رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

مفارقات هذه الانتخابات ودروسها كتب جميل النمري

مفارقات هذه الانتخابات ودروسها كتب جميل النمري
جوهرة العرب 
جميل النمري
وصلت التحليلات حد الاشباع في تفسير فوز الاسلاميين وكلها صحيحة بما في ذلك تأثير "غزة " لكن الأرقام حملت ايضا مفارقات تخص جميع الأحزاب بما في ذلك اليسار الذي اخفق في تحصيل أي مقعد الا اذا حسبنا حزب العمال على اليسار وقد حصل على مقعدين ليس بينهم د. رولا الحروب لأنها وضعت نفسها رقم ٣ في القائمة.
حصدت قوائم جبهة العمل الاسلامي المحلية  158.907 صوت أي ما نسبته 14% من المجموع بينما حصدت قائمتها الوطنية على 464.350 صوتا اي ما نسبته 34% من الأصوات أي انها حصلت لقائمتها الوطنية ما يقارب ضعفي ونصف اصوات قوائمها المحلية ! وهذا يقول كل شيء عن الفراغ على محور الدائرة العامة السياسية – الحزبية. وللحقيقة يجب الأخذ بالاعتبار أن حزب جبهة العمل الاسلامي لم يترشح في بعض الدوائر المحلية فجاءت اصواته من هناك  للقائمة الوطنية فقط، لكن هذا جزء بسيط من الأصوات التي صنعت فارقا. 
ولننظر الى دوائر رئيسية كان للحزب فيها قائمة محلية قوية جدا مثل عمان الثانية فقد نالت قائمة الحزب 38.361 صوتا أي 25.6%  من الأصوات بينما نالت قائمتها الوطنية في نفس الدائرة 61.457 صوتا من اصل 134.074 أي 46% من الأصوات. وهذا يعني حرفيا ان اكثر من 20% من ناخبي القوائم المحلية  الأخرى  صوتوا حزبيا لصالح الجبهة. والمفارقة ان العكس تماما حصل للأحزاب الأخرى فقد حصل مرشح حزب الميثاق في نفس الدائرة اندريه حواري على اكثر من 14 الف صوت ضمن قائمته "نمو" التي حصلت على اكثر من 31 الف صوت لكن حزبه الميثاق حصل فقط على 8 آلاف صوت في نفس الدائرة !. 
وقد قام موقع "حبر" الذي يستحق الاشادة على التحليل الرقمي المميز والمعزز بتوضيحات جرافيكية بعرض امثلة من بعض المدارس ففي احدها حصل الحواري على 1228 صوتا بينما حزبه الميثاق حصل على 51 صوتا فقط! ولو كان الصوت للحزب يرتبط بالصوت للمرشح المحلي لنال الميثاق اكثر من 24 ضعف العدد في تلك المدرسة. وكان مرشح التيار الديمقراطي في نفس القائمة د. زيد الكيلاني قد حصل على اكثر من  8 آلاف صوت لكن قائمته الحزبية في نفس الدائرة حصلت على 3240 صوتا. 
 المفارقة المعاكسة بالنسبة للاحزاب الأخرى تظهر بقوة كاسحة في فارق التحصيل بين المقاعد المحلية والوطنية فحزب ارادة حصل على 16 مقعد في الدوائر المحلية (اكثر من جبهة العمل الاسلامي) بينما حصل في الدائرة العامة الحزبية على 3 مقاعد فقط . هذا بينما حصلت جبهة العمل على 17 مقعد في الدائرة العامة الحزبية مقابل 14 مقعدا من الدوائر المحلية وبالمناسبة  فنصف تلك المقاعد  جاءت من الكوتات. ففي عمان الثانية حصلت قائمة الجبهة على مقعدين تنافس وفوقها الكوتا المسيحية والكوتا النسائية كما حصلت على الكوتا النسائية والشركسية في دائرتي عمان الثانية والثالثة.   
بالنتيجة الاجمالية حصلت جبهة العمل على 14.4% من مقاعد الدوائر المحلية وهي بحدود النسبة التقليدية المألوفة لها. لكنها حصلت على 41.4% من المقاعد الوطنية الحزبية اي ما يعادل ثلاثة اضعاف نسبتها المحلية. وكل التحليلات اسهبت في تفسير السبب لكن سألفت الانتباه الى سبب اضافي في نفس النظام الانتخابي. فنسبة اصوات الجبهة الى مجموع اصوات القوائم هي 34% لكن هناك 15 قائمة لم تصل العتبة ذهبت نسبتها من المقاعد الى الجبهة ومنها مقاعد اليسار الذي لم يصل العتبة حيث حصلت 3 قوائم لليسار على 74.438 صوتا تعادل 3 مقاعد تقريبا لكن اي منها لم يصل العتبة. وكنت في لجنة التحديث السياسي قد طرحت فكرة إئتلاف القوائم لتفادي الهدر. ثم عندما تم فتح القانون للتعديل لاحقا الححت على استثمار الفرصة لإدخال تعديل يسمح بإئتلاف القوائم بمعنى إذا كان مجموع اصوات القوائم المؤتلفة يتجاوز العتبة تأخذ حصتها من المقاعد وتوزع بينها على التوالي بنسبة اصواتها. 
هذا المقترح الأخير كان سيفيد الوسط واليسار حيث صعوبة الاتفاق على ترتيب الأسماء في قائمة واحدة وقد حدث ان ستة احزاب تمثل يسار الساحة دخلت في مفاوضات ماراثونية للتوافق على قائمة مشتركة وحسب التقديرات كانت ستحصل على 3 مقاعد فمن يتنازل للآخر في الترتيب ؟! انتهى الأمر في آخر ساعة قبل تسجيل القوائم الى انقسامهم الى 3 قوائم  حصلت على 38 الف و24 الف و 12 الف صوت على التوالي وهناك قائمة بتوجه قومي حصلت على 17 الف صوت واذا اضفننا قائمة حزب العمال ولم يكن لديها مشكلة في هكذا إئتلاف فإن مجموع اصوات الإئتلاف يتجاوز 142 الف صوت. 
والدرس مزدوج أولا لهذه الأحزاب وثانيا للنظام الانتخابي الذي يجب ان يمكن الإتلافات او يجعل القوائم مفتوحة لتجاوز مشكلة ترتيب الأسماء. فالقوائم المغلقة تؤدي الى زيادة عدد القوائم بدل تجميعها ناهيك عن خلق نزاعات مريرة داخل الحزب الواحد .. 
على كل حال هي تجربة اولى انتجت مفارقات مذهلة برسم الدراسة لاستخلاص  دروسها وهذا لا يحجب النجاح الكبير المتحقق. فقد فكرنا بمجلس نواب حزبي بنسبة الثلث للمحطة الأولى  فحصلنا على مجلس حزبي بنسبة ثلاثة ارباع ! وهو ما يعني اختصار المراحل الثلاثة الى واحدة ونصف ولهذا حديث لاحق.