يحتل الشباب في الأردن مكانة محورية في الرؤى الملكية، حيث يسعى جلالة الملك عبد الله الثاني، منذ سنوات، إلى تمكين الشباب الأردني في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولقد أكدت التوجيهات الملكية مرارًا على ضرورة تعزيز دور الشباب في المجتمع وفتح المجال أمامهم للمشاركة الفاعلة في صنع القرار، لا سيما في المجالات السياسية والعمل الحزبي، لكن ورغم الجهود المبذولة، يواجه الشباب تحديات كبيرة، تتطلب وضع استراتيجية شاملة تتناغم مع هذه الرؤى لتطوير واقعهم السياسي والاجتماعي.
جلالة الملك عبد الله الثاني كان دائمًا في مقدمة الداعمين للشباب الأردني، من خلال تأكيده على أن الشباب هم "رأس المال الحقيقي" للأمة، وقد أشار إلى أهمية توفير الفرص المناسبة لهم للوصول إلى مواقع اتخاذ القرار، وتحفيزهم للمشاركة في العمل السياسي، ومع ذلك يواجه الشباب العديد من العقبات التي تحول دون تمكينهم الفعلي على المستويين السياسي والحزبي، حيث تقتصر مشاركتهم في الحياة السياسية على نطاق ضيق، رغم الجهود الحكومية في هذا الصدد.
الورش والندوات والدورات التدريبية التي يتم تنظيمها للشباب غالبًا ما تفتقر إلى العنصر التطبيقي الفعلي، حيث تركز على النظريات والأفكار العامة التي لا تلامس احتياجاتهم الفعلية، كما أن البرامج التعليمية في بعض الأحيان تقتصر على فئات معينة من الشباب وتستثني آخرين، ما يسهم في إحداث فجوة في تمثيل كافة شرائحهم أضف إلى ذلك، إفتقار هذه الورش إلى التفاعل المباشر مع صناع القرار، مما يجعلها غير فعالة في تطوير المهارات السياسية الحقيقية التي يحتاجها الشباب لتحقيق مشاركتهم الفعالة في العمل الحزبي والسياسي.
ومن أجل تعزيز مكانة الشباب في الأردن وتمكينهم سياسيًا وحزبيًا، يجب العمل على عدة محاور استراتيجية متكاملة:
تمكين الشباب من الوصول إلى مراكز القرار:
يجب أن تضمن الاستراتيجية وضع آليات تمنح الشباب فرصة حقيقية للمشاركة في صنع القرار السياسي، من خلال تعيينهم في المناصب القيادية داخل الأحزاب والوزارات والمؤسسات الحكومية.
دورات تدريبية عملية:
يجب التركيز على تصميم برامج تدريبية عملية تتضمن مهارات القيادة، وإدارة الحملات الانتخابية، وإعداد السياسات العامة، وأن يتضمن التدريب محاكاة لواقع العمل السياسي والحزبي من خلال إشراك الشباب في أنشطة عملية تحت إشراف مختصين.
تعزيز التعاون بين الأحزاب والشباب:
على الأحزاب السياسية في الأردن توسيع دائرة تمثيل الشباب داخل هياكلها التنظيمية، من خلال إيجاد قنوات تواصل مستمرة مع الشباب، وإشراكهم في صياغة السياسات الحزبية، ما يعزز قدرتهم على التأثير في المشهد السياسي.
دعم المبادرات الشبابية:
توفير الدعم المالي والمعنوي للمبادرات الشبابية التي تسعى إلى تحقيق التغيير في المجتمع، سواء كانت تتعلق بحقوق الإنسان، أو القضايا البيئية، أو التنمية الاقتصادية.
الاستفادة من التكنولوجيا في المشاركة السياسية:
استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية لزيادة الوعي السياسي بين الشباب، وفتح قنوات للتفاعل المباشر مع السياسيين وصناع القرار.
تصور لتطوير الورش والندوات المقدمة للشباب:
لتطوير الورش والندوات المقدمة للشباب، يمكن اتباع عدة خطوات:
التفاعل مع المشاركين:
على أن تتسم هذه الورش بالتفاعل المباشر بين المدربين والمشاركين من خلال الأنشطة الجماعية والنقاشات المفتوحة حول القضايا السياسية والاجتماعية المهمة.
التركيز على القضايا الحقيقية:
ينبغي أن تتطرق هذه الدورات إلى قضايا الشارع الأردني، مثل الفقر، البطالة، والإصلاحات السياسية، مع تقديم حلول واقعية ومدروسة.
إشراك قادة الأحزاب والبرلمانيين:
على هذه الدورات أن تشمل لقاءات مباشرة مع ممثلي الأحزاب والبرلمان الأردني، بحيث يتمكن الشباب من طرح أفكارهم ومقترحاتهم، مما يسهم في تفعيل مشاركتهم السياسية.
تنظيم ورش دورية:
من الضروري أن تكون هذه الورش دورية، تتبع أساليب تعليمية متطورة ومتنوعة، تشمل المحاكاة العملية للانتخابات والحملات السياسية.
إن تطوير استراتيجية شاملة لتمكين الشباب سياسياً وحزبياً في الأردن يتطلب موائمة الجهود بين المؤسسات الحكومية والأحزاب السياسية والمنظمات المدنية، ويجب أن تكون هذه الاستراتيجية متوافقة مع الرؤى الملكية، من خلال العمل على تحفيز الشباب للانخراط في الحياة السياسية وتوفير بيئة محفزة تضمن مشاركتهم الفاعلة في اتخاذ القرارات.