يشهد ملتقى الراوي في دورته الجديدة تألقًا لافتًا يؤكد حضوره المستمر كأحد أبرز الفعاليات الثقافية التي تعنى بفن السرد والحكاية الشعبية. فقد نجح الملتقى، الذي يجمع نخبة من الأدباء والباحثين والرواة من مختلف الدول، في ترسيخ مكانته كمنصة ثقافية عالمية تعكس ثراء التراث الإنساني وتنوع أشكال التعبير الشفهي.
وتنوعت فعاليات الملتقى بين جلسات نقاشية وأمسيات سردية وورش عمل متخصصة، أضاءت جوانب متعددة من فنون الحكاية وأشكال توثيقها، إلى جانب معارض للكتب والمخطوطات النادرة التي تعكس عمق التجربة التراثية. كما شهدت الفعاليات إقبالًا جماهيريًا كبيرًا، حيث تفاعل الحضور مع الحكايات الشعبية التي تحمل في طياتها القيم الإنسانية والدروس الأخلاقية، وتعيد إلى الأذهان أجواء السمر التي كانت تجمع الأجيال على مائدة الرواية الشفاهية.
وقد تميزت هذه الدورة بمحورها الرئيس الذي ركز على حكايات الطيور ومكانتها في الموروث الشعبي، حيث سلطت الفعاليات الضوء على الرمزية العميقة للطيور في الحكايات والأساطير الشعبية، باعتبارها رمزًا للحرية والأمل والخيال، إلى جانب دورها في تجسيد الحكمة والوفاء في القصص التراثية. وشارك عدد من الباحثين في مناقشة حضور الطيور في المرويات الشفهية حول العالم، وكيف ألهمت الخيال الجمعي وأسهمت في تشكيل الوجدان الثقافي للشعوب.
وأكد المشاركون أن الملتقى بات يشكّل جسراً للتواصل الثقافي بين الشعوب، من خلال ما يقدمه من محتوى ثري يجمع بين الأصالة والتجديد، ويواكب متطلبات العصر في صون الهوية الثقافية وتوظيف السرد في خدمة الحوار الإنساني. كما أشاروا إلى أن الملتقى أسهم في تكوين جيل جديد من الرواة الشباب الذين ينقلون التراث بروح معاصرة ويجدّدون فيه بما يتماشى مع اهتمامات المجتمع الحديث.
ومع كل دورة جديدة، يواصل ملتقى الراوي مسيرته من نجاح إلى نجاح، مثبتًا أنه أكثر من مجرد فعالية ثقافية؛ بل هو مشروع حضاري يستهدف حفظ الذاكرة الشعبية وتأكيد مكانة الرواية كأداة للتعبير والتواصل عبر الأجيال