أصدر "مركز تريندز للبحوث والاستشارات" دراسة جديدة بعنوان: "ترتيبات الأمن الأوروبي على ضوء الحرب الروسية-الأوكرانية .. أبعاد التأثير ومسارات المستقبل"، تتناول بالعرض والتحليل الترتيبات الأمنية التابعة للاتحاد الأوروبي، التي هي مختلفة عن تلك الخاصة بمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وعن تلك المتعلقة بحلف الناتو. وتأثير الحرب في ترتيبات الأمن الأوروبي من خلال ثلاثة أجزاء رئيسية؛ إذ يستعرض الجزء الأول بشكل مختصر ترتيبات الأمن الأوروبي في الفترة السابقة على التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا في فبراير 2022، ويحلل الجزء الثاني تأثير هذه الحرب في ترتيبات الأمن الأوروبية، بينما يقدم الجزء الثالث مناقشة لمستقبل الأمن الأوروبي خلال الفترة المقبلة.
وبيّـنت الدراسة التي أعدتها الدكتورة إيمان رجب، رئيس وحدة الدراسات الأمنية والعسكرية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الحرب الروسية-الأوكرانية قد دفعت الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في التهديدات والمخاطر ذات الأولوية وطبيعة السياسات التي يتعين تبنّـيها على مستوى الاتحاد، وفي العلاقة مع دول الجوار، وهو ما يمهد لنقلة نوعية في ترتيبات الأمن الأوروبي، قد نراها خلال السنوات المقبلة.
وأشارت إلى أنه رغم صعوبة تحديد أبعاد هذه النقلة النوعية التي ستظل قيد التشكل في ظل تطورات الحرب الروسية-الأوكرانية، فإنها من المتوقع أن تقدم إجابات محددة عن طبيعة دور روسيا في ترتيبات الأمن الأوروبي، وعلاقة تلك الترتيبات بحلف الناتو، فضلاً عن وضع إطار براغماتي للعلاقات الأمنية بين دول الاتحاد ودول الجوار.
وأوضحت الدراسة أن تقديرات المتابعين والمهتمين بالسياسات الأمنية والدفاعية للاتحاد الأوروبي تختلف حول كيفية تأثير الحرب الروسية - الأوكرانية على ترتيبات الأمن الأوروبي، فهناك من يشير إلى أن الحرب قد دمرت الأمن الأوروبي، ومن ثم ليس أمام الأوروبيين خيار سوى تعزيز دورهم في إطار حلف الناتو، بينما يرى آخرون أن هذه الحرب ستدفع الأوروبيين إلى تطوير نظام أمني أوروبي خالص مستقل عن حلف الناتو ولا يتأثر بالسياسات الأمريكية.
وذكرت أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا قد يكون متغيراً مهماً قد يدفع الأوروبيين لإحداث نقلة نوعية في ترتيبات الأمن الأوروبي، سواء فيما يتعلق بالتهديدات والمخاطر أو بالمصالح الأمنية المشتركة التي يسعى الاتحاد لتحقيقها على مستوى الأمن الداخلي؛ أي ما يخص أمن المواطن الأوروبي، أو على مستوى الأمن الخارجي للاتحاد من خلال الشراكة مع دول الجوار.
وأشارت الدراسة إلى أن الحرب الروسية قد أحدثت تغييرات جوهرية في البيئة الأمنية الأوروبية؛ فمن ناحية أعادت الحرب التقليدية إلى الحسابات الأمنية الأوروبية التي كانت قد تراجعت أهميتها طوال السنوات الماضية لصالح التهديدات الأمنية غير التقليدية. ومن ناحية أخرى أكدت هذه الحرب أن روسيا لاتزال وستظل طرفاً مؤثراً في ميزان القوى الأوروبي بشكل مباشر بالنظر إلى ترسانتها العسكرية، وبشكل غير مباشر من خلال دعمها العسكري لدول معينة في شرق أوروبا، مادامت هذه الدول لم تُدمَج في أي ترتيب أمني أوروبي ترعاه الولايات المتحدة أو لم تسعَ الدول الأوروبية لإنشائه بشكل مستقل في إطار الاتحاد الأوروبي.