بعد مرور أكثر من عام على الحرب على قطاع غزة والتي طالت كل مقومات الحياة في القطاع، فإن الأرقام الواردة من هناك في تصاعد مستمر وتظهر حجم الدمار الهائل وربما الكلي في بعض المناطق للبيئة ومقوماتها الأساسية بعد ان طال العدوان الإسرائيلي كافة مناحي الحياة والتي أساسها العنصر البشري قبل كل شيء؛ فقد تجاوز عدد الشهداء 42.000 شهيد وأكثر من 100.000 جريح بالإضافة الى 1.7 مليون نازح وما يقارب 400.000 وحدة سكنية مدمرة.
ومع استمرار العدوان وتجاوزه العام الأول وتزايد عمليات الإبادة لكل مكونات الحياة في غزة، فإن البيئة والنظام البيئي ككل قد تعرض لأقسى وأبشع أنواع التدمير الممنهج، بحيث أفرزت نتائج العدوان مناطق غير قابلة للعيش وأخرى مليئة بالأوبئة والامراض، كما تم القضاء على معظم المساحات الزراعية والغطاء النباتي بالإضافة الى تدمير محطات الصرف الصحي وإخراجها عن العمل وتراكم مئات آلاف الأطنان من القمامة في الشوارع والقضاء على النظام البيئي عموما بفعل المقذوفات المستخدمة وطبيعتها بالإضافة الى تجريف الأراضي.
وبلغة الأرقام واستناداً إلى عدة مصادر منها سلطة جودة البيئة الفلسطينية، ووزارة الصحة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والجهاز المركزي للإحصاء فإن آثار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر 2023 قد تجاوز معايير الإضرار بالبيئة الى حد الإبادة وتدمير البيئة الفلسطينية في القطاع، بحيث أصبح مكاناً غير قابل للعيش إذ يكفي النظر إلى الأرقام القادمة من هناك لكي نتصور ما حل بالقطاع البيئي بسبب العدوان المستمر على غزة.
لقد أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الى انهيار كامل للبنية التحتية بما في ذلك مياه الصرف الصحي، ووسائل التخلص من النفايات وتلوث المياه وانقطاع إمدادات الوقود، بحيث نتج عن كل ذلك تصريف ما يقارب 100.000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي إلى البحر بشكل يومي بفعل قطع إمدادات الوقود وتراكم 400.000 طن من النفايات الصلبة بمعدل 1200 طن يوميا من القمامة بالإضافة الى تدمير أكثر من 60% من المباني السكنية في القطاع.
ومع الأخذ بعين الاعتبار إلقاء أكثر من 85.000 طن من القنابل والمتفجرات على القطاع فقد تم تدمير أكثر من 50% من الغطاء النباتي والأراضي الزراعية بشكل كلي- سواء بسبب المقذوفات او بفعل تجريف الأراضي- وللمقارنة فإنه قبل السابع من أكتوبر كان حوالي 170 كلم مربع من قطاع غزة عبارة عن مزارع وبساتين حيث تم تدمير أكثر من 70 كلم مربع منها شملت أكثر من 2000 موقع زراعي من المزارع و الدفيئات إضافة الى فقدان 55% من الغطاء الشجري.
وكنتيجة لكل ما سبق فقد تم القضاء معظم الغطاء النباتي وتدمير التنوع الحيوي وانتشار التلوث والأمراض وهدم النظم البيئية والقضاء على مواطن الطيور والحيوانات والتلوث البحري الذي أدى إلى الإضرار بالثروة السمكية والحياة البحرية، مما ترك آثاراً بيئية مدمرة قد تستمر لعقود قادمة تؤثر على جودة البيئة للأجيال القادمة.