نعم نختلف مع إيران، في الكثير من العناوين والقضايا وفي طليعتها موقفه من جزر الإمارات الثلاثة: طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، ولكن إيران بلد جار منذ آلاف السنين، لا نستطيع التخلص منها، وأن تتخلص منا، أن تطردنا أو نطردها، شأنها شأن تركيا وأثيوبيا، كبلدان مجاورة مماثلة، نختلف معها ونتفق.
نختلف مع إيران، في السياسات والمواقف وربما في الأولويات، لنا مصالحنا، نتمسك بها كعرب، ولها مصالحها تتمسك بها وتعمل لأجلها وهذا مفهوم ومدرك، وهي لن تغير لسواد عيوننا، والعرب لن يغيروا محبة لها، بل إن التحدي أمامها وأمامنا أن نبحث عن المصالح المشتركة، ونتمسك بها ونعليها، ونحدد خلافاتنا معها ونعمل على حلها بالتفاهم والوصول إلى منتصف الطريق، صوناً لمصالحنا وعدم التنازل عنها، وأن لا نسمح بالتطاول عليها.
كما نتفق في إطار المجموعة العربية، ونختلف، نتفق في إطار المجموعة الإسلامية، ونختلف، وهو ما ينطبق على إيران، ولا فكاك منها، وكعرب منا المسلم والمسيحي وحتى اليهودي، وكإئرانيين منهم المسلم واليهودي، ونحن العرب منا السنة والشيعة، كما عندهم، بصرف النظر عن الأغلبية والأقلية، عندنا أو عندهم.
نختلف مع إيران، ولكننا لا نختلف مع المستعمرة الإسرائيلية وحسب، بل صراع وتناقض على الوطن، فهي تحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، وتسلب حق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرض وطنه، وتسعى لتشريده وطرده وتوسيع مستعمرتها على حساب أرض العرب وكرامتهم وحقوقهم وسيادتهم.
وتتطاول المستعمرة على مقدساتنا العربية الإسلامية والمسيحية، وتعمل على تهويدها وأسرلتها وعبرنتها.
المستعمرة قامت على احتلال غير شرعي لأرض فلسطين العربية، وطرد شعبها وتشريده خارج وطنه الذي لا وطن له غيره: فلسطين.
وهي تعمل على التوسع والاستيطان، وقتل الحياة للفلسطينيين وجعل أرضهم ووطنهم غير مؤهل وغير صالح للحياة.
لا تتوانى عن قتل الأطفال، وقتل النساء، لأنها تستهدف قتل الحياة، قتل الغد، وإبادة شعب فلسطين، كما تفعل الآن يومياً، بلا محرمات، بلا حدود، بلا قيود، بلا احترام لحق الإنسان في الحياة، هي تفعل ذلك كما سبق وفعل الأوروبيون بأهالي أميركا الأصليين وأهالي كندا وأهالي استراليا، هي تفعل كما سبق وفعل الأوروبيون، الذين هم من صنع المستعمرة على أرض بلادنا: البريطانيون بقراراتهم وتسهيلاتهم لجلب اليهود الأجانب إلى فلسطين، والفرنسيون بأسلحتهم التقليدية والنووية، وألمانيا بطرد مواطنيهم اليهود وتقديم التعويضات لهم.
المستعمرة هي العدو الوطني والقومي والديني والإنساني لنا كعرب ومسلمين ومسيحيين، وإيران دولة جارة نختلف معها ولا نكن ولا نضمر لها الكره أو العداء، ولذلك كانت زيارة وزير خارجيتنا أيمن الصفدي إلى طهران، وهاهو يتوجه إلى تركيا، لنفس السبب والدافع وهو حشد المواقف العربية والإسلامية من أجل فلسطين، ومن أجل لبنان.