ينتعش اليورو اليوم ويرتفع بأكثر من 0.5% أمام الدولار الأمريكي مستعيداً مستوى 1.0478 بعد أن كان قد بلغ الجمعة الفائتة أدنى مستوياته منذ قرابة عامين.
في حين يبدو أن تراجع الدولار اليوم يبدو تصحيحاً ويأتي ترقباً لجملة من البيانات الحاسمة هذا الأسبوع والذي يليه، إلا أن اليورو قد يبقى تحت الضغط مع اتجاه فجوة عوائد السندات ما بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو إلى الاتساع. هذا الاتساع في فجوة العائد بدوره يأتي على ضوء التفاوت في الأداء الاقتصادي والمخاوف حول بقاء معدلات الفائدة مرتفعة مطولاً في الولايات المتحدة فضلاً عن التوتر الجيوسياسي المتصاعد في أوروبا.
كما أن أرقام اليوم لمؤشر مناخ الاعمال من Ifo لشهر نوفمبر الأضعف من المتوقع في ألمانيا قد عززت من سردية التفاوت الاقتصادي وهذا ما قد يبقي مكاسب اليورو هشةً. حيث سجلت القراءة الرئيسية تراجعاً أكبر من المتوقع إلى 85.7.
حيث قال التقرير بأن الاقتصاد الألماني يتخبط وسط تراجع معنويات الاعمال سواء بما يخص الحالة الراهنة أم التوقعات المستقبلة. كما قد تزايد التشاؤم لدى الشركات حول المستقبل في كل من قطاعات التصنيع والخدمات والانشاء. إلا أن تقييم الحالة الراهنة كان متفاوتة ما بين التحسن في كل من التصنيع وأعمال التجارة لدى التجزئة ومبيعات الجملة وما بين الأكثر تشاؤماً في كل من الخدمات والشركات التجارة الأكبر والانشاء.
بيانات Ifo اليوم تضاف إلى التقارير الصادمة لمؤشرات مديري المشتريات لشهر نوفمبر لمنقطة اليورو وألمانيا وفرنسا من S&P Global والتي شهدناها الجمعة الفائتة وعمقت من المخاوف وأبرزت التشاؤم حول سلامة اقتصاد الإقليم. حيث قد انكمشت أنشطة الخدمات في الإقليم على نحو غير متوقع كما عمقت أنشطة التصنيع من تقلصها إضافة إلى أدنى مستويات المعنويات منذ سبتمبر من العام 2023.
هذا يأتي في مقابل تسارع نمو أنشطة الخدمات في الولايات المتحدة على نحو أكبر من المتوقع وانتعشت المعنويات وبلغت أعلى مستوى لها منذ مايو من العام 2022 بما قد يدل على المزيد من التوسع الاقتصادي في الأشهر المقبلة، وفق S&P Global.
في المقابل، فإن جملة البيانات الأخيرة من الولايات المتحدة قد عززت من المخاوف حول وتيرة خفض أسعار الفائدة في العام المقبل. فبعد الخفض المرتقب في ديسمبر المقبل، لا تتوقع الأسواق سوا باحتمالية 12% أن يقوم الفيدرالي بخفض المعدلات في يناير المقبل، وفق CME FedWatch Tool.
بقاء معدلات الفائدة مرتفعة في الولايات المتحدة مطولاً وتسارع النمو من شانه أن يفاقم الضغوط على اليورو ذلك أن البنك المركزي الأوروبي قد يكون بحاجة أكبر لخفض تكاليف التمويل على ضوء النشاط الاقتصادي المستمر في التراجع. هذا التفاوت أيضاً في المسارات المحتملة لأسعار الفائدة من شأنه يبقي على فجوة العائد ما بين سندات الخزانة الامريكية ومقابلتها في منطقة اليورو في اتجاه صاعد.
حيث قد بلغت الفجوة ما بين عوائد سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام ومقابلتها الألمانية يوم الجمعة الفائت أعلى مستوى لها منذ أبريل الفائت عند 2.149% قبل أن تتقلص قليلاً اليوم.
أضف إلى ذلك، فإن العوائد الحقيقة المعدلة بالتضخم لسندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام تقع بالقرب من أعلى مستوياتها منذ العام 2015 بالقرب من 1.85%. هذا ما قد يزيد من جاذبية السندات الأمريكية أيضاً ذلك أن فجوة العائد الحقيقة ما بينها وبين مقابلتها الألمانية أيضاً يبلغ أكثر من 1.5% وهذا ما يمثل أعلى المستويات منذ فبراير الفائت.
تفاقم التوتر الجيوسياسي أيضاً من شأنه أن يزيد الضغوط على اليورو وذلك بعد سلسلة من التصعيدات المتبادلة في الجبهة الروسية-الأوكرانية والمخاوف حول إمكانية خروجها عن السيطرة. حيث يقوم كلا طرفي الحرب بتشكيل المزيد من الضغوط على الآخر في مسعى لانتزاع مكاسب قبل أي مفاوضات محتملة في عهد الإدارة الجمهورية المقبلة. هذه المخاوف بدأت تعود إلى الواجهة بالفعل وتجلت عبر ارتفاع أسعار العقود الأجلة الأوروبية للغاز الطبيعي (TTF) اليوم إلى أعلى مستوياتها هذا العام.