دعامة من دعامات العدالة تغيب عن المحاكم الشرعية هي غياب تقنين الخبرة في قضايا النفقات مما يؤثر سلبا على الحقوق الشخصية لأفراد الأسرة من اللاجئين لعدالة القضاء الشرعي يطلبون نفقات العيش الشهري لتلبية الإحتياجات الأساسية كنفقات الزوجات والأطفال وكبارالسن فقد بلغ عدد قضايا النفقات المحكوم بها وفقا لإحصائيات دائرة قاضي القضاة لعام 2023 مايقارب تلاتة وعشرون الف ونصف قضية شكلت ما نسبته منها 49.7% نفقات زوجات و 48% نفقات صغار و 0.023% نفقات أمهات و آباء أمام غياب نظام للخبرة مما يؤثر سلبا على النفقات المقدرة و يخل بحقوق العيش الكريم ؛ وبالرجوع لقانون أصول المحاكمات الشرعية لعام 2016 نجد أن المادة 84 منه نصت على ان تقوم المحكمة باختيار خبيرين لتحديد النفقة المتنازع عليها بين المتداعين في حال اختلافهما وعدم اتفاقهما إلا أنه لا يوجد للأسف سجل للخبرة كحال القوانين التي سبقتها منذ تأسيس المحاكم الشرعية عــام 1972 ولا يوجد نظام يحكم إجراءات الخبرة مما يؤثر سلبا على مخرجات العدالة القضائية التي من مهامها الأساسية رسم السياسة التكاملية لأحكام الشرع الحنيف في الأمور الحياتية والإجتماعية للمسلمين أمام إزدياد تسجيل قضايا النفقات ازديادا مطردا ؛ و رغم كون مرحلة الخبرة مرحلة هامة من اجراءات المحاكم وتعتبر باتة في غالبية قضايا النفقات إلا أن تقدير النفقات من حيث القيمة يخرج عن صلاحية القضاء الشرعي على مختلف درجاته من كونه جهة ذات رقابة إيجابية أمام عدم تقنين معايير دنيا لتحديد كفاءة الخبراء وقصور في تقنين الممارسات الفضلى لإجراءات تقديم التقرير القضائي امام النفقات المقدرة .
رغم أن بعض الإستجابة حصلت لاحقا في نص المادة 3 من القانون المعدل لقانون الأحوال الشخصية لعام 2023 نص على أن تنظم شؤون الخبرة والتحكيم بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية إلا أنه ولغاية الآن لم يصدر نظام الخبرة والتحكيم مما يشكل فراغا تشريعيا يتطلب استجابة عاجلة لإصدار هذا النظام ؛ أما بالنسبة للخبراء فهم في غالبيتهم محامون مزاولون للمهنة يغلب على مهامهم طابع التطوع لا التكليف كما أنهم لم يخضعوا لدورات تحرير تقرير الخبرة القضائية من حيث التحري عن احوال المدعى عليه ولا ما يكفي المدعون من متطلبات العيش لا سيما في حالات الاحتياجات الخاصة ومتطلبات رعاية الطفولة المبكرة ولا دورات موازنة البينة وفقا للاصول القانونية كمجلة الأحكام العدلية وقانون البينة الأردني ولا مهارات مضاهاة الأقوال بل يجتهدون بتناقل الخبرات الشفهية من تجارب من سبقهم في تحرير التقارير القضائية ، إن الخبراء غير مرتبطين بمدونة سلوك مما يعني ان آليات الطعن بتقريرهم تعتبر ضيقة المجال لفرقاء الدعوى أمام الأخطاء الشكلية والمسلكية التي قد ترتكب من البعض وتؤثر فعليا في مقدار النفقة كما أن دائرة قاضي القضاة حاليا لا تعتبر ذات صلاحية تأديبية لأي أخطاء سلوكية عن أداء الخبراء كخبراء محلفين أمام الهيئة القضائية كونه لا يوجد رابط قانوني بين الدائرة والخبراء لعدم وجود سجل ولا نظام يحكم مهام الخبراء وهذا ما يشكل خطورة تسحب من الدائرة صلاحية المسائلة والتأديب رغم مخالفات مسلكية ككتم الشهادة واساءة الأمانة.
إن صدور نظام للخبرة من شأنه الإرتقاء بدور هام من أدوار المحاكمة ليشمل إجراءات تسهل على جميع أطراف الدعوى وتضبط الحياد والكفاءة من أجل تقديم التقرير القضائي الأفضل لنفقات أشد إنصافا.