشاركة وزراءٍ للشؤون الإسلامية والأوقاف، ومُفتين، ورؤساء مجالس وجمعيات إسلامية من أكثر من (60) دولة من دول العالم الإسلامي في مؤتمرهم التاسع.
المؤتمر الذي نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، وبإشراف مُباشرٍ ومتابعة حثيثة من وزيرها الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، وجه العديد من الرسائل للعالم بشكل عام، والعالم الإسلامي بشكل خاص.
وأهمّ هذه الرسائل هي التأكيد على المملكة العربية السعودية، حريصة على أن تبقى "مكة المُكرّمة" التي تحتضن بيت الله الحرام، والكعبة المُشرّفة، وقِبلة المُسلمين، ومهوى أفئدتهم، ستبقى أبد الدهر هي بوصلة المُسلمين، منذ أن هبط الوحي (عليه السلام) على رسول البشرية محمدٍ (صلّ الله عليه وسلّم)، وحتى قيام الساعة، إضافة إلى أن القيادة السعودية هي الأمينة على مقدسات المُسلمين في مكة المُكرّمة والمدينة المُنوّرة، وفي كل بقعة على أرض السعودية، التي غدت بجهود خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد هي (مملكة الإسلام والسلام)، وهي رمز الوسطية والاعتدال والاتزان، والرافضة بشكل صارم وحازم للتطرّف والغلو والإرهاب.
وأهمّ الرسائل التي خرج بها المؤتمر أيضاً هي تلك التي ذكرتنا بالرابط الإسلامي الأبدي بين بيت الله الحرام في مكة المُكرّمة على أرض المملكة العربية السعودية، والمسجد الأقصى على أرض فلسطين، حيث حرص الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ على ترجمة توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بالمطالبة في ختام المؤتمر بضرورة إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وحمايته من الاعتداءات الوحشية والإبادة الجماعية التي يتعرّض لها، ووجوب وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وأهلها، وأهمية حق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأهمية استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة لتحقيق السلام العادل والدائم.
وقد حرص وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ على أن يكون مقر عقد هذا المؤتمر الإسلامي الدولي في مكّة المُكرّمة، حتى يستذكر وزراء الشؤون الإسلامية والأوقاف، والمفتون، والعُلماء الأجلاّء، ورؤساء المجالس والجمعيات الإسلامية (في مؤتمرهم التاسع)، منهج الوسطية والاعتدال والخِطاب الديني المُعتدل والمُتزن، خاصة وأن مكّة المُكرّمة هي أكبر شاهد على التسامح والمحبة الإسلامية الصادقة، حيث أطلق رسول البشرية محمدٍ صلّ الله عليه وسلّم في مكّة المُكرّمة، أهم قانون بشري في الحروب عندما قال لأهلها الذين آذوه وحاصروه وهجّروه وحاربوه: (اذهبوا فأنتم الطُلقاء).
كما أن الوزير آل الشيخ أراد أن يكون عقد المؤتمر في مكة المُكرّمة (التي نتوجه إليها يومياً خمس مرّات في صلواتنا من كافة بقاع العالم)، أرضية صلبة لاتفاق الأمة الإسلامية على ضبط الفتوى وفق النصوص الشرعية، وبما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد، ويواكب مستجدات العصر ونوزاله، ويراعي حاجة المجتمعات، مع الحذر من الفتاوى الشاذة، والفتاوى في قضايا الأمة من غير الجهات الرسمية والمجامع العلمية المُعتمدة، هذا إلى جانب تعزيز الدعوة إلى منهج الوسطية والاعتدال وتصحيح فهم الخِطاب الديني، ومحاربة الغلو والتطرّف والانحلال وموجات الإلحاد، والتأكيد على مسؤولية وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف، والإدارات الدينية والإفتاء والمشيخات في ترسيخ هذا النهج، من خلال تأهيل وتدريب الأئمة والخطباء والدُعاة، وتكثيف البرامج بهذا الشأن.
لقد أعاد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ إلى أذهان كل المُشاركين في المؤتمر، تلك الأيام العتيقة والكريمة التي سعى فيها الرسول (صلّ الله عليه وسلّم) في مكة المُكرّمة إلى الدعوة إلى الله عز وجل بالحِكمة والموعظة الحسنة، وأن يكون الجِدال بالتي هي أحسن، كما جاء في القرآن الكريم.
إنني وباعتباري رئيساً لوِحدِة ثقافة السلام في الشرق الوسط، أرى بأن المبادرات التي تعمل عليها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية، هي مبادرات تستحق الثناء والتقدير عربياً وإسلامياً، خاصة وأننا بحاجة إلى مرجعية إسلامية يُمكن الوثوق بها، والالتزام بمُخرجاتها، واحترام منجزاتها.
شكراً للشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد أن جعل من توجيهات وتطلعات خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد ورئيس مجلس الوزراء قصص نجاح على مستوى العالم بشكل عام، والعالم الإسلامي بشكل خاص، والتصدي بحزم لقضايا الإرهاب والتطرّف والغلو دون خوفٍ أو وجلٍ، إيماناً منه بأن الإسلام هو دين سلام، وأن على المُسلمين أن يكونوا أصحاب رسالة إنسانية ملؤها الإيمان والمحبة والتسامح والتكافل.