رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

كورونا والتعليم عن بعد .. بين نجاح العملية التعليمية وفشلها

كورونا والتعليم عن بعد .. بين نجاح العملية التعليمية وفشلها
جوهرة العرب - فرات علاونة وماجد الخالدي

ألقت جائحة كورونا بعد اجتياحها للعالم أجمع، بتأثيراتها على جميع اتجاهات الحياة البشرية، حيث فرضت الجائحة عادات وأساليب جديدة للتعايش، بعيدا عن التواصل المباشر لمنع أي فرصة تساهم بتفشي الفايروس واستمرار تناقله.

القطاع التعليمي كان أحد القطاعات التي تأثرت بجائحة كورونا، حيث أدت الجائحة إلى إنهاء التعليم الوجاهي في غالبية دول العالم، وتحولت العملية التعليمية إلى العالم الإلكتروني، عبر التعليم عن بُعد "اون لاين".

وكغيرها من الأحداث التي تجتاح الشارع بشكل مفاجئ، أصبحت عملية التعليم عن بُعد في الأردن محط جدل وتناقض في الآراء حول مدى نجاح العملية، إذ يرى البعض أن العملية نجحت بالمقارنة مع الظروف الراهنة، بينما يرى البعض الآخر أن العملية فشلت وأدت إلى تراجع مستوى التعليم.

عضو هيئة التدريس في جامعة مؤتة الأستاذ الدكتور صداح الحباشنة يؤكد بأن العملية التعليمية "عن بُعد" لم تكن بالمستوى المطلوب، ولم تراعي احتياجات الطلبة بالشكل الكافي .

يضيف الدكتور الحباشنة : "ومع ذلك، الا ان الظروف الراهنة التي رافقت جائحة كورونا والتداعيات الناتجة عنها، تجعل من التعليم عن بُعد خيار لا بديل عنه".

عضو هيئة التدريس بجامعة البلقاء التطبيقية الدكتور مفضي المومني يقول ان التعليم الالكتروني موجود منذ زمن، وكان يستخدم لوحده او بشكل مدمج مع التعليم التقليدي، وهنالك جامعات ومؤسسات تعليمية تستخدم التعليم عن بعد بكل نشاطها التعليمي، من خلال التعليم الإلكتروني وأدواته وبرامجه. 

يضيف الدكتور المومني : "وقد برزت اهميته مع الإغلاقات والحظر التي صاحبت جائحة كورونا، وفي البداية لم تكن للجامعات ولا للطلبة الخبرة الكافية لأستخدام التعليم الإلكتروني لأننا تعودنا ووثقنا بالتعليم التقليدي فقط، مع ان برمجيات التعليم الإلكتروني وبعض استخداماته موجودة في بعض جامعاتنا الوطنية منذ سنوات، البدايات كانت صعبه، وكما اسلفت الخبرات والتجهيزات وتغطية الانترنت ساهمت بذلك". 

يتابع الدكتور المومني : "ومع بداية الفصل الحالي استقرت الأمور في الجامعات ونستطيع القول أن الوضع جيد، مع بعض المحددات، والتي تندرج تحت عدم جدية الطلبة احيانا وكذلك قلة خبرة بعض أعضاء هيئة التدريس وكذلك عدم توفر الأجهزة أو خدمة الانترنت لدى الطلبة، إضافة لعدم وجود تفاعل كافي بين المحاضر والطلبة، وأيضا عملية التقييم والامتحانات والتي هي غير موثوقه ويسودها الغش لدى الكثير من الطلبة". 

ويؤكد الدكتور المومني : "ومع كل هذه المحددات وغيرها يبقى التعليم عن بعد واداته التعليم الإلكتروني الحل الوحيد لإدامة العملية التعليمية ولو بنسب قليلة ومختلفة من مؤسسة الى أخرى، ويسعى البعض حاليا إلى إدماج التعليم وجعل التعليم الإلكتروني جزء من العملية التعليمية بعد إنتهاء الجائحة، والخلاصة أعتقد أن الوضع حاليا جيد، وليس أكثر كما يتبجح البعض، فهو كتعليم قبلنا به جميعا وتوائمنا معه مدرسين وطلبة، ولنا الكثير من التحفظات عليه، ولكن مكره أخاك لا بطل، وأنبه أن لا نشطح كثيراً في إحلاله، لأن النتاجات ما زالت نظرية، تركز على الكم ولم تختبر النوع، فنحن بحاجة لسنوات لنختبر خريجي الأونلاين في سوق العمل ونحكم، وفي حالة الإدماج يجب أن لا تزيد النسبه عن 20% لمتطلبات الجامعة، وعلينا أن نركز على التعليم الإلكتروني التفاعلي كأولوية حاليا، لحين العودة للغرف الصفية، وكذلك تجويد الإمتحانات وتقليل عامل الغش ما أمكن" .

الدكتورة دانييلا القرعان مُدرِسة القانون الدولي في جامعة جدارا تقول بأن "الملاحظ في الأمر المستجد أن هذه الجائحة جاءت في وقت وزمن يعاني فيه الطلبة من أزمة تعليمية حقيقية، ناهيك أن هنالك بعض من دول العالم وحتى الدول العربية مستوى التعليم لديها متدني جدا، ونسبة المتعلمين فيها تكاد تحسب بالنسب وفي بعض الدول حتى وإن كان هنالك الكثير من الطلاب في المدارس والجامعات إلا انهم لا يتلقون فيها المهارات التعليمية الأساسية التي يحتاجون لها في حياتهم العملية".

وتطرح الدكتورة دانييلا القرعان الأسئلة :"ما هي الآثار السلبية المباشرة التي تثير لدينا القلق وبالذات في ظل هذه الأزمة المستجدة على الأطفال والشباب ومدى تلقيهم العلم بكافة مراحله؟ وما هو مقدار الخسائر الكبيرة في التعلم والتعليم في ظل هذا الوضع الراهن؟
هل تكمن الإجابة عن هذه الأسئلة هو عدم حصول الأطفال والشباب على أهم وجبة غذائية ألا وهي وجبة التعليم في ميدان المدارس والجامعات التي تنمي لديهم الذات والقدرات والقدرة على التواصل الحركي والمعرفي؟! وهل لانعدام المساواة في المنظومة التعليمية التي تعاني منها اغلب بلدان العالم الأثر السلبي في ظل هذه الظروف المستجدة؟ لا شك ان هذه الاثار السلبية ستصيب الأطفال الفقراء أكثر من غيرهم لعدم حصولهم على العلم والمعرفة بشتى الطرق".

وحول إمكانية حل هذه المشكلة تقول الدكتورة القرعان :"ما يمكن عمله لحل هذه المشكلة ولمواجهة هذه الظروف الطارئة والحد منها ومعالجة تداعياتها السلبية على المنظومة التعليمية هو الانتقال الى استراتيجيات التعلم والتعليم عن بعد، ففي بداية الجائحة واجه الأردن تحديات وصعوبات كبيرة تتعلق بمرحلة الانتقال من التعليم التقليدي الى مرحلة التعليم الالكتروني، وهذه التحديات كانت نابعة من ضعف البنية التحية والبنية التعليمية الالكترونية وقلة وجود الخطط البدلية لمواجهة مثل هكذا ظروف هذا من جهة، ومن جهة أخرى الأردن بلد قليل الموارد والامكانيات والخبرة الكافية لمواجهة مثل هكذا ظروف وخصوصا فيما يتعلق بالتعلم والتعليم عن بعد والأردن غير معتاد على مواجهة هذه الظروف الاستثنائية وغير معتاد على فرض قانون الدفاع وحالة الطوارئ وتقييد لحقوقه وحرياته وغير معتاد واتحدث عن النسبة الأكبر من أبناء الشعب الأردني على استخدام منصات التعلم عن بعد".

تواصل الدكتورة القرعان : "ان هذه التحديات والصعوبات التي واجهت المنظومة التعليمية في بداية الازمة لا تقتصر فقط على أبناء المدارس والجامعات، فهنالك جوانب أخرى لهذه المنظومة سواء كانوا جنود ظاهرين او خفيين لخوض غمار المعركة التعليمية الالكترونية، وكان لهم الأثر الأكبر لاستمرار التعليم والتعلم عن بعد وهم المحاضرين والاهل" .

وعن تجربتها تقول الدكتورة القرعان : "حسب تجربتي الاكاديمية لا أقول فشل التعليم والتعلم عن بعد أو نجاحه وإنما هو الحل الوحيد الآن في ظل هذه الظروف الاستثنائية وهي بالدرجة الأولى حماية للطالب من الاختلاط ونقل العدوى، في بادئ الامر لا ننكر التحديات والصعوبات التي واجهتنا جميعا سواء محاضرين او طلاب نتيجة للوضع الطارئ الذي حل علينا ولم نتمكن من الخضوع لدورات مكثفة للتعامل مع المنظومة التعليمية الجديدة لضيق الوقت لكن بعد مرور فترة وهذا هو الفصل الثالث تقريبا من التدريس عن بعد أصبحت الأمور اقل صعوبة واصبحنا سواء نحن او الطلاب اكثر انخراطا واندماجا مع التعلم عن بعد.

وتنهي الدكتورة القرعان : "في النهاية لا ننكر جميعنا نجاح العملية التعليمية عن بعد في هذا الوقت تحديد بالنسبة لطلاب الجامعات وفشلها للأسف بالنسبة لطلاب المدارس، وعلى جميع الأنظمة التعليمية مهمة واحدة وهي التغلب على ازمة التعليم التي تشهدها اغلب الدول الفقيرة والمتوسطة، والتحدي الأكبر والماثل اليوم هو التخفيف من الاثار السلبية لهذه الجائحة على التعلم والتعليم عن بعد، وهذه فرصة لتطوير أساليب التعليم بوتيرة أسرع، وعلينا سد الفجوات المعرفية في فرص التعليم، وضمان حصول جميع الأطفال والشباب على فرص جيدة ومتساوية بالتعليم" .

يتبع ..