وصفت صحيفة هآرتس العبرية في افتتاحيتها يوم الجمعة 22/11/2024، مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالنت أنها وضعت المستعمرة «في درك أسفل أخلاقي غير مسبوق، كدولة يُتهم زعماؤها بجرائم حرب ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة»، وقالت: «يأمل نتنياهو أن ينقذه الرئيس المنخب دونالد ترامب من الضائقة بمعونة عقوبات على المحكمة، وعلى قضائها وعلى المدعي العام كريم خان».
وقد كتب مايك والتز المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي الأميركي من قبل الرئيس المقبل ترامب، بقوله: «يمكنكم أن تتوقعوا رداً قوياً على التحيز المعادي للسامية من جانب المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في يناير» أي موعد تسلم ترامب سلطاته الدستورية يوم 20 كانون الثاني يناير 2025.
لقد تعامل نتنياهو مع محكمة الجنايات الدولية بعداء مسبق على أنها: «معادية للسامية» وأنها «عدو الإنسانية» وتوجيه الاتهامات المتعددة واللاأخلاقية في سلوكه للمدعي العام والمس بسمعته، باختصار تعامل مع المحكمة بالتنديد والمهاجمة.
الجو السياسي العام على المستوى الدولي، مُحتقن، متوتر، انقسام شديد بين من يتعاطف ويؤيد ويتضامن مع الشعب الفلسطيني ومع عذاباته وأوجاعه وفي طليعتها شباب الجامعات الأميركية والأوروبية، وبين من يقف ضده، سواء لإسباب سياسية أمنية مرتبطة بالانحياز الحكومي الرسمي للمستعمرة الإسرائيلية كما تفعل الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية الرئيسية بريطانيا فرنسا ألمانيا إيطاليا وكذلك كندا واستراليا، مما يتطلب عملا ونشاطا فلسطينيا عربيا إسلاميا مسيحيا متكاملا، ومن قبل قوى تقدمية تقف ضد الاستعمار والاحتلال والفاشية والعنصرية التي بدأت تظهر على المستعمرة وجيشها وأجهزتها والأئتلاف الذي يقودها، الذي وصفته هآرتس على أنه «الائتلاف الأسوأ في تاريخ إسرائيل».
الصراع والخلاف والتباين والفجوة بين الاتجاهات المؤيدة للشعب الفلسطيني وبين المعادية له أو على الأقل غير المؤيدة له يتطلب عملا فلسطينيا بداية، ومن قبل حركة حماس تحديداً، خاصة أنها ارتكبت أخطاء فاقعة، مقرونة بالعمل الكفاحي الشجاع والمبادر لعملية يوم 7 أكتوبر غير المسبوقة، وتمثلت الأخطاء:
أولاً: باحتجاز مدنيين إسرائيليين سواء نساء أو كباراً في السن أو أطفال.
وثانياً: أنها لم تكلف الرئيس الفلسطيني ومنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لأن يقوموا بالتفاوض معها كشركاء لقضية واحدة.
حركة حماس ما زالت تملك القدرة والوقت حتى إن كان متأخراً في الإقدام على مبادرة شجاعة بإطلاق سراح كافة الأسرى المدنيين الإسرائيليين المحتجزين لديها، خاصة أن لديها 91 ضابطا وجنديا، وحتى ولو قُتل منهم نصفهم يبقى لديها العدد الكافي من العسكريين للمساومة والمبادلة، لا أن تتحدث عن تبادل أسرى من المدنيين.
حركة حماس تحتاج لرد الاعتبار لها كفصيل كفاحي له مرجعية إسلامية تحترم البشر، ولا تمارس الحقد أو الثأر، وتنظيم يعمل من أجل حرية شعبه ونيل كرامته، ويجب أن لا يكون ذلك على حساب الآخرين، وإن كانوا من اليهود.
الحركة الصهيونية استغلت معاناة اليهود وما تعرضوا له من ظلم على يد القيصرية الروسية والنازية الالمانية والفاشية الايطالية، وتحالفت مع البلدان الاستعمارية وأقامت مشروعها الاستعماري على أرض ووطن الفلسطينيين وعلى حسابهم واضطهادهم وتشريدهم وتمزيقهم بالقتل والتهجير، ولهذا يجب على حركة حماس أن تقدم البديل الإسلامي الوطني القومي الإنساني نقيض الصهيونية وممارساتها العنصرية الفاشية الاستعمارية على أرض فلسطين.