يواجه سعر البيتكوين تحديًا للحفاظ على مستويات فوق 90 ألف دولار اليوم الاثنين، حيث تشير بيانات سوق الخيارات في منصة Deribit إلى تزايد احتمالية حدوث تراجع في الأسعار. مما يعكس قناعة متزايدة لدى المتداولين بأن البيتكوين قد يشهد انخفاضًا قريب المدى وهذا من وجهة نظري شبيه بما حدث مع أسهم شركات مرتبطة بترامب، حيث تسبب تحول مشابه في سوق الخيارات إلى انخفاض أسعار تلك الأسهم بشكل حاد. غير أن تعليقات مسؤولي الفيدرالي، مثل تصريحات جيروم باول حول عدم الحاجة الملحة لمزيد من تخفيف السياسات النقدية، عززت المخاوف من ضغط هبوطي على الأصول الخطرة، بما في ذلك العملات المشفرة.
كما يستمر التفاؤل بين المتداولين الذين يراهنون على موجة صعودية تدفع البيتكوين لتجاوز حاجز 100 ألف دولار. بعد ارتفاع العملة بأكثر من 20 ألف دولار منذ فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الداعم للعملات المشفرة، والذي يُظهر الدعم القوي من جانب المستثمرين للسوق. ومع تداول البيتكوين حاليًا حول 90460 دولار، ويبقى السوق في حالة ترقب، حيث يعتمد الاتجاه المستقبلي على مزيج من العوامل، بما في ذلك التطورات الجيوسياسية والتوقعات حول السياسات النقدية، مما يجعل الأسواق مهيأة لتحركات حادة في كلا الاتجاهين.
وبرأيي هناك إشارات إيجابية تشير إلى إمكانية تجاوز البيتكوين مستوى 100 ألف دولار في الأسابيع القادمة. ومع ذلك، لا يزال هذا التفاؤل مرفوقًا ببعض التحذيرات التي تبرز احتمالية حدوث تراجعات في الأسعار بسبب ضغوط البيع التي قد تزداد في المستقبل القريب. ما يعكس حالة من التقلب التي قد تؤثر على الاستثمارات في هذه العملة المشفرة.
ومن وجهة نظري، يظهر البيتكوين في الوقت الحالي بمؤشرات تدل على أنه لم يصل بعد إلى مرحلة المبالغة في تقدير قيمته. ولا يزال سعر البيتكوين عند مستويات قد تشير إلى أنه بعيد عن حدود التضخم السعرية التي تترافق عادة مع وصول الأصول إلى ذروتها. وتشير مقاييس مثل "نسبة القيمة السوقية إلى القيمة المحققة (MVRV) إلى أن البيتكوين في حالته الحالية ما زال يتمتع بالقدرة على النمو أكثر قبل أن يقترب من نقطة التحذير. وهذا يدعم إمكانية أن تصل العملة إلى مستويات قياسية جديدة، وربما تتجاوز 100 ألف دولار في الأسابيع القادمة، حسب توقعاتي بناءً على تحليل النطاقات السعرية المحققة.
إلا أن هذه النظرة التفاؤلية برأيي قد تكون قصيرة الأجل، خاصة مع تزايد المؤشرات التي تفيد بأن السعر قد يشهد تقلبات حادة في المستقبل القريب. ويعتبر ارتفاع حجم تداول العقود الآجلة للعملة، خاصة في بورصات مثل Binance، من العوامل التي قد تدفع السوق إلى تقلبات غير متوقعة. فعادة، عندما يرتفع حجم تداول مشتقات البيتكوين بشكل كبير، تتزايد حدة التقلبات في السوق، مما قد يؤدي إلى حدوث تصحيحات سعرية حادة. علاوة على ذلك، هناك من يشير إلى أن البيتكوين قد يشهد تراجعات إذا استمر الضغط الناتج عن عمليات بيع من بعض المستثمرين الكبار وعمال التعدين، وهو ما قد يخلق ضغوطًا على الأسعار بشكل عام.
وعند تحليل الوضع من زاوية أخرى، أرى أن بعض العوامل الأساسية قد تسهم في تعزيز الزخم الصعودي للبيتكوين. من بينها فكرة أن البيتكوين يمثل تحولًا في السوق في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية المتقلبة، خصوصًا في ضوء التوقعات بأن العودة المحتملة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد تدفع إلى تبني احتياطي استراتيجي من البيتكوين على حساب الذهب. وهذه الفكرة، بالرغم من أنها تبدو بعيدة المدى، قد تجد قبولًا بين بعض المستثمرين الذين يرون في البيتكوين أداة لتحوط المخاطر الاقتصادية العالمية. هذا المقترح قد يكون له تأثير قوي على أسواق البيتكوين ويعزز من قيمتها على المدى الطويل.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل بعض الإشارات السلبية التي قد تؤثر على استمرارية هذا الاتجاه الصعودي. فوفقًا للبيانات التي قدمتها منصة CryptoQuant، يبدو أن بعض عمال التعدين قد بدأوا في تقليص حصصهم من البيتكوين بعد ارتفاع الأسعار بشكل كبير. ويظهر مؤشر موقف المعدنين (MPI) أن معدني البيتكوين قد بدأوا في سحب كميات كبيرة من العملة من محافظهم، وهو ما يعتبر بمثابة إشارة إلى أن العملة قد تكون وصلت إلى قمة الدورة السعرية الحالية. وإذا استمرت هذه التحركات من قبل عمال المناجم، فمن الممكن أن تتكثف ضغوط البيع في السوق، مما يساهم في دفع الأسعار نحو التراجع.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بيانات Lookonchain إلى أن بعض حيتان البيتكوين، والعملات المشفرة، بدأوا في إيداع كميات ضخمة من البيتكوين في بورصات مثل Binance وهذا قد يؤدي إلى خلق بيئة ضاغطة على الأسعار إذا استمرت هذه الودائع أو تكثفت في الأيام المقبلة. مع كل هذه العوامل المؤثرة، يبدو أن البيتكوين أمام مفترق طرق حاسم في الفترة القادمة.
والواقع أن هذا التحليل يكشف عن مزيج معقد من التفاؤل الحذر والتقلبات المحتملة. فبينما هناك دلالات على أن البيتكوين قد يواصل مساره الصعودي نحو مستويات أعلى، تظل بعض المخاطر التي قد تؤدي إلى تراجعات حادة في السوق. ومن هنا، يبقى الخيار الأنسب للمستثمرين هو التحلي بالحذر والترقب في هذه الفترة التي تتسم بتقلبات غير مسبوقة في السوق.