رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

من يسمع أنين القاصرات في المخيبة

من يسمع أنين القاصرات في المخيبة
جوهرة العرب


من يسمع أنين القاصرات في المخيبة

علا عبد اللطيف

د.عواطف الحجايا  

المخيبة _بنظرة مجتزأة، اختزلت معاني الحياة الزوجية بلوحة ضيقة لا تتسع لأكثر من ارتداء "فستان أبيض” في حفل زفاف لا يدوم لأكثر من ساعتين، لتنتهي بعده حياة الطفولة، فيما لا يكاد يمضي وقت قصير حتى تظهر الصورة الخلفية للوحة التي تحمل حقائق التحول الطفولي الى الوعي المبكر، وبين القدرة على الإدراك وعدمه، تتعدد سيناريوهات القصة من اختيار مكره على الطلاق او استمرار قهري بالزواج.

قاصرات مطلقات ولم يمر على زواجهن شهور بسيطة او اقل  من عام ، حالة تعبر عن الخلط غير المقصود بين براءة العمر وعمق التجربة الفاشلة، فيما بطلاتها بين حنين العودة الى حياة اقرأنهن، وقيود الطلاق التي تفرضها نظرات مجتمع قد لا ترحم في مجتمع جدا قاسي دور جلد الذات .

في مثل هذه الأوضاع، تكمل العديد من القاصرات المطلقات في منطقة المخيبة الواقعة في لواء بني كنانة حياتهن، وفيما يواجه بعضهن قسوة الحياة بعزيمة العودة الى مقاعد الدراسة والبدء من جديد في حالة اجتماعية قد لا تنسجم وبيئة العملية التعليمية، تضطر أخريات وتحت سقف قيود العادات المهدومة، الى جلوس مفتوح المدة بمنزل والديها.

الحكاية لا تقتصر على مناطق المخيبة او الاغوار ، إذ إن زواج وطلاق القاصرات حالة عامة بالأردن، غير أن لمناطق الاغوار خصوصية التجربة التي تجعلها تخرج عن حسابات الأرقام والاحصائيات، ليس من منطلق الكثرة او القلة بعدد الحالات، ولكن من حجم المعاناة التي قد تواجه فتيات الأغوار باعتبارهن وان جاز التعبير ضحايا "الوجود اللاإرادي في مناطق العوز والتهميش.”
وتوكد رئيسة جمعية تلال المنشية في لواء الغور الشمالي تهاني الشحيمات "ان ما يقارب 80 % ممن تزوجن بسن مبكرة في المنطقة آل بهن الحال إلى الطلاق”، مبينة "ان مشكلة الزواج المبكر أصبحت ظاهرة تقلق المجتمع الأردني ككل ومنطقة الأغوار على وجه الخصوص وخصوصا المناطق النائية .”
وأضافت الشحيمات في حديثها  ) ان معظم هؤلاء الفتيات يتعرضن لضغوط اجتماعية ونفسية كبيرة نتيجة طلاقهن في سن مبكرة، مشيرة الى ظهور العديد من الأمراض الاجتماعية في منطقة الأغوار وخصوصا المخيبة الفوقا والتحتة وازدياد معدلات الانحراف والفساد الأخلاقي والذي انعكس بالمجمل على زيادة أعداد الجريمة.
وشددت  البشتاوي على ضرورة قيام المجتمع بواجبه تجاه هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي بين الأمهات والآباء عن إخطار الزواج المبكر والعواقب التي ستنعكس على الأسرة بشكل عام، موضحة ان العواقب غالبا ما تنعكس على الآباء والأمهات الذين يقعون ضحية لطلاق ابنتهم حتى وصلت الأمور في بعض الحالات الى طلاق الوالدين.
وقالت الشحيمات أن اسباب طلاق الزواج المبكر الى ان غالبية الفتيات اللاتي تزوجن مبكرا هن قاصرات ولا يعين ماهية الحياة الزوجية والمسؤوليات المترتبة عليها وعدم امتلاكها للوعي الكافي لبناء شراكة حقيقية مع الرجل، بما يلبي احتياجات الاسرة، مبينة ان صغر عمر الفتاة لا يمكنها من القدرة على القيام بواجباتها الزوجية والمنزلية ما يسهم في حدوث الخلافات التي غالبا ما تنتهي بالطلاق.
وقال عضو المجلس البلدي في منقة المخيبة الفوقا حسن الحردان على ضرورة منح الفتاة حقها الكامل في التعليم وعدم إخراجها من المدرسة لأي سبب كان، خاصة وأن نسبة كبيرة من هذه الفتيات يتجهن لسوق العمل في القطاع الزراعي والعمل في المسابح المنتشرة في منطقة المخيبة الفوقا والتحتا لمساعدة أسرهن ما يجعلهن عرضة للانحراف، الأمر الذي يدفع بالأهل إلى تزويجهن بسن مبكرة، مشددة على ضرورة العمل على تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية لأبناء المنطقة بما يمكنهم من بناء أسرة قوية ومتماسكة من خلال العمل على جذب المشاريع الاستثمارية  والاقتصادية التى تعمل على تشغيل ابناء المنطقة .
وبحسب مصدر مطلع فإن عدد حالات الزواج في المنطقة جدا عاليا ولكن لم يحدد الرقم قد تكون  العشرات في منطقة المخيبة البالغ عدد سكانها حوالي 5 الاف نسمة ، معظمها زواج مبكر، مضيفا أن أكثر من 80 % من هذه الزيجات تنتهي بالطلاق.
 
”.

عموم الظاهرة بالأردن وخصوصية التجارب

قبل الانتقال الى خصوصية الاغوار ومبررات زواج القاصرات ومعاناة طلاقهن، وتحديدا في اكثر البؤر معاناة من التهميش وهي منطقة المخيبة التي تتبع اداريا الى لواء بين كنانة وتحسب اجتماعيا واقتصاديا ومناخيا ضمن شريط الفقر الغوري، فإن التدليل على حجم الظاهرة بعومهما، يكشف عن أن عام 2020 قد سجل 185 عقد زواج و 47 حالة طلاق في الأردن يوميا.
وكشفت الأرقام الرسمية عن انخفاض "ملحوظ” في حالات زواج الفتيات دون سن 18 عاما في 2022، بنسبة 27.5 % عن العام 2021 بواقع يتراوح من 8037 إلى 5824 حالة زواج.
ولا يقتصر  زواج القاصرات على الاغواربشكل عام بل يمتد الى المحافظات الأخرى اذ ما زال الاردنين يعيشون حالة من الفزع، والخوف قبل حوالي ايام في محافظة المفرق  كشفت تحقيقات مدعي عام الجنايات الكبرى عن تسجيل جريمة قتل ، حيث أقدم أب يبلغ من العمر 48 عاما على قتل ابنته حرقا أثناء نومها بعد سكب البنزين حول فراشها وداخل غرفتها، مغلقا باب الغرفة بعد إضرام النار فيها. 
وقال مصدر أمني مقرب من الحادثة إن المغدورة تبلغ من العمر 19 سنة، هي أم لطفلين صغيرين، كانت قد تزوجت في عمر  16 سنة، إلا أنها انفصلت عن زوجها الأول بعد مرور عام على زواجها، لتعود وتتزوج من رجل ثان انفصلت عنه قبل ارتكاب الجريمة. وتبين خلال التحقيق ان الفتاة قد تزوجت سابقا وانفصلت في المرتين  وهي قاصر .
وأضاف المصدر، أن والد المغدورة اعترف خلال استجوابه من قبل المدعي العام شكه بسلوك ابنته المغدورة، فقرر قتلها حرقا أثناء نومها، وعلى اثر ذلك قام بتسليم نفسه الى المركز الأمني.
عدم اعتراف  المحاكم الشرعية بعقد زواج القاصرات رغم وجود حالات موكدة .
وأفاد مصدر مطلع من دائرة قاضي القضاة ان عشرات الحالات من الزواج تمر يوميا في  المحاكم الشرعية ولكن ذلك يأتي ضمن أطار قانون الأحوال الشخصية .  وانه يمر بعدة مراحل قبل الإفتاء بذلك والجلوس مع الطرفين كل على حدة. كما يتطلب ذلك موافقة الطرفين دون أي أجبار من الآخرين وتمر بعدة مراحل مختلفة .كا الإصلاح الأسري وتنتهي با اخذ الموافقة من دائرة قاضي القضاء  كما ان الأمر ليس سهلا كما يعتقد الآخرون.
   بطبيعة الحال، تدخل منطقة المخيبة والمقسومة الى بلدتين المخيبة الفوقا والتحتا ضمن هذه الاحصائيات والارقام، ومع غياب تحديد دقيق لحصتها الرقمية، يبقى التعرف على قصص طلاق القاصرات هو الابرز، من خلال روايات فتيات عايشن التجربة بكل تفاصيلها وحيثياتها تم سردها لفريق العمل ..

الفقر.. ذريعة أم سبب رئيسي في زواج القاصرات ؟

تقول  الستينية  ام ماجد من سكان المخيبة الاكثر فقرا وعزلة، تصف في حديثها للفريق ” اوضاع الأسر بـ”المأساوية”، حيث تعاني غالبية الشباب من البطالة، كما أن عددا لا بأس به من ارباب الاسر اما مسجونين لسبب أو لآخر، أو متعطلين عن العمل
تقول في حديثها "المنطقة تفتقد الى كل شيء، وغياب الخدمات انعكس على حياة السكان اليومية ومستقبل ابنائها وبناتها اذ تقتصر المنطقة على عدة مدارس  محددة وعدد بقالات لا يتجاوز الخمسة  و5 باصات خط تتوقف تلك الباصات الساعة السادسة مساء عملها  كما ان غياب المشاريع الاستثمارية  والاقتصادية  حال من قدرة الاهالي على تربية بناتهم ليجدوا ان الزواج هو الحل لتخفيف من الاعباء المالية المترتبة عليهم في ظل الظروف المالية الصعبة التى يعاني منها أهالي المنطقة .”

وتتابع في حديثها والدموع تنهار من عيونها "هناك عدد كبير من الفتيات يتزوجن بسن مبكر بعضهن دون سن الـ14 عاما، مقابل ارتفاع حالات الطلاق لتلك الزيجات، اضافة الى وجود حالات عنوسة كثيرة بين الشباب والشابات.”

وتوضح ام ماجد في متن حديثها اسباب الزواج المبكر الى غياب الخيارات عند فتيات المنطقة، بعد ان تصبح الفتاة عبئا على اسرتها، فيما يعد الزواج خيارا للتخلص من التواجد المكلف بمنزل العائلة.

ام ماجد التي بدا عليها اليأس مما وصلت اليه حال المنطقة وسكانها تجد في مناشدة ما أسمتهم بـ”أهل الخير” طريقا للحد من المعاناة المستمرة. تقول اغلب بنات المنطقة مطلقات او جلسات في منازل ذويهن خوفا من كلمة الطلاق.

ورغم معالم الفقر وغياب الاهتمام الواضحة في المنطقة نلتفت  يمين وشمال لنجد فتيات جلسات مع بعضعن البعض لا يمارسن أي نوه من النشاط سواء مناقشة الهموم والأحاديث على امل العودة الى أزواجهن  وهناك حالات سجلت وغادرت المنطقة دون أي عودة
تقول الثلاثنية  علا علي غياب المشاريع واهمال وتهميش المنطقة حوّل معظم الاسر الى اسر فقيرة، معتبرة ان وجود مشاريع تستقطب الفتيات سيكون له الاثر الكبير في الحد من زواجهن المبكر، لافتة الى ان هناك فتيات يرغبن في اكمال دراستهن بعد الصف العاشر في تخصصات مهنية غير ان غياب مدرسة تضم هذه التخصصات تجبر الفتيات على الجلوس بالمنزل بانتظار الزواج من اول عريس وقد يكون ذلك العريس محمل على اكتافة العديد من اقيود الأمنية وفي حال حضور وطلب الزرواج يتغاضى الاب عن ذلك المهم التخلص من البنت .

وتتابع "لا يوجد ما تفعله الفتيات بعد الوصول الى سن معين غير الجلوس بالمنزل، فإكمال الدراسة خيار غير متوفر لمن يرغبن بالتخصصات الفنية، فيما الالتحاق بمدارس خارج المنطقة امر مرفوض عند العديد من الاسر ماديا واجتماعيا.”

وتكشف الاربعنية أم احمد عن أن هناك زيجات لقاصرات تمت عن طريق ما اسمته بـ”التزوير” وفيما امتنعت عن كشف التفاصيل بررت هذا التصرف الذي يتبعه بعض أولياء الأمور لتزويج القاصرات بـ”ضيق الحال والعوز الشديد”، قائلة "الزواج يعد سترة للفتاة في المنطقة موكدا تعرض العديد من الفتيات في المنقطة للضرب المبرح والحبس وعدم الخروج من المنزل  لا اجبارها على الزواج  رغم رفضها .”

وبين أزقة الشوارع والبيوت القريبة  تفاجاء الفريق بسيدة تلاحقنا وهي تلبس  الخمار الشرعي رافضا الكشف عن هويتها خوفا من الملاحقة  العائلية ، تكشف عن طريقة واسباب تزويجها لابنتيها في سن مبكر قائلة” عندما يصل الامر الى صعوبة تأمين الاكل والشرب لأفراد الاسرة، فإن زواج البنت افضل من جلوسها بمنزل لا يؤمن لها ابسط امور الحياه وهو الاكل.”

وتتابع الام التي فضلت عدم نشر اسمها” زوجت ابنتها في عمر مبكر، لزوج يكبرها حوالي 20 عاما وتقول وهي تبكي بحرقة والم على ما فعلت اعرف اني ظلمتهما، ولكن ظروفنا صعبة ونعاني من شدة العوز والفقر والحاجة كما نعاني من مرض الصرع أي الشحنات الزائدة واشارت الاب يعاني من السرطان وتابعت في حديثها وهي تصرخ  وكانه تلك الصرخات تخرج من اعماق قلبها ما كان من الفريق الا السماع لها رغم الخطورة  التى تنتظرها  ، كنت اتمنى حياة مختلفة لابنتي لكن اوضاعنا لا تسمح”.  ,وتتابع
 
الأم التي أبدت ندما على ما اعتبرته "ظلما” بتزويج الفتيات في سن مبكر، خاصة وان بعض الزيجات يكون فيها الزوج اكبر بـ15 عاما من الزوجة واحيانا يكون متزوجا، تؤكد رغبة ابنتيها بالعودة الى المدارس التي حرمتا منها نتيجة الزواج.

وتشترط تعليمات منح الإذن بالزواج للفئة العمرية (15-18 عاماً) بألا يكون الزواج سبباً في الانقطاع عن التعليم المدرسي، إلا أن التحقق من توافر هذا الشرط يبدو مستبعداً في ظل عدم توفر الأرقام حول الملتحلقات بالتعليم في المدارس الحكومية والخاصة ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين.

وفي ورقة بحثية أعدتها جمعية معهد تضامن النساء وحملت عنوان "دور معايير منح الإذن بالزواج لمن هم أقل من 18 عاماً في الحد من تزويج القاصرات” ونشرت في وقت سابق توصلت الى "أن تزويج الفتيات المبكر يجعلهن من الناحية الفعلية فتيات غير مرغوب بهن على مقاعد الدراسة، ويزداد الأمر سوءاً في حالات الحمل وما ينتج عنه من مضاعفات ومشاكل صحية كونهن صغيرات، وما يترتب عليه من آثار كالغياب المستمر خاصة عند الوضع، ما يدفعهن الى الانسحاب من التعليم.”


إنهاء التعليم الأساسي يمهد الطريق للزواج المبكر

تحت بند "غياب المراكز والمدارس المهنية”، يفرض ملف الزواج المبكر نفسه، في ترابط غير منطقي، يدفع ثمنه ابناء المنطقة من كلا الجنسين، فبينما قد تجد الفتاه نفسها قد خرجت من مقاعد الدراسة الى بيت الزوجية بسن لا يتجاوز 16 عاما، فإن العديد من الشبان وبعد ان ينهوا المرحلة الاساسية يجدون انفسهم إما جالسين بالمنزل او ينضمون الى صفوف العمالة اليومية بمزارع المنطقة

سرين بكار ، كانت قد أجبرت على ترك مقاعد الدراسة بعد ان اصرت على دراسة تخصص مهني لا يتوفر بمدارس المنطقة
"رفضت والدتي فكرة اكمال دراستي بمنطقة أخرى، اجبرت على الجلوس بالمنزل وبعد فترة قصيرة صدمتني اسرتي بفكرة الزواج”

وتصف سرين تفاصيل قصة تزويجها بـ”المعقدة”، موضحة ان سنها الصغير لا يسمح لها بالزواج، إذ قوبل الطلب بالرفض وهو ما دفع والديها الى تقديم اوراق للمحكمة تثبت انهم فقراء ويحصلون على راتب معونة وطنية وانهم يعانون من مرض مزمن جدا وظروف مالية واسرية صعبة جدا وتم رفع الكتاب الى العاصمة عمان، وبعد شهر من تقديم المعاملة جاء الرد بالموافقة.”

تقول "شهور بسيطة على زواجي المبكر حتى انتهى بالطلاق، خرجت من منزل والدي وحدي بحجة الظروف الصعبة ورجعت اليه الآن واحمل في احشائي طفلا”
سرين تعاني كل يوم من تجربتها القاسية وتتذوق مرارة الايام، تراقب صباحا ومساء ذهاب زميلاتها وعودتهن من المدرسة، بينما احلام العودة الى الدراسة تحولت الى حسرات تحرق قلبها.

حسنة العيد وهي فتاة تبلغ من العمر 17 عاما ، اذ كانت تحلم بدراسة تخصص تصميم ملابس، وهو تخصص متاح فقط لـ12 طالبة من طالبات مدرستها ممن حصلن على أعلى معدل.

تقول "انتهت احلامي بإكمال دراستي، وبدأت أحلم بالفستان الابيض، لم أجد من ينصحني، ولم يكن لدي اي خيارات، الآن انا مطلقة وأعيش ظروفا اجتماعية صعبة في اول عمري.”

وجدت نفسها وسط ما اسمته "حياة الضياع” تحمل مسؤولية ما حدث لها الى الجهات المعنية التي تهمل المنطقة وتترك بناتها

ففي واحدة من اغرب حالات الزواج من قاصرة، لم يجد الشاب محمد -اسم مستعار- حلا لأزمته المالية سوى الارتباط بإحدى الفتيات القاصرات من اجل اخراج دفتر عائلة ومن ثم المضي بأوراق استحقاق المعونة الوطنية على اعتبار ان لديه اسرة ولا يمتلك اي دخل

على وقع هذه الاوضاع، استمرت حياة محمد الزوجية بضعة اشهر، قبل ان تظهر المشاكل اليومية بينه وبين زوجته القاصر والتي من اهم اسبابها قلة الدخل وعدم القدرة على تلبية احتياجات المنزل اليومية، وفي سن مبكر يتطلب نضوجا مستحيلا من فتاة قاصرة لم تستطع الزوجة تحمل الاوضاع وانتهت الامور الى الطلاق لتضاف الى قائمة القاصرات المطلقات واللواتي من غير ذنب يدفعن الثمن مرتين.

وقال   مهتم و ناشط اجتماعي في منطقة المخيبة محمدعواد "ضرورة قيام المجتمع بواجبه تجاه هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي بين الأمهات والآباء عن اخطار الزواج المبكر والعواقب التي ستنعكس على الاسرة بشكل عام”، موضحة "أن العواقب غالبا ما تنعكس على الآباء والأمهات الذين يقعون ضحية لطلاق ابنتهم حتى وصلت الأمور في بعض الحالات الى طلاق الوالدين.”
موضحا اسباب طلاق الزواج المبكر الى "أن غالبية الفتيات اللاتي تزوجن مبكرا هن قاصرات ولا يعين ماهية الحياة الزوجية والمسؤوليات المترتبة عليها وعدم امتلاكهن للوعي الكافي لبناء شراكة حقيقية مع الرجل، بما يلبي احتياجات الاسرة”، مبينة "أن صغر عمر الفتاة لا يمكنها من القدرة على القيام بواجباتها الزوجية والمنزلية ما يسهم في حدوث الخلافات التي غالبا ما تنتهي بالطلاق.”

وشد على "ضرورة منح الفتاة حقها الكامل في التعليم وعدم إخراجها من المدرسة لأي سبب كان، خاصة وأن نسبة كبيرة من هذه الفتيات يتجهن لسوق العمل في القطاع الزراعي لمساعدة أسرهن ما يجعلهن عرضة للاستغلال، الأمر الذي يدفع بالأهل إلى تزويجهن بسن مبكرة”، مشددة على "ضرورة العمل على تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية لأبناء لواء الغور ومناطقه بما يمكنهم من بناء أسرة قوية ومتماسكة”.

حل المشكلة بأخرى أكبر

تعتبر المديرة التنفيذية لمؤسسة إنقاذ الطفل (الأردن) ديالا الخمرة أن "زواج الاطفال شكل من اشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، كما أنه انتهاك لحقوق الفتيات الاساسية”، لافتة إلى "أن التبعات السلبية لزواج الأطفال فهو من ناحية يحد من فرص الفتيات في التعليم والعمل ومن ناحية آخرى له مخاطر جمة على الصحة الجسدية للفتيات نتيجة الحمل والولادة في سن مبكرة”.

واشارت الى تبعات هذه الزيجات على الاسرة ككل قائلة "الطفلات في هذا السن غير قادرات على ادارة شؤون الاسرة وتربية وتنشئة الاطفال ما ينتهي في كثير من الأحيان بالطلاق”.

وحول الاسباب التي تدفع بالاسر لتزويج بناتهن قبل سن 18 تقول الخمرة "إنه لا يمكن حصر اسباب زواج الاطفال بجانب واحد فهي قضية لها اسباب اجتماعية واقتصادية متعددة ولكن غالبا ما يكون زواج الاطفال وسيلة تكيف سلبية للأسر للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها وفي احيان اخرى هي مسألة ترتبط بمعتقدات او موروثات اجتماعية تحبذ الزواج في سن مبكر.”

وتضيف، "من خلال برامجنا نعمل على توعية الفتيات والاهالي بتبعات زواج الأطفال وأن هذا النوع من الزيجات ليس حلا لاي مشكلة انما خلق لمشاكل جديدة”

وتوضحت، "أن عمل المؤسسة يشمل الجانبين الوقائي والتدخلات تجاه الفئات الاكثر هشاشة وعرضة لهذه المشكلة وذلك ضمن نهج شمولي يضم الطفلات أنفسهن وأسرهن والمجتمع المحيط

  • من يسمع أنين القاصرات في المخيبة
  • من يسمع أنين القاصرات في المخيبة
  • من يسمع أنين القاصرات في المخيبة
  • من يسمع أنين القاصرات في المخيبة