استضاف مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام صباح اليوم الثلاثاء بمقره في أبوظبي الكاتبة والصحفية الدكتورة مانيا سويد في محاضرة بعنوان " سينما الإمارات وقضايا المجتمع.. رؤية فلسفية "، وذلك في إطار الموسم الثقافي الحالي للمركز ، وبحضور سعادة الدكتور عبيد علي راشد المنصوري مدير عام ديوان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة ،نائب سمو مدير عام المركز، وحشد من المهتمين وأساتذة وطلبة من جامعات الدولة.
وأكدت الدكتورة مانيا سويد أن السينما الإماراتية تطورت بشكل واع ومتنوع تطوراً يثير الإعجاب، مشيرة إلى أن ما يزيد المشهد إثارة أن الفيلم الإماراتي ظل في مراحله المتعاقبة، على الرغم من تطوره وتنوعه، محافظاً على الهوية الوطنية، كأنه يرسخ المبدأ القائل إن الانطلاق نحو العالمية لا يتحقق بالتقليد والنقل بل بالانطلاق من الواقع المحلي.
وأضافت أن سينما الإمارات تمسكت بتقاليد وأعراف البيئة المحلية باعتبار ذلك يجعلها قادرة على عبور الحدود محملة بقيم تعكس ثقافة شرقية أصيلة لها خصائصها المستقلة ومكانتها المميزة، وتفاعل في الوقت نفسه مع الثقافات الأخرى من حوله، فلم يكن جامداً في تمسكه بمحليته إذ قدم نفسه إلى السينما العالمية بشخصية تجمع بين واقع وقضايا المجتمع وتقنيات صناعة السينما الحديثة.
وأوضحت ان الفيلم الإماراتي وصل إلى مرحلة متقدمة من النضج، وأصبحنا نشاهد تنوعاً ملحوظاً من أفلام الأكشن أو الحركة وأفلام المغامرات وأفلام الجريمة والأفلام العاطفية والأفلام التاريخية وأفلام الرعب والأفلام الغنائية، واشارت إلى أن صناع السينما في الإمارات لم يتمكنوا من الافلات من الصبغة الاجتماعية فيما يقدمونه من أفلام، مؤكدة أن الفيلم الاجتماعي حظي بالنصيب الأكبر من الإنتاج السينمائي الإماراتي، وتصدت هذه الأفلام لمعالجة القضايا المجتمعية وتناولت الظواهر الاجتماعية السلبية.
وقال الدكتورة سويد في محاضرتها إن سينما الإمارات شهدت تطبيقات عدة للأفلام المنتمية إلى هذه الشريحة السينمائية، فثمة أفلام تعرضت لحقوق الطفل وأخرى تناولت حقوق المرأة وثالثة قدمت حقوق الأسرة بوجه عام وما يتصل بها من قضايا. وأوضحت أن هناك أفلاما عالجت قضايا الطلاق وقضايا الميراث ومشكلة المخدرات، وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة، إذ تصدت بعض الأفلام للمشكلة من خلال العوامل التي يمكن أن تؤدي إليها وتكون السبب فيها.
وللتدليل على ما سبق قدمت عرضا وتحليلا فلسفيا لعدد من الأفلام الإمارتية ومنها "فيلم مسك"، مشيرة إلى أنه من بين أهم الأفلام المحلية التي عرضت مؤخراً في صالات العرض داخل الإمارات وخارجها، وقالت: "يُحسب لفيلم مسك أنه أسس لمفهوم جديد أو فلسفة جديدة لصراع ما بعد انفصال الأزواج، أو لنقل إنه يطرح تحليلاً جديداً للمشاكل الأسرية التي يخلفها الطلاق"..مشيرة إلى أن الفيلم لا يروي أحداثاً بقدر ما يعرض أنماطاً سلوكية لشرائح من الشخصيات المركبة، لذلك يصنف بين الأفلام السيكولوجية الإنسانية التي تترجم الحالات النفسية إلى جانب عرض القضايا الاجتماعية.
ومن الأفلام التي استعرضتها أيضا "فيلم خلك شنب" حيث خاطب هذا الفيلم شريحة الشباب بصفة خاصة، واستطاع أن يجذبهم بخفة الظل والابتسامة بإيقاعه وموضوعه وأحداثه وممثليه على السواء، فقدَّم لهم قضية اجتماعية خطيرة في شكل سلسلة من المواقف الكوميدية ذات الطابع المحلي موضوعة في قوالب تجمع بين ثقافة الماضي والحاضر، وتجمع أيضاً بين ثقافات عدة غير محلية كالهندية والباكستانية والمصرية تأكيداً على فكرة التعايش بين الثقافات المتنوعة في الإمارات.
كما تطرقت المحاضرة إلى "فيلم علي وعلياء" حيث يقدم هذا الفيلم العاطفي قصة حب رومانسية محفوفة بالمصاعب والعقبات ويعرض بتركيز مشكلة الإدمان، إذ يمكن النظر إليه باعتباره يقدم واجهة ناعمة لعرض قضية مزعجة، أو باعتباره يعرض قضية عامة عبر حالة فردية.
وتناولت المحاضرة" فيلم ساير الجنة" مشيرة إلى أنه يظهر بجلاء الطابع الاجتماعي للسينما الإماراتية. كما تطرقت الى فيلم "عاشق عموري"، وتدور أحداثه حول تعلُّق طفل بشخصية نجم كرة القدم الإماراتية عمر عبد الرحمن «عمّوري»، فيحلم الطفل بأن يكون نجماً لامعاً ويواجه الكثير من الصعاب والتحديات التي تقف في طريق تحقيق حلمه، حيث يتابع الفيلم سعي الطفل للتغلب على العديد من التحديات والعقبات في سبيل تحقيق حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم محترف.
واختتمت الدكتورة سويد محاضرتها بالتأكيد على أنه إذا كانت السينما الإماراتية من الفنون الحديثة نسبياً، وإذا كانت رغم حداثتها استطاعت أن تهيئ لنفسها منهجاً يميزها عن السينما العالمية بوجه عام والسينما العربية بوجه خاص، فإن المنطق يفرض علينا أن نتوقع استمرار سمة الابتكار وتقديم الجديد في كل تجربة من التجارب السينمائية الإماراتية المقبلة، لافتتة إلى أن المعنيين بهذه الصناعة قد تبنوا، على ما يبدو، استراتيجية مؤداها تطوير الفيلم السينمائي كوسيلة مثلى للتقدم بخطوات سريعة نحو السينما العالمية وعرض التجربة المحلية في الأوساط والمحافل والمهرجانات الدولية.
وشهدت المحاضرة، التي أدارها عبد الرحيم ايت علا رئيس قسم الترجمة في المركز، حوارا حول محاوها.. وعقب ذلك كرَّم سعادة الدكتور عبيد علي راشد المنصوري الدكتورة مانيا سويد وقدم لها درعا وشهادة فيما قدمت الدكتورة للدكتور المنصوري موسوعتين من إصداراتها.