شهد قطاع السياحة تعافياً لافتاً خلال الأرباع الثلاثةالأولى من العام الماضي 2023، وتجاوزت أعداد السياحالرقم الذي تم تسجيله عام 2019، أي قبل تفشي وباءكورونا.
وتشير الإحصاءات الى أن قطاع السياحة بما في ذلكالدخل السياحي شهد نمواً بنسبة وصلت الى 30% خلال الاحد عشر شهراً الأولى من العام الماضي، ووصلعدد زوار المملكة الى حوالي 5.9 مليون زائر، وبلغتإيرادات القطاع حوالي 4.9 مليار دينار، كما أن قطاعالمطاعم والفنادق حقق أعلى معدل نمو خلال الربع الثالثمن العام الماضي بنسبة بلغت 6.3%.
ووفقاً لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة فقدشهدت منطقة الشرق الأوسط عام 2023 وقبل اندلاعالحرب على غزة طفرة في عدد الزوار وتجاوزت مستوياتما قبل وباء كورونا بنسبة 20% .
تعد السياحة في الأردن احدى أهم الروافد الاقتصاديةوتؤدي دوراً محورياً في رفع نسبة النمو وتوليد فرصالعمل فهي تساهم بحوالي 15% من الناتج المحليالإجمالي وتشغل ما يقارب 55 الف شخص، كما أنهااحد محركات النمو الثمانية في رؤية التحديثالاقتصادي " الأردن وجهة عالمية"، هذا بالإضافة الىارتباطاتها الامامية والخلفية مع العديد من القطاعاتالاقتصادية الأخرى، .
وأشار تقرير للبنك الدولي الى أن الحرب على غزة تؤثربشكل واسع على الاقتصاد الأردني خاصة في مجالالسياحة وتشكل تهديداً للأنشطة السياحية وايراداتها، وبين أن فئة السياح ليوم واحد والتي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 76% وتمثل حوالي 17% من اجماليالوافدين للمملكة ستكون الأكثر تأثراً لأنها عادة ما ترتبطبجولات سياحية في دول مجاورة .
كما أن بعض التقديرات المحلية أشارت الى انخفاضاشغال الفنادق بنسب قد تصل الى 60% هذا بالإضافةالى الغاء العديد من الحجوزات ورحلات الطيران، ويشيرتقرير البنك الدولي الى أن احتمالات انخفاض عائداتالسفر بنسبة تصل إلى 30-50% خلال الربع الأخير منالعام الماضي ستؤدي إلى عجز الحساب الجاري بنسبة0.4 – 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشير مصادر وزارة السياحة الى أن الغاء الحجوزاتبنسبة 60% تعني تراجع أعداد السياحة بما يعادل 200 الى 250 الف سائح، وتراجع الدخل بمبلغ يتراوح بين180 الى 200 مليون دينار شهرياً.
وفي ضوء الظروف الراهنة وما تشهده المنطقة مناضطرابات واستمرار العدوان على قطاع غزة تبدوالحاجة ملحة للحفاظ على ما يقوم به هذا القطاع من دورفي تعزيز متانة الاقتصاد الوطني، خاصة وأن قطاعالسياحة هو الأشد حساسية تجاه التطورات الإقليميةالسياسية منها والعسكرية.
وقد أكد جلالة الملك في وقت سابق على أهمية التعاونبين القطاعين العام والخاص للتكيف مع الظروف الراهنة، وتقوم الجهات الحكومية بتكثيف تواصلها مع القطاعالخاص لبحث التداعيات والسبل الكفيلة بمواجهة الازمةالراهنة في قطاع السياحة خاصة في حال استمرارالحرب او توسعها، كما أن مشروع موازنة العام الحاليتضمن زيادة المخصصات لدعم مشاريع هيئة تنشيطالسياحة بنحو 4.6 مليون دينار.
من المؤكد أن الظروف الاستثنائية تتطلب إجراءاتاستثنائية وقطاع السياحة الأردني واجه خلال الفتراتالماضية عددا من الظروف التي تشبه الى حد ما مانشهده حالياً واستطاع أن يتجاوزها وأن يتعافى خلالفترة قياسية الا أنه من الضروري أن تبادر الجهاتالرسمية الى اتخاذ إجراءات احترازية تساعد وتدعمالجهات الفاعلة في هذا القطاع لتمكينه من استيعابالتحديات التي يواجهها بما في ذلك تعزيز جهود الترويجوالتسويق والبحث عن أسواق بديلة وتوضيح ما تتمتع بهالمملكة من أمن واستقرار، كما أن مشاركة القطاعالخاص والمؤسسات الفندقية والسياحية في الارتقاءبجودة خدماتها وتخفيض الكلفة وتشجيع السياحةالداخلية سيكون لها أثر واضح على استمرار تعافي هذاالقطاع وتعزيز مشاركته في نهضة الاقتصاد الوطني.