رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

لبنان بلد الكرم والجمال والأبطال

لبنان بلد الكرم والجمال والأبطال
جوهرة العرب

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
في ظل الأوضاع المتسارعة في المنطقة ورفع العلم الأمريكي بوسط العاصمة السورية دمشق مؤخراً ، هل هناك أي دور لسلاح المخيمات في لبنان ...؟ وبعد مرور ستة عقود من العملية الفدائية الأولى ألتي أعلنت عنها حركة فتح في بداية عام 1965، تم التفاهم على ترتيب جدول زمني لسحب السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات وخارجها، ستة عقود تغيرت الدنيا خلالها، وصولاً إلى التحولات الإقليمية والدولية الأخيرة ألتى لا تزال تفاعلاتها تتطور مسرعة، وما على المحك يتجاوز عملية طوفان الأقصى وحرب غزة وحرب الإسناد في لبنان وأنهيار النظام السوري السابق، والمصير الفلسطيني واللبناني خلال الفترة الماضية ولا زال تتحكم به بعض الدول كسوريا وإسرائيل وإيران وتركيا ضمن الصراع الجيوسياسي والإستراتيجي الإقليمي والدولي في الشرق الأوسط، وليس بيان قصر بعبدا وإعلان السراي الحكومي بعد المحادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس سوى إعادة تأكيد لإقفال ملف السلاح الفلسطيني في لبنان وفرض السيادة على كل الأرض اللبنانية، لا فقط لأن هذا جزءاً من حق لبنان وواجب الفلسطينيين حيال تضحيات بيروت الكبيرة من أجل قضيتهم، بل أيضاً لأنه صار ضرورة فلسطينية لوقف الإستغلال الخطر لوضع المخيمات الفلسطينية وتوظيفها لأهداف تؤذي لبنان وفلسطين، والساعة قد دقت أيضاً لموضوع طال انتظاره وهو معالجة الوضع الإنساني للاجئين الفلسطينيين، امراً يتعلق بفرص العمل، وامراً يرتبط ببناء أو إعادة ترميم البيوت، ولا خطوط حمر إلا بالنسبة إلى ما يكرس التوطين المرفوض لبنانياً وفلسطينياً لأسباب وطنية وقومية، كما أنه لا مجال بعد اليوم للألتباس والمغمغة والمماطلة في إقفال ملف السلاح في لبنان والمخيمات تطبيقاً متأخراً لأتفاق الطائف الذي نص على حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، ونتمنى ألا تواجه تجربة التفاهم اللبناني الفلسطيني ما واجهته تجارب المصالحة بين حركتي فتح وحماس ألتي حملت أسماء إتفاقات مكة والقاهرة وموسكو وبكين وأماكن أخرى بوساطات عربية وإقليمية ودولية، ثم تعثر تنفيذها وأدى إلى تعميق الخلاف، فمنذ بدأ الرئيس محمود عباس زيارته إلى لبنان، وأصوات البعض ترتفع قائلة إن رئيس السلطة لا يمون على الفصائل الفلسطينية ألتي ليست ضمن منظمة التحرير، والمقصود بالطبع حركتي حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الصغيرة والمتعددة ألتي يقودها جهاديون سلفيون، لكن لبنان الذي لم يكن قادراً على إعتقال أو طرد مطلوبين خطرين في داخل المخيمات ولو كانوا من التنظيمات الإرهابية كداعش أو القاعدة، صار بقوة التحولات في المنطقة والحكم الجديد سواءاً رئاسة الجمهورية والحكومة اللبنانية يفرضون على كل من هو على أرضه مهما حمل من شعارات، ذلك أن حجج الأحتفاظ بسلاح الفصائل في المخيمات الفلسطينيه تبدو غير مجدية، فلا هذا السلاح هو الذي يضمن حق العودة ويمنع التوطين، ولا هو مؤهل لدور في معركة فلسطين ألتي تكون في الداخل أو لا تكون، وليس إطلاق بعض الصواريخ من الجنوب هو الدعم الذي تحتاج إليه حركة حماس في غزة، حتى حركة حماس ألتى تحمل سلاحاً في المخيمات تواجه ضغوطاً عسكرية وسياسية للتخلي عن السلاح في غزة نفسها، والكل يعرف أن السلاح عاجز عن حماية المخيمات، لكنه قابل للتوظيف في معارك بين الفصائل وهذا أمراً مهماً وخطيراً، كما في حماية المطلوبين وتجار المخدرات والممنوعات وحروب الشوارع والأزقة ألتى تنتهي إلى لا شيء رغم الدمار، وأقول أكثر من ذلك وأنا على أرض الكرم والعز والشهداء لبنان، فإن المخيمات الفلسطينية داخل لبنان صارت بؤرة للجهادية السلفية ألتي تتخطى الهوية الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني، وهذا ما أضاء على جوانب منه الباحث الفرنسي برنار روجييه الذي قضى عامين في مخيم عين الحلوة، ثم أصدر كتاباً تحت عنوان جهاد كل يوم عن صعود الراديكالية الإسلامية في المخيمات، فما رآه وسمعه روجييه أبعد من كون المخيمات صارت مثل لبنان أرض معركة في مواجهة إقليمية ودولية بين إيران وسوريا وحلفائهما من جهة وأميركا والدول العربية السنية من جهة أخرى، وما يقرأه الطلاب في مدارس السلفيين ويسمعه المصليين في المساجد ألتي يخطب فيها الجهاديون يؤكد بأنه لم يعد من الممكن اليوم الحديث عن مجتمع فلسطيني، بصرف النظر عن الإنقسامات والخلافات حول التسوية والتحرير، فالسلفيون الجهاديون يريدون العودة إلى الماضي ولهم إرتباط بالمراكز السلفية في أفغانستان والباكستان وسواهما، ويعطون الأولوية لنصرة الإيغور في الصين وعسكر طيبة في كشمير، وهم "حرروا أنفسهم من الوطنية الفلسطينية " للأندماج في أممية إسلامية كونية عابرة للأوطان، ومهما يكن فإن السلاح على الأرض اللبنانية بإستثناء سلاح الدولة لم يبق له أي دور في لبنان وأقل ما يقال عنه بأنه عبثي، فمن يبرر الحفاظ على سلاحه بالأمن داخل المخيمات صار يعرف أن الدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها العسكرية والأمنية هي قادرة لضمان الأمن للمواطنين ولكل من يعيش على أرضها، ومن يحتج بأن مهمته هي تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، فلينظر حوله فلا يرى سوى معاهدتي ما يسمى السلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن، وإتفاق أوسلو مع منظمة التحرير و" اتفاقات أبراهام بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، ورعاية أميركا وروسيا والصين لإسرائيل مع الدعوة إلى حل الدولتين، وكما قلنا من قبل فإن حجج الأحتفاظ بسلاح الفصائل الفلسطينية في المخيمات على الأراضي اللبنانية تبدو غير واقعية وغير مجدية وخاصة بعد رفع العلم الأمريكي قبل أيام بوسط العاصمة السورية دمشق، فلبنان الذي كان يطلق عليه سويسرا العرب من حقه أن يعيش بأمن وأمان وأستقرار ومن حق هذا الشعب الكريم والطيب والذي قدم الشهداء أن ينعم بالأزدهار والرخاء، فلا هذا السلاح الموجود على الأرض اللبنانية هو الذي يضمن حق العودة ويمنع التوطين، ولا هو مؤهل لدور في معركة فلسطين ألتي تكون في الداخل أو لا تكون، بعد أن صارت بؤرة للجهادية السلفية في لبنان وتخطت الهوية الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني، حمى الله لبنان وشعبها العظيم.

لبنان - بيروت
2025/6/1