مفاجآت عديدة أثمرتها صناديق الاقتراع في دورة انتخاب مجلس النواب العشرين يوم 10 ايلول سبتمبر 2024.
فقد حقق حزب جبهة العمل – الإخوان المسلمين، نجاحاً ملموساً ، وسجل أنه يقف في طليعة الأحزاب السياسية، التقليدية منها والمستحدثة.
وسجل أحزاب التيار الوطني الوسطى ظاهرة نجاح معتبرة، رغم وَهْم تقديراتهم أنهم سيكونوا في طليعة الأحزاب، إعتماداً على دعم المؤسسات الرسمية لهم، ورهانهم أن يكونوا الأداة التنفيذية في إدارة مجلس النواب، وتشكيل الحكومة.
كما سجلت أحزاب التيار اليساري والقومي فشلاً ملموساً، وظاهرة سلبية، في أدائهم وتخلف وعيهم نحو فهم وأهمية العمل الأئتلافي، وضرورة التحالف السياسي، فيما بينهم على الأقل.
مفاجآت عكست مدى تفهم الأردنيين الراغبين حقاً في الوصول إلى صناديق الاقتراع، وهم قلة نسبياً مقارنة مع عدد الأردنيين الذين يملكون حق التصويت، وهي ظاهرة ليست منقولة من أي طرف آخر، ولكنها تعكس تراكم الخبرة العبثية اللامسؤولة، وعدم توفر الثقة سواء نحو مؤسسات العمل الرسمي أو نحو الشخوص المرشحة، أو نحو نتائج العملية الانتخابية ،وقدرة المؤسسة المنتخبة: مجلس النواب من التمكن لتوفير و تحقيق خدمات لصالح الناخبين، بعكس وعي الأردنيين ورغبتهم المشاركة في مؤسسات الانتخابات العامة الأخرى: 1- انتخابات مجالس البلديات، 2- انتخابات مجالس المحافظات، فالأولى تحظى باهتمام غير عادي له الأولوية، لصلته بالخدمات اليومية التي يحتاجها المواطن، كما تقع الصلة العائلية و العلاقات الشخصية دوراً في إيجاد الحوافز، و الاندفاع نحو صناديق الانتخاب.
وتقع انتخابات مجالس المحافظات في منطقة الوسط، بين انتخابات مجالس البلديات المحلية، وانتخابات مجلس النواب.
انتخابات مجلس النواب لا تحظى بهذا الاهتمام الذي تحظى به مجالس البلديات والمحافظات.
العمل الحزبي، والعمل السياسي، والفعل الانتخابي يحتاج لخبرات تراكمية حتى تشكل دافعاً للمواطن نحو الانخراط بها، والمساهمة في فعالياتها والرهان عليها أنها تملك القدرة على الاقتراب من تطلعاته، وتوفير فرص رهاناته الوطنية والقومية العابرة للحدود.
ثلاثة عوامل تؤثر على عملية الانتخاب وهي :
البشر والمال والبرنامج، وغياب اي منهم يؤثر على النتائج، فالانسان هو الوسيلة الأنتخابية وهو الهدف من العملية برمتها ،وإذا لم يصل المرشح وحزبه و فريقه الأنتخابي إلى الناخب، لن تكون له المكانة في خيار الناخب والانحياز له، واذا لم يتوفر المال وهو العصب الرئيسي المحرك للعملية الانتخابية، لن يُفلح المرشح في جلب الناخبين إلى صناديق الاقتراع، ولو دققنا في قوائم المرشحين وكتلهم، لوجدنا أن العديد من الفائزين هم الذين غطت عائلاتهم الكلفة المالية للحملة الانتخابية، حتى ولو كانوا غير معروفين، أو ليس لهم حضور سياسي، أو نقابي، أو اجتماعي، ومع ذلك كان للمال الفضل في فوزهم.
اما البرنامج فهو اقل العوامل تأثيرا، ولكنه أحد العوامل الذاتية أو الموضوعية الجاذبة للناخب، وهو يكبر أو يصغر مع الوقت، ولكنه يبقى حاضراً ويزداد أهمية مع تطور وعي الناخبي تدريجيا.
تجربة انتخابات هذا العام يمكن البناء عليها اذا تواصل النهج الرسمي الذي ادارها، و وواصل قراره السياسي الأمني نحو خيار النزاهة التي طبعت هذه الانتخابات.