بادىء ذي بدء أتحدث عن الإختلاف لا الخلاف في الرأي والأساس فيه أن الرأي محاوشة ولا ينبغي أن يفسد في الود قضية.
فعندما تطرح قضية معينة على طاولة النقاش من المعلوم لكل رأيه رغم طريقة تفكير البشر متقاربة لكن هناك من يعتقد انك تود التقدم عليه أو تسخر منه علما انك تناقش فكرة لا تناقش جانبا في شخصيته وهنا الفصل واجب بين مناقشة الشخص والفكرة ومع هذا البعض بالتزامن ينغمش ويجنح ويضرب عصفورين بحجر واول حجر موجه للشخصية فتغتال الفكرة والشخصية معا.
والطلاق في النقاش يصبح حتميا ويحدث بل ويزيده بلة عندما لا يكون هناك إحترام للنقاش أو النزوع لمسلك صبياني فيه فتصبح الأمور مسخرة.
إن إتباع استراتيجية الإغتيال الشخصي بنهم في النقاش لا يجنى منه فائدة والمحصلة عداوة شخصية في غنى عنها من الأساس وخاصة إذا لم يلجمها من يدير دفة النقاش أو غير مؤهل لضبطه من ناحية معرفية.
إن إبداء المرونة في النقاش يلطفه وحينها تتلاقح الأفكار ويؤدي علاوة على القيمة منه قيمة مضافة.
ورسم الخطوط العريضة للنقاش وتأطيرها من الأبجديات وبمثابة خريطة طريق مهما اشتد العصف الذهني والفكري وفلاتر النقاش كفيلة به عبر المرشحات .
ومن المندرجات المسلمات الحتمية والحجج والبراهين التي هي حق من حقوق النقاش وابداء الرأي والإقرار بالفكرة القائلو لكل منا وجهة نظره أو رأيه أو انطباعه عن ذلك الموضوع المطروح أو تلك الحالة أو المسألة التي تناقش لتسكينه.
ولما كانت الظروف التي يعيشها البشر وبيئاتهم ومستوى وعيهم وثقافتهم وتجاربهم في الحياة مختلفة، إضافة إلى إختلافهم في العمر والخبرة في الحياة وإختلاف الأمزجة والنفسيات دون أن يغرب المنظور الفلسفي للتلابيب هي مهاميز ومسوغات مولجة لصلب النقاش دون إستخفاف أو تهكم أو ممارسة السلطة يروم الإشتباك من المسافة صفر.
ومن الطبيعي أن يكون لكل منا وجهة نظر أو رأي خاص به، قد يتطابق ويتفق مع الآخرين، أو قد يختلف معهم، بغض النظر عن صحة هذا الرأي أو عدم صحته.
إن وجود أكثر من وجهة نظر أو رأي حول الموضوع الواحد لا يمكن تفسيره على أنه حالة سلبية، بل العكس من ذلك فإنها حالة إيجابية مفيدة لابد منها في أي نقاش يجري بين مجموعة من الأفراد، لما في ذلك من فوائد كثيرة وكبيرة فأعقل الناس من جمع إلى عقله عقول الناس وأثثها، فيستفيد المرء من تلك الآراء والمناقشات التي تدعم رأيه وتنصره.
وتكون دافعاً له للإعتداد برأيه وعدم الحياد عنه، أو قد تكون متضاربة ومختلفة مع رأيه ومخالفة لوجهة نظره، وفي هذه الحالة يستفيد أيضاً من تلك الآراء في تصحيح بعض آرائه وأفكاره الخاطئة إذا كانت آراء الآخرين وأفكارهم أشمل وأعمق وأدق من آرائه ووجهة نظره، وذلك بعد اقتناعه واعتقاده شخصياً بها.
ففي نهاية المطاف لابد من أن يصل كلٌ من طرفي النقاش إلى محصلة نهائية يتفقون بها ومحطة نهائية يقفون عندها.
وصحة الرأي تحكمه ظروفه لكن ليست بالمطلق بل نسبية فقد تكون الاراء متضادة ومتضاربة في الوقت نفسه وتفسير ذلك هو أن هذا الرأي المعين قد ينفع لظرف وموقف معين ولا ينفع ويصح لموقف وظرف آخر،.
وهكذا فإن النظر إلى المسألة الواحدة قد يكون من زوايا وجوانب متعددة وكلها صحيحة ومنطقية، سواء كانت متفقة مع بعضها أو متضادة ومتضاربة، والذي يحكم صحتها وصوابها هو الظرف أو الزمان أو المكان أو غير ذلك من العوامل المختلفة.
إذ رأي الشخص ووجهة نظره حول أمرٍ ما تعكس شخصية الفرد وعقليته ومستوى وعيه وثقافته وحتى روحه ونفسيته، فعن الإمام علي (ر) أنه قال: (اللسان ترجمان الجنان).
إن مسألة أن يكون لكل منا وجهة نظره أو رأيه في حقيقة الأمر مسألة مهمة ودقيقة جداً، ولابد منها في كل نقاش وحوار، أما أن يكون الإنسان على الحياد دون أي رأي يذكر، فإنها حالة سلبية تماماً وتدل على ضعف شخصية الفرد، بحيث أنه لا يستطيع أن يكّون لنفسه رأياً خاصاً به يعبر به عما يختلج في أعماق نفسه وما يختزن في عقله من أفكار وآراء وخبرة.
فالمشاركة في النقاش مع الآخرين وطرح الشخص رأياً معيناً حينها، هو أمر مهم وضروري جدا ًإذ من شأنه أن ينمي شخصية الفرد ويرتقي به إلى ما هو أفضل وبالتالي بل يكون النقاش مثمرا ومفيدا حيث يكفله مراعاة الديمقراطية وحرية الرأي في النقاش وعدم الاستبداد بالرأي أو فرضه على الآخرين
وهذه مسألة غاية في الأهمية فهناك من يحاول الإستبداد والتغول برأيه وفرضه على الآخرين بل يشيطنهم معتقداً أن رأيه هو الأصح والأفضل، حتى أنه لا يفسح المجال للآخرين للتعبير عن وجهة نظرهم وآرائهم وهذا بحد ذاته ثلمات وولدنة،