إلى أين؟”.. عرض ليبي يُجسّد القلق الوجودي ضمن مهرجان المونودراما العربي في جرش 39

بحضور ممثل عن السفارة الليبية في عمّان، وجمع غفير من عشاق المسرح، وضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما العربي، قدّمت الفرقة الليبية مساء الثلاثاء 30 تموز 2025 على خشبة مسرح مركز الحسين الثقافي – رأس العين، عرضها المونودرامي "إلى أين؟”، في تجربة مسرحية مزجت بين القلق الوجودي والتساؤلات العميقة التي يعيشها الإنسان العربي المعاصر.

المسرحية، التي كتبها العراقي علي العبادي، مقتبسة عن نصه "حقائب سوداء”، وأخرجها الليبي عوض الفيتوري الذي تولّى أيضًا تصميم السينوغرافيا. وجسّدها على الخشبة الفنان حسين العبيدي، بمرافقة موسيقية من الفنان أنس العريبي، الذي أضفى بُعدًا شعوريًا ساهم في تعزيز التوتر الدرامي والانفعالي للنص.

وفي إطار مونودرامي متماسك، يقف "الممثل – المسافر” حاملاً حقائبه المادية والرمزية، باحثًا عن إجابة لسؤال وجودي يتردد طيلة العرض: "إلى أين؟”. فالمسرحية لا تكتفي بعرض مشهد فردي عن الرحيل، بل تحوّله إلى سؤال جماعي يمسّ كل من اضطر أن يغادر، أن يهاجر، أن يُهجَّر، أو أن يرحل مجبرًا من وطن بات غير قابل للسكن، بفعل الحروب والدمار والنكبات المتتالية، وحتى الاحتلال.

الحقائب في العرض ليست مجرد أدوات، بل رموزٌ لما نحمله في دواخلنا: ذكريات، أحلام، خصوصيات، جراح، وآمال. والمسرحية تفتح مساحة للتأمل في دوافع الرحيل؛ أهو بحثٌ عن الأمان؟ أم عن الذات؟ أم محاولة مستميتة للهرب من واقع خانق؟

العرض الليبي جاء متقنًا في استخدامه للضوء والظل، للصوت والصمت، للحركة والسكون، حيث مزج المخرج بين عناصر النص والفرجة والموسيقى والإضاءة، ليصوغ منها كولاجًا بصريًا وصوتيًا نابضًا يعكس نبض الشارع العربي، ويطرح الأسئلة التي قد لا تجد أجوبة، لكنها تُروى، وتُصرخ، وتُهمس على خشبة المسرح.

ويُشار إلى أنّ الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما العربي، التي تُقام ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون لعام 2025، تستضيف عروضًا من مختلف الدول العربية، تشكّل فسحة للتعبير الفردي الحرّ، وتحاكي هواجس المجتمعات بعيون فنانيها