رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

الشباب الأردني في كتاب التكليف السامي... قراءة تحليلية بقلم: جهاد مساعده

الشباب الأردني في كتاب التكليف السامي... قراءة تحليلية   بقلم: جهاد مساعده
جوهرة العرب  
بقلم: جهاد مساعده
يُعد كتاب التكليف السامي الذي وجه جلالة الملك عبد الله الثاني للدكتور جعفر حسان وثيقة محورية تُؤسس لرؤية وطنية شاملة، تشمل مختلف القطاعات الحيوية، مع التركيز بشكل خاص على الشباب الأردني ودورهم المحوري في مستقبل المملكة. في هذا المقال، سنحلل ما ورد في كتاب التكليف بخصوص الشباب، ونسلط الضوء على دورهم في مشروع التحديث السياسي والاقتصادي، مع مراعاة الفرص والتحديات التي تواجههم في مختلف المجالات.
(01)
الشباب: المحرك الأساسي لمشروع التحديث
يؤكد كتاب التكليف السامي على أهمية "تسخير طاقات الشباب والشابات في البناء والتطوير"، مشددًا على دورهم كقوة دافعة للتغيير في الأردن. فالشباب يمثلون النسبة الأكبر من سكان المملكة، ما يجعل التركيز عليهم استثمارًا في مستقبل الوطن.
ويضع كتاب التكليف على عاتق الحكومة مسؤولية تعزيز دور الشباب في الحياة العامة من خلال تطوير مراكز شبابية ريادية تُحفز الابتكار والإبداع. هذا التوجيه الملكي يعكس تحولًا في تعامل الدولة مع الشباب، حيث لم يعد يُنظر إليهم كفئة تحتاج إلى رعاية فقط، بل كعنصر أساسي في عملية التحديث والبناء.
وتُبرز أهمية المراكز الشبابية في كتاب التكليف السامي باعتبارها بيئات حيوية لتطوير المهارات القيادية وتنمية حس المسؤولية لدى الشباب. فهذه المراكز ليست مجرد أماكن للترفيه، بل يجب أن تكون منصات لتمكين الشباب من استثمار طاقاتهم في الابتكار والإبداع. من خلالها، يمكن للشباب اكتساب مهارات القيادة والريادة، التي تؤهلهم ليصبحوا عناصر فاعلة في المجتمع وقادة في مختلف القطاعات.
لذا، تقع على عاتق الحكومة مسؤولية تعزيز هذه المراكز من خلال سياسات وإجراءات تضمن توفير الظروف الملائمة لتنمية قدرات الشباب، وتحفيزهم على المشاركة الفعالة في بناء المستقبل.
 
(02)
الشباب والرياضة: مصدر فخر وطني
يبرز كتاب التكليف السامي دور الرياضة كأداة لبناء الهوية الوطنية وتعزيز الشعور بالفخر. وقد أشاد الملك بالإنجازات الرياضية التي حققها الأردنيون على المستوى الدولي، ووجه الحكومة للعمل على "رعاية الرياضيين وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص" لضمان استدامة هذه الإنجازات وتوفير المنشآت الرياضية.
إن الرياضة ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي وسيلة لبناء القدرات البدنية والنفسية للشباب، وتعزيز الانتماء الوطني. والإنجازات الرياضية تعكس قدرة الشباب الأردني على التنافس على الساحة الدولية، مما يعزز من مكانة الأردن عالميًا.
الشراكة مع القطاع الخاص في هذا المجال تعتبر استراتيجية مهمة لتوفير التمويل اللازم وتوسيع البنية التحتية الرياضية، بما يضمن استدامة التطوير في هذا المجال وتحفيز المزيد من الشباب للانخراط في الرياضة.
 
(03)
الشباب وخطر المخدرات
تشير الفقرة المتعلقة بمكافحة المخدرات في كتاب التكليف إلى أحد أبرز التحديات التي تواجه الشباب الأردني، ويشدد الكتاب على الحكومة بتكثيف التوعية والتثقيف لمواجهة هذه الآفة، مع توفير الحواضن لرعاية الشباب في المؤسسات التعليمية والثقافية، إضافة أهمية حماية الشباب من المخاطر التي تهدد مستقبلهم، حيث تُشكل المخدرات خطرًا على صحتهم وقدرتهم على الإسهام في بناء الوطن. وهنا يبرز يبرز دور الحكومة بالتكامل مع المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني لضمان حماية الشباب.
 
(04)  
الريادة والشباب: طموح وتحديات
أكد كتاب التكليف السامي على أهمية تعزيز دور المراكز الريادية للشباب، باعتبارها حواضن أساسية للمواهب التي تتطلع إلى ريادة الأعمال والابتكار. هذه المراكز تشكل منصة لتطوير الأفكار وتحويلها إلى مشاريع ناجحة. ولذا، يؤكد كتاب التكليف على الحكومة بتقديم الدعم اللازم لضمان أن تكون هذه المراكز بيئة ملائمة لتشجيع الابتكار وريادة الأعمال، مما يعزز من دور الشباب في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
وتلعب ريادة الأعمال دورًا محوريًا في تعزيز التنمية الاقتصادية، ويُعد الشباب العمود الفقري لهذه العملية. التركيز على دعم المراكز الريادية يعكس توجهًا نحو تمكين الشباب اقتصاديًا عبر تطوير مهاراتهم الريادية. ومع ذلك، يتطلب هذا الدعم بيئة مواتية تسهّل على الشباب إنشاء وإدارة مشاريعهم من خلال توفير التمويل، والإرشاد، وتبسيط الإجراءات القانونية، لضمان تحويل الأفكار إلى مشاريع ناجحة تدعم الاقتصاد الوطني بشكل فعّال.
(05)
الشباب والحياة الحزبية
يشير كتاب التكليف السامي إلى أهمية "الحياة الحزبية البرامجية" التي تتيح للشباب المشاركة في الحياة السياسية والتعبير عن آرائهم واحتياجاتهم. هنا تبرز دعوة الملك إلى توفير بيئة سياسية تضمن حماية الحقوق والحريات وتتيح للشباب الانخراط في العمل الحزبي بثقة.
إن المشاركة السياسية هي ركن أساسي في تطوير الحياة الديمقراطية، والشباب هم العنصر الفاعل في بناء حياة حزبية تقوم على البرامج والسياسات يعزز فيها مشاركته في عملية صنع القرار. ولكن لتحقيق ذلك، يجب أن تكون هناك بيئة سياسية مفتوحة تضمن حقوق التعبير والانخراط الحزبي بعيدًا عن أي تقييد أو خوف من التدخلات. على الحكومة أن تسهل عملية انخراط الشباب في الأحزاب وتعمل على تعزيز الثقة بين الشباب والمؤسسات السياسية.
 
في الختام، الشباب الأردني يقف في قلب مشروع التحديث الوطني الذي يتطلع إليه الملك، وكتاب التكليف السامي يضع الشباب في موقع المسؤولية، ويحث الحكومة على توفير البيئة المناسبة لتسخير طاقاتهم في بناء مستقبل الوطن. هذه الرؤية تستدعي العمل الجاد من جميع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني لتوفير فرص حقيقية للشباب في مجالات التعليم وتكنولوجيا المعلومات، والرياضة، والعمل الريادي، والمشاركة السياسية.