رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

التّحلیل النّفسيّ لروایة (أدركھا النّسیان) للرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان

التّحلیل النّفسيّ لروایة (أدركھا النّسیان)  للرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان
جوهرة العرب - د. سفیان صائب المعاضیدي/ العراق 
اختصاص علم النفس التربوي (شخصیة وصحة نفسیّة)

تتشكل القصص السّردیّة دائماً من أفكار القاص وخیالھ الخاصّ 
الخصب، وتأخذ في أحیان كثیرة جزءاً من شخصیة الكاتب فضلاً عن 
الإبداع الفكري الذي یكتب بھ. 
 إنّ قصّة ( أدركھا النّسیان) بدءاً من عنوانھا تحمل من الإثارة ما یشي 
بشيء غریب.. ماذا أدرك النّسیان؟ و لمن؟ في ثلاثین نسیانا متتالیاً؟ 
 "حكایة امرأة أنقذھا النّسیان من التذكر".. و ھذا بحدّ ذاتھ یحمل من 
الصّور النّفسیّة شیئا كثیرا فمما نعرف في العلوم النّفسیّة إنّ ذاكرة النساء 
لھا من القوة الشيء الكثیر ولا تنسى. 
 تبدأ الكاتبة الدكتورة سناء الشعلان روایتھا بتعریف شامل جامع أدبيّ 
نفسيّ بالقول "من ملحمة مزامیر العشاق في دنیا الأشواق من عشق حجة 
على من لا یعشق و من تألم حجة على من لم یتألم.. عندما تحترق 
الأوطان یصبح العشق محرماً إنّھ المیتم في كل مكان"، و كأنّھا تنقل 
ذاكرتنا النّفسیّة إلى أیّام الحرب الكثیرة التي عشناھا في العراق، و كیف 
كنا نخاف من الحب خوف الحرب و ما تجنیھ من أرواح.
 الضّحّاك سلیم بطل الرّوایة الرئیس و ھناء الحمراء الناریة بما یمثلانھ 
من حیاة الیتم و الغربة المأساویة.. من المیتم إلى الشارع إلى التبني و 
الحیاة القاسیة التي عاشھا سلیم الضّحّاك مع عمھ، كما تتساءل عن الذّاكرة 
و عطبھا، و ھل أدرك الذّاكرة أي عطب؟ أم أنّ العطب أدرك حیاة البطلین 
حالھ حال حیاتھم المأساویة في المیتم؟ فالاثنان عانیا من طفولة معاقة 
مؤلمة.. تعنیف.. اعتداء على طفولتھم. عدم الإحساس بمرحلة النمو والمراھقة مع شظف العیش الجوع و الإحساس بالغربة داخل محل إیوائھما 
في ملجأ الأیتام... 
 بحث الضّحّاك عن حبیبتھ بعد خمسین عاماً كان خلالھا یتذكر 
اللحظات الحمیمیة بینھما في الطفولة و شكواھا لھ من المآسي التي 
تعرضت لھا و التي لا مجال للحدیث عنھا ھنا. وھناك أثر للحاجات 
النّفسیّة في الرّوایة تمثّل بوقوف بطل الرّوایة أمام تمثال لفتاة یشكوا لھا ما 
یعانیھ یتأمل جمالھا یشاورھا باسم حبیبتھ المفقودة.. و تأتي مفاجأة وجود 
حبیبتھ أمام عینیھ عند التمثال. 
 تأتي الانتقالات التي یستطیع الباحث تسمیتھا (إخراجیة) في القصّة، 
فنرى انتقالاً سینمائیاً في شریط ذكریات البطل بتتابع سني حیاتھ وصولاً 
إلى عمره الكبیر في القصّة، و عودة الرّوائیّة الدكتورة الشعلان إلى 
انتقالات تأریخیة بعیدة في قصّة كلكامش و بحثھ عن عشبة الخلود و 
الحصول علیھا، وحصول سلیم الضّحّاك على حبیبتھ اختیاراً نفسیّاً رائعاً.. 
یعطي موقفاً بطولیاً أكبر لبطل القصّة، و یشد القارئ لمعرفة حیثیات 
حیاتھ. 
 إنّ مرض العاشقة كان سبباً لإظھار الدفین في شخصیة سلیم و حنانھ، 
كما كان دفتر ذكریاتھا سببا بإظھار شخصیات كثیرة في الرّوایة كان 
أھمھا سلیم نزیل الغرفة (48 (في المستشفى، و (ثابت) الشخصیة الجریئة 
بطل المقاومة.
 وتذھب بطلة القصّة إلى الحزن بوجود قبرین بقلبھا لوفا ذیب و ثابت.. و 
ھنا توریة عن الحزن الدفین بداخلھا الذي سنراه في مكان آخر 
أقوى..سیرد تفصیلھ لاحقاً... العمل مع شخصیة مثل عیسى الإقبالي.. 
یجعلھا تشمئز من فكره و أفعالھ السیئة فھو یطلب منھا ستر شعرھا، لكنھ 
یھتك شرفھا بكل سھولة، وھو بنفس سلوك شخصیة (أفراح الرّمليّ) الذي 
كان في المیتم حارساً، لكنھ ینتھك كل معاییر الشرف. كما وصل الأمر 
إلى مقارنة عملھا بالمبغى بما عاشت في المیتم. 
(ھملان أبو الھیبات) و شخصیات أخرى تشیر إلى الإخفاق النفسيّ 
والمرض الجسدي النفسيّ الذي یعانیھ البعض.. وصولاً إلى نھایات 
الرّوایة نستطیع الخروج من التسع و عشرون لیلة و لیلة (إنّ صحّ تعبیرنا 
عنھا بذلك) إنّ الرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان نقلتنا في الجانب النّفسيّ 
إلى الآتي : 
1 .القلق النفسيّ الذي عاشھ أبطال الرّوایة. 
2 .الجنس و دوره في لاشعور أبطال الرّوایة وفقا لنظریة فروید في 
التّحلیل النفسيّ. 
3.مراحل التطور في (ھرم ماسلو) للحاجات النّفسیّة بدءاً بالحاجات 
الفسیولوجیة مرورا بالحاجة للأمن، وصولا إلى ما ذھب إلیھ البطل 
من تحقیق الذات في ھجرتھ إلى خارج الأرض التي نشأ بھا. 
4 .التأكید على أھمیة (الوطن) إذ أخذنا بنظر الاعتبار (التوریة في 
القصّة) باعتبار (بھاء) الوطن السلیب بالمرض اللعین.. و (بربارا) 
المحتل الذي یحاول إغواء (سلیم الضّحّاك) بكل الوسائل كي یبعده 
عن أرضھ الحقیقیة 
و حبھ. 
5 .الأمراض النّفسیّة التي یحملھا بعض شخوص الرّوایة و التي تحتاج 
لعلاج تركتھ الرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان لذھن القارئ اللبیب 
الذي یستطیع إیجاد المخرج و العلاج لبعض الشخوص المریضة. 
6 .ذكاء البطل (سلیم الضّحّاك) في ایجاد الوسائل الملائمة للحصول 
على حبیبتھ من خلال إشعال وسائل التواصل الاجتماعي بصوره و 
نشر صوره على الكتب علّ و عسى أن تجده الحبیبة الغائبة. 
7 .التوظیف النفسيّ للتمثال كي یبرز بدور الدلیل لإیجاد الحبیبة بینما لم 
تستطع الشخوص البشریة إن توصل سلیم الضّحّاك إلى حبیبتھ. 
8 .في العلوم النّفسیّة والتّربویّة تعد الذّاكرة ببعدین ذاكرة بعیدة المدى 
وذاكرة قریبة المدى، و قد وجدنا كیف أن الذّاكرة البعیدة تعمل لدى 
أبطال الرّوایة و قد سجلت (بھاء) كلّ ما مرت بھ على الورق، 
وكان لذاكرة البطل البعیدة و القریبة دور في تذكر الأحداث.
9.لقد عملت الدكتورة سناء الشعلان، بالتصویر النفسيّ الرّوائيّ كما 
أسلفنا عمل المخرج المبدع بالانتقالات بین الصّور المتخیلة للرّوایة، 
بل أنھا نقلت المتلقي إلى صور حقیقیة عندما تحدثت عن العلاقة بین 
باربرا مثلاً و الضّحّاك أو بین بھاء و الضّحّاك، وكذلك في تصویر 
علاقات الرّمليّ مع الساكنات بالمیتم و حتى بعلاقتھ مع مدیرة 
المیتم، في انتقالات متمیزة تشغل خیال القارئ، وھذا لوحده یعد 
عامل جذب نفسيّ في الرّوایة. 
10 .ختاماً: إنّ النّھایات المفتوحة في الروایات تفتح الباب أمام 
المتلقي، وتفتح باباً للراویة في إنشاء مدخل آخر لقصّة جدیدة، و ھذا 
لیس بجدید على الرّوائیّة المبدعة الدكتورة سناء الشعلان بما قدّمت، 
واشتغلت، وأشعلت أفكار القارئین والنقاد على السّواء بما قدّمت، و 
تقدم.
  • التّحلیل النّفسيّ لروایة (أدركھا النّسیان)  للرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان
  • التّحلیل النّفسيّ لروایة (أدركھا النّسیان)  للرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان
  • التّحلیل النّفسيّ لروایة (أدركھا النّسیان)  للرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان
  • التّحلیل النّفسيّ لروایة (أدركھا النّسیان)  للرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان
  • التّحلیل النّفسيّ لروایة (أدركھا النّسیان)  للرّوائیّة الدكتورة سناء الشعلان